وصف ناشط سياسي فلسطيني لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تجربته في سجن عوفر العسكري غرب مدينة رام الله بالضفة الغربية، حيث تعرض طوال الأشهر الثلاثة التي قضاها فيه إلى صنوف العذاب والإذلال في زنزانات مكتظة بمعتقلين كثر ظل خلالها مصفدا بالأغلال لأيام متواصلة.

واعتبر منذر عميرة -وهذا هو اسم الناشط الفلسطيني كما ورد في تقرير بهآرتس للكاتب اليساري جدعون ليفي- أن السجن الذي اعتقل فيه “غوانتانامو”، وأن ما تعرض له في السجن الإسرائيلي أثناء الحرب الدائرة في قطاع غزة لا يشبه أي شيء مر به من قبل رغم أنه اعتقل في السابق مرات عدة.

ووفقا لتقرير هآرتس، فإن صديقا لعميرة قضى 10 سنوات في سجن إسرائيلي أخبره بأن الأشهر الثلاثة التي قضاها في عوفر تعادل 10 سنوات من الحبس في الظروف العادية.

وقال ليفي إن الشهادة التي سمعها هو وأليكس ليفاك المصور الصحفي الذي رافقه إلى منزل عميرة في مخيم عايدة للاجئين في بيت لحم هذا الأسبوع لالتقاط صور أرفقها بالتقرير كانت صادمة.

وأضاف أن عميرة سرد تفاصيل دقيقة عن ظروف اعتقاله، وكيف أنه كان يُجبر على الجثو على ركبتيه مرارا وتكرارا.

لكن الصحفي الإسرائيلي لم يُطق الاستمرار في الإصغاء للناشط الفلسطيني لهول الأوصاف التي كانت تنساب من فمه بلا انقطاع.

عميرة سرد تفاصيل دقيقة عن ظروف اعتقاله، وكيف أنه كان يُجبر على الجثو على ركبتيه مرارا وتكرارا، لكن الصحفي الإسرائيلي لم يُطق الاستمرار في الإصغاء للناشط الفلسطيني لهول الأوصاف التي كانت تنساب من فمه بلا انقطاع

وبحسب التقرير، كان عميرة يصف الجحيم الذي اكتوى بناره في السجن الإسرائيلي بلغة إنجليزية سلسة تتخللها مصطلحات بالعبرية على مدار 3 أشهر فقد خلالها 33 كيلوغراما من وزنه.

يبلغ عميرة من العمر 53 عاما، وهو متزوج وأب لـ5 أبناء يعيشون في مخيم عايدة الذي ولد هو فيه ويقطنه الآن أحفاد سكان 27 قرية فلسطينية مهدمة، ومن على بوابة المخيم يتدلى مفتاح كبير صممه عميرة بنفسه رمزا للنكبة وأمل الفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم يوما ما، ويحمل عبارة “ليس للبيع”.

يقول الكاتب الإسرائيلي إن عميرة عضو في حركة فتح ويعمل لدى السلطة الفلسطينية، وهو خريج كلية العلوم الاجتماعية في جامعة بيت لحم، ويؤمن بالنضال السلمي.

وروى ليفي تفاصيل اعتقال الناشط الفلسطيني في الساعة الأولى من فجر 18 ديسمبر/كانون الأول 2023 حين داهم جنود إسرائيليون شقته في الطابق الثاني وهم يسحبون شقيقه كريم (40 عاما) من الطابق السفلي ويرمونه في منتصف غرفة الجلوس مغشيا عليه.

كانت الغرفة مكتظة ربما بعشرات الجنود، وكانت يُمنى ابنة عميرة تقف وراءه عندما وضعوا الأغلال في يديه واقتادوه إلى قاعدة عسكرية حيث طرحوه أرضا وظل الجنود يركلونه، قبل أن يعيدوه بعد نحو ساعة إلى منزله.

لكنه اقتيد مرة أخرى ليودع في عتصيون، وهو مركز توقيف يقع في جنوب الضفة الغربية ومقام على أراضي فلسطينيين شمال محافظة الخليل ضمن تجمع مستعمرات “غوش عتصيون”، وهناك جردوه من ملابسه والتقطوا له صورا وهو يقف عاريا، وكان يخشى أن ينشروا مقاطع فيديو وهو بهذه الحالة.

منظر من سجن عوفر (رويترز)

في سجن عوفر

وفي اليوم التالي نُقل إلى سجن عوفر، حيث استوجب بشأن منشورات ادعى المحققون أنه قام بتحميلها على الإنترنت، وهو ما نفاه.

وُحكم عليه بالسجن لمدة 4 أشهر، حيث كان ينام مع 12 معتقلا في زنزانة مخصصة أصلا لـ5 أشخاص، وهناك تعرض لكل أنواع العنف من سجانيه، بحسب تقرير هآرتس.

ونقل ليفي عن عميرة القول إنه رأى لأول مرة نزيلا يحاول الانتحار بإلقاء نفسه من الطابق الثاني، مضيفا أن السجن شهد محاولات انتحار عديدة مؤخرا، واصفا ذلك بأنه يتعارض مع روح الفلسطينيين في النضال ضد الاحتلال.

لم يكمل عميرة فترة سجنه كاملة، فقد أُفرج عنه قبل شهر من الموعد المحدد، وقال وهو يصف مشاعره في تلك اللحظة “لأول مرة أشعر بأن باب الزنزانة هو باب للقبر، لقد أصبح السجن الإسرائيلي مقبرة الأحياء”.

شاركها.
Exit mobile version