على طول خط يمتد ألف كيلومتر، يحتدم القتال العنيف بين روسيا وأوكرانيا، لكن الخبراء يعرفون أن الغلبة لروسيا في مرحلة حرجة من الحرب، مما جعل أوكرانيا تسابق الزمن لتوفير حاجتها من الذخيرة، خاصة من قذائف المدفعية، السلاح الأساسي في القتال الدائر.

ونقلت صحيفة “لافانغوارديا” الإسبانية تقديرات معاهد ومراكز عسكرية غربية تقول إن الجيش الروسي يطلق 10آلاف قذيفة مدفعية يوميا، مقابل ألفي قذيفة يطلقها جيش أوكرانيا باعتراف وزير دفاعها رستم عمروف.

وتقول “لافانغوارديا” إن شح القذائف متوسطة المدى -وهو النوع الذي تحتاجه أوكرانيا حاليا- يضر بالجهد الحربي في لحظة حرجة تتوقع فيها كييف هجوما روسيا واسعا قريبا.

وظهرت آثار هذا الشح واضحة في جبهات الجنوب والشرق، وزاد الطين بلة تراجع جهد التعبئة، الذي يتردد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في توسيعه خشية التذمر الشعبي.

تعرف على أبرز الأسلحة المستخدمة في الحرب الروسية على أوكرانيا

وحسب الصحيفة، أتاح التفوق الناري والعددي لروسيا السيطرة على أفدييفكا في إقليم دونيتسك وهي بلدة احتدمت فيها المعارك حتى قبل بداية الحرب الروسية على أوكرانيا يوم 24 فبراير/شباط 2022، وانسحب منها الجيش الأوكراني بأمر من القيادة العليا.

وتقول الصحيفة إن كييف تتطلع إلى خطة تشيكية لشراء 800 ألف قذيفة من دول خارج الاتحاد الأوروبي، وإن 18 دولة حليفة، بينها ألمانيا والسويد وهولندا، التزمت بالمساعدة في تمويلها.

وقال رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال خلال زيارة إلى لوكسمبورغ -الأسبوع الماضي- إن بلاده تعول على هذه الخطة لتكون لها بداية من هذا الشهر قوة ردع كافية، لكن تصريحه يبدو موغلا في التفاؤل حسب “لافانغوارديا”، فعمليات الشراء معقدة، والتشيك لا تتوقع اكتمال الكميات قبل يونيو/حزيران القادم.

حلول مؤقتة

وتضيف الصحيفة الإسبانية أن الوقت يضغط، وطرق الإمداد إما معطلة أو بطيئة، كما هو شأن حزمة مساعدات أميركية قيمتها 6 مليارات دولار تبقى حبيسة مجلس النواب الأميركي بسبب اعتراض أعضاء جمهوريين عليها.

واضطر البيت الأبيض قبل أسبوعين إلى إقرار هبة بـ300 مليون دولار لأوكرانيا تم توفيرها من عمليات شراء سابقة. وسيوجه هذا المبلغ لشراء قذائف متوسطة المدى، لكن هذه القذائف لن تكفي في النهاية إلا لبضعة أسابيع.

أما الاتحاد الأوروبي الحليف الكبير الآخر لأوكرانيا الذي وعدها بمليون قذيفة بنهاية مارس/آذار الماضي، فلن يستطيع توفير إلا نصفها، ولن يمكنه تسليم 1.1 مليون قذيفة إلا بنهاية العام الجاري حسب مسؤول سياسته الخارجية جوزيب بوريل الذي يتوقع أن يستطيع التكتل بنهاية العام إنتاج 1.4 مليون من القذائف عيار 155 ملم.

وتتكتم أوكرانيا على كمية القذائف التي تصنعها محليا، لكنها حتى الآن تعتمد أساسا على دعم الحلفاء. وحسب مدير مركز القيم الأوروبية لسياسات الأمن ياكوب ياندا، أعادت التشيك تنشيط علاقاتها من فترة ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي حين ورثت دول حلف وارسو كميات هائلة من السلاح والدبابات والعتاد الذي لم تعد تحتاجه وقررت بيعه إلى دول أخرى.

ويقول ياندا إن الصناعة العسكرية التشيكية استطاعت، بفضل علاقة الثقة السابقة هذه وبطلب من الحكومة، استئناف التواصل مع هذه البلدان التي لا تريد أن يظهر اسمها علنا “خشية روسيا والصين أيضا”. واكتفى ياندا بالإشارة إلى دول من الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.

وذكرت الصحيفة أن 60% من 800 ألف قذيفة تدبرتها التشيك هي عيار 155 ملم، وهي القذائف المعتمدة رسميا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) والجيوش الغربية الحديثة، في حين أن 40% عيار 122 ملم، وهي الطراز المستخدم في المدفعية السوفياتية.

نزال بالمدفعية

وتستطيع قذائف المدفعية بلوغ أهداف على بعد 24 إلى 32 كيلومترا، لذا تفضلها القوات البرية لمهاجمة أهداف معادية من مسافة آمنة. ويقول ياكوب ياندا إن “أوكرانيا في وضعية دفاع الآن، وأمسّ ما تحتاج إليه هو سلاح المدفعية”.

وتحولت الحرب إلى ما يشبه بالأساس نزالا بالمدفعية، ورغم الاستخدام المكثف للطائرات المسيرة والصواريخ والدبابات، فإن 70% من خسائر الجيشين سببها سلاح المدفعية حسب مجلة عسكرية إيطالية مختصة.

وتشير تقديرات أوروبية إلى أن أوكرانيا تحتاج 357 ألف من هذه القذائف شهريا كحد أدنى لتكون عملياتها فعالة، لكن “المبادرة التشيكية تظل حلا على الأمد القصير ريثما ترفع الصناعة الأوروبية إنتاجها”.

ويقول ياندا إن مصانع السلاح الأوروبية تحتاج عاما على الأقل لبلوغ الوتيرة اللازمة لإنتاج ما يكفي من القذائف، “وفي غضون ذلك تتواصل الحرب، للأسف”.

أما روسيا فتحتاج إلى 4 ملايين قذيفة، لكنها عكس أوكرانيا تستطيع -حسب المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع- سد النقص إلى حد كبير، فصناعتها العسكرية تعمل بأقصى طاقتها وربما هي قادرة الآن على إنتاج مليون طلقة مدفعية سنويا، حسبما ذكر قائد أركان الجيش الإستوني مارتن هاريم قبل بضعة أسابيع.

وتستطيع روسيا أيضا أن تتدبر بسهولة نسبية الذخيرة من الخارج، خاصة من كوريا الشمالية التي زودتها -حسب الاستخبارات الأوكرانية- بمليون قذيفة عيار 122 و152، وهما العياران السائدان في المدفعية الروسية.

شاركها.
Exit mobile version