يعتقد محللون وخبراء أن إسرائيل عازمة على توسيع الحرب مع حزب الله اللبناني من أجل إلهاء العالم عما سيقع في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة من جرائم حال اجتياحها برا، بينما يقول آخرون إنها ليست مستعدة عسكريا لمواجهة شاملة مع لبنان لا سيما وأن حزب الله أقوى بكثير من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ففي حين عمقت إسرائيل من ضرباتها الجوية داخل لبنان إلى مدينة النبطية رد حزب الله بقصف صفد التي تبعد 30 كيلومترا عن الحدود، لكي يؤكد عزمه على الرد بالمثل، كما يقول الخبير العسكري العميد محمد عباس.

وخلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”، قال عباس إن حزب الله أبدى تعمقا نسبيا في ضربته الأخيرة لكي يرسل رسالة بأنه سيرد على كل تطور في العمليات الإسرائيلية بالمثل.

وأعرب عباس عن اعتقاده بأن أي توسيع للحرب من جانب إسرائيل “سيكون رد الحزب عليه بشكل مناسب كما قال الأمين العام للحزب حسن نصر الله”.

ومن وجهة نظر عباس، فإن إسرائيل قد لا تشن حربا برية في لبنان وإنما قد تلجأ لمزيد من الضربات الجوية، لكن حتى هذه “ستكون محسوبة خشية رد المقاومة عليها، خصوصا بعدما تم اختراق القبة الحديدية وصولا لصفد”.

إسرائيل ليست مستعدة

وفي السياق، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى إن إسرائيل ليست مستعدة عسكريا لدخول حرب شاملة مع حزب الله، مشيرا إلى أن هذا الأمر كان ممكنا في أول الحرب على غزة، لكن لم يعد سهلا في الوقت الراهن.

وأكد مصطفى أن كل التهديدات الإسرائيلية بتوسع الحرب ليست سوى محاولة لردع حزب الله، لأن قدرة إسرائيل على شن الحرب تراجعت جدا، برأيه.

وعمليا، يقول مصطفى، فإن إبعاد حزب الله إلى شمالي نهر الليطاني “لن يحدث أبدا بالطرق الدبلوماسية، بينما إبعاده عسكريا يتطلب حربا برية شاملة لا تملك إسرائيل أدواتها حاليا”.

ويعتقد مصطفى أن إسرائيل “تدرك جيدا أن إعلان حالة حرب شاملة مع لبنان سوف يكون أصعب بكثير من غزة لأن قدرات حزب الله أكبر بكثير من قدرات حماس”.

وأضاف أن أي حرب برية في لبنان ستكلف إسرائيل 30 مليار دولار حسب معطيات رسمية إسرائيلية، فضلا عن أنها ستواجه 1500 صاروخ يوميا، وسيضطر 800 ألف إسرائيلي -يمثلون 20% من قوة العمل- للتوقف عن العمل.

كما لفت مصطفى إلى أن “20% فقط من الإسرائيليين يعتقدون أن الحل مع حزب الله سيكون عسكريا لأن الغالبية تعرف أنه ليس حماس”.

وأشار إلى أن إسرائيل كانت لديها نية لفتح جبهة في الشمال تزامنا مع حرب غزة وتم إحباطها حسب ما أكده عضو مجلس الحرب غادي إيزنكوت الذي قال إن منع هذه الحرب واحدة من إنجازاته داخل مجلس الحرب.

بالتالي، فإن إسرائيل “تحاول الحفاظ على درجة معينة من العمليات مع حزب الله بحيث تضرب إمكانياته وتعيد سكانها للمستوطنات المتواجدة على الحدود”، وفق مصطفى.

ويرى مصطفى أن تل أبيب “تحاول تدفيع الحزب ثمنا معينا من خلال استهداف قياداته وبنيته العسكرية وإبعاده عن الحدود بأكبر قدر ممكن لكنها تعرف أن واشنطن ترفض توسيع الصراع مع لبنان، وأنها ليست جاهزة لهذه الحرب”.

حرب حتمية

في المقابل، يرى الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات السياسية الدكتور لقاء مكي “أن الذهاب لحافة الهاوية سياسة دائمة بين حزب الله وإسرائيل، لكنها كانت دائما ضمن حدود”، مشيرا إلى أن الهجوم على رفح “لا يتعارض مع إمكانية توسيع العمليات أو ربما فتح حرب شاملة مع لبنان”.

ويرى مكي أن الهجوم على رفح سيؤدي لخسائر فادحة في المدنيين وبالتالي فإن إسرائيل ستحاول لفت نظر العالم عما سترتكبه ضد المدنيين هناك من خلال فتح جبهة في جنوب لبنان”.

كما أن ما يجري في رفح -برأي مكي- “سيكون على الأغلب بقوة أقل بكثير مما كانت عليه في وسط وشمال القطاع، وبالتالي لن يتطلب قوة عسكرية كبيرة بما يوفر فرصة حشد الجيش على حدود لبنان”.

ومن هذا المنطلق، فإن جبهة لبنان “ستكون للإلهاء”، وفق مكي الذي أشار إلى أن قصف الحزب أهدافا أعمق داخل إسرائيل لن يردها وإنما سيزيد مخاوفها ومخاوف الولايات المتحدة التي تتفق مع إسرائيل في ضرورة هزيمة حماس وحزب الله معا، والتي لن تقبل بوجود أي قوة تهدد إسرائيل في المنطقة.

شاركها.
Exit mobile version