أكد الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة اليوم الأربعاء حدوث وفيات بسبب الجوع، وبينما تتواتر التحذيرات داخليا وخارجيا من انتشار أوسع للمجاعة، دعا وزير إسرائيلي لمنع إدخال المساعدات للقطاع المحاصر الذي يتعرض للشهر الخامس إلى حرب مدمرة.
وقال المتحدث باسم الهلال الأحمر رائد النمس للجزيرة إن قطاع غزة يشهد مجاعة حقيقية أدّت إلى وفاة عدد من الفلسطينيين.
وحذّر النمس من أن ما يحدث في شمالي قطاع غزة سيمتد إلى مناطق أخرى منه، مشيرا إلى تراجع في إدخال المساعدات إلى مناطق الشمال.
كما أشار إلى “تقارير صادمة” عن أن الفلسطينيين لا يجدون الأكل والماء.
وأكد المتحدث الفلسطيني أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف من يحاول إدخال المساعدات إلى القطاع.
وتأتي تصريحات الهلال الأحمر الفلسطيني في وقت تتزايد فيه نداءات الاستغاثة من فلسطينيين محاصرين لإنقاذهم من الموت جوعا، كما تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لتزاحم حشود كبيرة على كميات محدودة من المساعدات التي يُسمح بدخولها للقطاع.
وفي مقابل الدعوات لسرعة إغاثة الفلسطينيين، قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إنه يجب التوقف عن إدخال أي مساعدات إلى غزة ما دامت إسرائيل غير قادرة على تحقيق أي شيء لمن سماهم المخطوفين، في إشارة إلى الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.
مرحلة متقدمة
وكان مدير الإعلام الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة قال أمس الثلاثاء إن سكان غزة دخلوا مرحلة متقدمة من المجاعة.
وأضاف الثوابتة، في مقابلة مع الجزيرة، أنه لم تدخل منذ 10 أيام سوى 9 شاحنات مساعدات، وناشد فتح معبر رفح فورا لإدخال المساعدات العاجلة إلى القطاع.
وبسبب شح المساعدات، اضطر فلسطينيون في شمالي القطاع لطحن علف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة.
وقد رصدت كاميرا الجزيرة مظاهرة بالأواني الفارغة لأطفال في شمالي القطاع، تطالب بإدخال المواد الغذائية.
كما أظهرت مشاهد حصلت عليها الجزيرة تجمع آلاف من الفلسطينيين في منطقة الشيخ عجلين على شارع الرشيد غربي مدينة غزة، بانتظار وصول عدد محدود من الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية من الطحين.
وتوثّق الصور حجم ومستوى المجاعة التي وصل إليها سكان القطاع، حيث توافد آلاف منهم إلى هذه النقطة رغم معرفتهم بوجود آليات إسرائيلية تطلق النار والقذائف باتجاه كل من يصل إلى المكان.
وفي النهاية لم يحصل معظم المتجمعين على مرادهم بسبب محدودية المساعدات.
ومؤخرا استشهد عشرات الفلسطينيين بنيران قوات الاحتلال عند دوار الكويت في محيط مدينة غزة عندما كانوا ينتظرون دورهم للحصول على بعض المساعدات.
ويؤكد الفلسطينيون أن قطاع غزة بحاجة لنحو 1000 شاحنة مساعدات يوميا، في حين لا تدخل حاليا سوى بضع شاحنات يوميا.
وقف المساعدات
في غضون ذلك، وصفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم الأربعاء تعليق برنامج الأغذية العالمي المساعدات لشمالي قطاع غزة بأنه تطور خطير سيضاعف معاناة السكان.
وقالت الحركة في بيان لها إن تعليق برنامج الأغذية العالمي المساعدات لسكان القطاع “تسليم بالواقع الذي يفرضه العدو على شعبنا لإبادته”، داعية الوكالات الأممية إلى الضغط على الاحتلال عبر الإعلان عن العودة للعمل في شمالي القطاع.
وكان البرنامج الأممي أعلن أمس الثلاثاء أنه أوقف مؤقتا تسليم المساعدات الغذائية لسكان شمالي القطاع إلى أن تسمح الظروف بتوزيعها بشكل آمن، مشيرا إلى أن عددا أكبر من الناس سيواجهون خطر الموت جوعا.
وتعليقا على القرار، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن برنامج الأغذية اضطر لوقف تسليم المساعدات لمناطق شمالي قطاع غزة مؤقتا بسبب الوضع الأمني.
من جانبه، قال رئيس مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية أندريا دي دومينيكو للجزيرة إن الوضع ميؤوس منه في غزة، وإن عمليات المكتب صارت محدودة، مشيرا إلى أن حشودا كبيرة تنتظر المساعدات الأممية شمالي القطاع.
وقال المتحدث الإقليمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) سليم عويس للجزيرة اليوم إن 1 من كل 6 أطفال في شمال قطاع غزة يعانون من سوء التغذية.
وأضاف عويس أن إدخال المساعدات دون قيود أو شروط أصبح ضرورة ملحة لسكان القطاع، مشيرا إلى أن المساعدات التي تصل إلى غزة غير كافية نهائيا، وأن ما يعيشه سكان وأطفال القطاع حاليا هو نتيجة مباشرة لنقص المساعدات.
كما قالت المتحدثة باسم المنظمة تيس إنغرام، في اتصال مع الجزيرة، إن الأزمة الإنسانية تتفاقم خاصة في شمالي قطاع غزة، وإن الأطفال يواجهون الجوع.
وفي السياق، وصفت مستشارة التواصل بالمجلس النرويجي للاجئين في فلسطين “شينا لو” الوضع في غزة بأنه خطير للغاية، مشيرة إلى أن الناس يواجهون المجاعة خصوصا في شمالي القطاع.
من جهته، طالب المدير الإقليمي للإعلام في اليونيسيف لمنطقة الشرق الأوسط عمار عمار -في مقابلة مع الجزيرة- بدخول المساعدات بشكل آمن ومستدام إلى جميع أنحاء القطاع، مشيرا إلى أن نحو 90% من أطفال غزة يعانون سوء التغذية.
وفي الإطار، أكدت المديرة التنفيذية لمنظمة “أوكسفام أميركا” آبي ماكسمان على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار لمنع تدهور الوضع الإنساني أكثر في قطاع غزة، وقالت إنه لا توجد مواد غذائية أساسية في القطاع، وإنها تنفد بسرعة كبيرة.