باتت سياحة التخييم ورحلات السفاري من الأنشطة السياحية المتنامية على مستوى العالم في ظل رغبة أعداد كبيرة من السياح في العودة إلى الطبيعة والبعد عن أنماط الحياة الحديثة وضغوطها.
وفي ظل تعدد وجهات سياحة التخييم والسفاري في العالم والمنافسة القوية في هذا القطاع تمتلك دولة قطر العديد من المزايا التي ترجح كفتها بالنسبة لأعداد كبيرة من عشاق هذا النوع من السياحة، في مقدمتها توافر الأمن الذي يعتبر عنصرا حيويا بالنسبة لسياح التخييم والسفاري.
وتحتل قطر المركز الثاني على مؤشر الأمن العالمي لعام 2023 من بين 133 دولة، وهو ما يعطيها ميزة نسبية مهمة خاصة بالنسبة لسياحة التخييم والسفاري.
موقع مميز
وإلى جانب توافر الأمن والأمان بأعلى المعايير يسهّل موقع قطر الجغرافي وشبكة الطيران العالمية التي تربط بين الدوحة ومختلف دول العالم وصول عشاق سياحة التخييم إلى قطر، ويمنحها ميزة إضافية في مواجهة المقاصد المنافسة.
وقبل كل ذلك فإن ما تمتلكه قطر من مقومات طبيعية وبشرية يجعلها وجهة مثالية لسياحة التخييم، فالبيئة القطرية توفر عددا من الأماكن المناسبة للتخييم وأنشطة البر، مثل الغارية وفويرط في شمال البلاد وسيلين وخور العديد جنوبها والذخيرة وسميسمة في الشرق ودخان والخرايج وزكريت في الغرب في ظل أجواء مميزة وخدمات ومرافق متنوعة، بعضها مخصص للعائلات وبعضها متاح للجمهور العام.
ويبدأ موسم التخييم في قطر رسميا في بداية نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام ويختتم بنهاية أبريل/نيسان، لكن تحسن الظروف الجوية في السنوات الأخيرة جعل من النصف الأخير من سبتمبر/أيلول ومطلع أكتوبر/تشرين الأول موسما فعليا للراغبين في الاستمتاع بالطبيعة الساحرة.
وفي تقليد سنوي متوارث عبر الأجيال يهتم سكان دولة قطر بهواية التخييم أو ما يطلق عليه شعبيا “كشتة”، حيث النزوح إلى الطبيعة خلال فصلي الشتاء والربيع، والحياة في خيام تنصب بعيدا عن مناطق العمران أو في بيوت متنقلة “كرافان”.
وعلى هامش موسم التخييم يتم تنظيم معرض “كشتة” المتخصص في لوازم الرحلات البرية والبحرية ومعدات التخييم، وهو معرض تابع لوزارة الرياضة والشباب، والذي يعقد بمقر مركز شباب سميسمة والظعاين، وتشارك فيه شركات ومؤسسات متخصصة في مجال الرحلات البرية والبحرية، ويزود هواة التخييم باحتياجاتهم الأساسية.
وتعتبر منطقة سيلين من أشهر مناطق التخييم الساحلي، إذ توجد مساحات شاسعة تناسب هذا النشاط في خور العديد أو ما يسمى “البحر الداخلي”، حيث الكثبان الرملية ذات التشكيلات الفريدة، ويمثل التقاء الصحراء بالبحر لوحة استثنائية تضفي لمسات سحرية فريدة على المكان.
وينظم محبو التخييم ورحلات سفاري البر خلال فصلي الشتاء والربيع عددا من الأنشطة المصاحبة، مثل استعراض المركبات على الكثبان الرملية، إلى جانب ركوب الخيل والجمال و”البطابط، أو بيتش باجي” وحفلات الشواء الليلية.
فعاليات متنوعة
ويعد شاطئ الغارية في شمال قطر أحد أفضل مواقع التخييم التي يمكن القيام فيها بمجموعة متنوعة من الفعاليات في قطر، وهو موقع رائع لعطلة نهاية أسبوع هادئة بعيدا عن الصخب وأمام مياه صافية وشاطئ رملي ناعم.
ويعتبر “خليج المجرة الأساسية” موقعا مثاليا لتصوير غروب الشمس فوق المحيط، إذ يوفر إطلالة رائعة على المياه، ويمكن خلال فترة من العام التقاط صور رائعة لمجرة درب التبانة متقوسة فوق المياه في مشهد خلاب.
ولتجربة تخييم صحراوية فاخرة في قطر يمكن قضاء الليل بالقرب من الشاطئ وفي حضن الرمال المترامية لكن بمذاق ضيافة مميز وإلى جانب نيران تخييم مشتعلة في “ريجنسي سيلين كامب”.
ويمنح المخيم زائريه تجربة صحراوية برفاهية 5 نجوم، إذ يوفر غرف إقامة مكيفة بتصميم داخلي عربي تقليدي مليئة بوسائل الراحة الفندقية.
تجارب ممتعة
ولراغبي الحفلات يوفر الفندق مجموعة من الحفلات التي تمتد أحيانا إلى ساعات شروق الشمس، ويمكن حينها الاستمتاع بشروق مذهل فوق البحر والصحراء، كما يوفر المخيم أنشطة مختلفة لجميع الأعمار.
وللراغبين في إيقاع أكثر أصالة يمكن الاستمتاع بالصحراء في “مخيم سراب” في خيام فسيحة مكيفة وتجربة ضيافة فندقية 5 نجوم، فضلا عن مجلس وشاطئ خاص وملعب داخلي.
وتوفر “أوت دور 369” تجربة تخييم راقية تحتوي على مساحة خارجية واسعة مؤثثة بذوق راق مع كل احتياجات رحلة تخييم مميزة، كما يمكن حجز التخييم ليلا مع “أدفنشرز 365” (365 Adventures) في الصحراء مع إطلالة على البحر، إذ تتكفل الشركة السياحية بكافة الترتيبات مع تقديم وجبات في تخييم مميز على المحيط، فضلا عن توفيرها خدمات نقل وتوصيل مميزة، إلى جانب مجموعة متنوعة من الأنشطة الصحراوية.
وخلال الرحلات الصحراوية يمكن لرواد موسم التخييم الاستمتاع بتجربة ركوب دراجات الدفع الرباعي، ولا سيما في منطقتي سيلين (جنوبي الدوحة) والغارية (شمالي الدوحة)، مع التقيد بإجراءات السلامة التي تحددها الجهات المعنية حفاظا على سلامة الشخص والآخرين.
وعادة ما يستثمر موسم التخييم في غرس الهوية والتراث القطري، ولا سيما في نفوس الأطفال، وتشارك مراكز مهتمة بالتراث مثل مركز نوماس في توعية الأطفال وتدريبهم على عدد من عادات الشعب القطري وتقاليده، من بينها التعريف بالآداب العامة للمجلس، بما في ذلك استقبال الضيف والترحيب به وإكرامه، وآداب الحديث وعمل القهوة والأدوات المستخدمة في إعدادها.
وللحرف الشعبية التراثية حضور لافت في مواسم التخييم التي تنظمها الدولة، إذ تعرض عددا من المنتجات اليدوية القديمة والألعاب الشعبية القديمة والتراثية، والتعريف بالعرضة القطرية وتراث تربية الصقور وصيدها، لتقريب هذه الحرف والاهتمامات التراثية من نفوس الناشئة والشباب.