قال محللون أميركيون إن اختيار الرئيس السابق دونالد ترامب للسيناتور جي دي فانس لشغل منصب نائب الرئيس حال نجاحه في العودة للبيت الأبيض مجددا يؤكد تركيزه على الطبقة المتوسطة التي ترى أنها لم تحصل على ما وعد به الرئيس جو بايدن خصوصا في ما يتعلق بتوفير الوظائف.

وأعلن الحزب الجمهوري اليوم الاثنين ترشيح ترامب رسميا لخوض انتخابات الرئاسة المقررة أواخر العام الجاري، في حين أعلن ترامب اختيار دي فانس -من ولاية أوهايو- لشغل منصب نائب الرئيس.

ووفقا لمراسل الجزيرة مراد هاشم فإن “دي فانس” كان يتصدر أسماء المرشحين لهذا المنصب في الحزب الجمهوري، مشيرا إلى أنه يحظى غالبا بتأييد الطبقة العاملة في الولايات “ذات الصدأ” شمال شرق الولايات المتحدة وهي منطقة الصناعات التي تضررت بسبب العولمة وأصبح سكانها يعانون بشكل كبير.

وقال هاشم -خلال نافذة من ويسكنسون- إن ترامب لطالما خاطب هذه الطبقة في الانتخابات الماضية، وإنه لا يزال يخاطبها بقوة حاليا.

ولم يؤيد “دي فانس” ترامب قبل سنوات ولم يدعمه في الانتخابات الماضية ولا التي قبلها لكنه دعمه خلال انتخابات التجديد النصفي في 2022، واعتذر عن مواقفه السابقة المناهضة لترامب مما ضمن له تأييد الأخير، وفق هاشم.

ويتبنى “دي فانس” (39 عاما) -وفق هاشم- خطابا يقول إن الأنجلوساكسون (الأميركيون البيض) هم من يمثلون الهوية الحقيقية للولايات المتحدة، وإن القادمين من الخارج عليهم أن يدخلوا أميركا وفق شروطها.

محلل أميركي: “دي فانس مستجد في السياسة وترامب اختاره لأنه يتبنى نفس رؤيته الاقتصادية” (الفرنسية)

الرهان على الاقتصاد

بدوره، قال بيتر روف -المحلل السياسي والكاتب في نيوز ويك- إن دي فانس مستجد في السياسة، مشيرا إلى أن ترامب “اختاره لأنه يتبنى نفس رؤيته الاقتصادية”.

ويعتقد روف أن ترامب “يحاول من خلال دي فانس كسب الولايات الصناعية التي تضررت بسبب العولمة مثل ميشيغان وويسكنسون وغيرهما”، لافتا إلى أن دي فانس “لم يكن الخيار الأفضل لكن ترامب لم يجد من هو أفضل منه”.

وأشار روف إلى أنه لم يكن هناك تحسن في عهد بايدن وبطالة السود وصلت إلى أدنى مستوياتها وكذلك النساء ومن هم من أصول إسبانية وهندية.

في المقابل، قال أدولفو فرانكو -المحلل السياسي في الحزب الجمهوري- إن اختيار دي فانس لمنصب نائب الرئيس “يقول إن أميركا ستهتم بالاقتصاد أولا خصوصا في مواجهة الصين”.

وأشار إلى أن ترامب تحدث عن رسوم جمركية على سلع غير خاضعة للجمارك مما يعني أنه ينتوي انتهاج طريق لم يسلكها بايدن خلال رئاسته خصوصا ضد الصين.

ويعتقد فرانكو أن ترامب من خلال هذا الاختيار “يصادق على هذه السياسات الاقتصادية التي تحارب المنافسة غير العادلة وتعزز الوظائف، معربا عن اعتقاده بأن “هذا هو الدافع الرئيسي لاختيار دي فانس لمنصب نائب الرئيس”.

الجمهوريون لن يتغيروا

أما أستاذ العلوم السياسية المساعد روبنسون وودورد، فيرى أن هذه الاختيارات “تعني أن الحزب الجمهوري لن يتغير بشكل كبير، لأن دي فانس كان ينتقد ترامب في السنوات الماضية لكنه تراجع أمام إحكام الأخير قبضته على الحزب”.

وأضاف وودورد “بالنسبة للسياسة الاقتصادية فهذا الاختيار يعني أنهم يستهدفون الناخبين البيض في ويسكنسون وميشيغان وبنسلفانيا”، مشيرا إلى أن اختيار دي فانس الذي يتواصل مباشرة مع هؤلاء الناخبين “يؤكد أن ترامب يدرك أهمية هذه الولايات في الانتخابات المقبلة”.

لكن روف يؤكد أن ترامب يحاول استقطاب الطبقة العاملة عموما وليس فقط البيض من هذه الطبقة كما يقول فرانكو، “لأنه يستهدف من يشعرون بأنهم تم التخلي عنهم ولم يحصلوا على ما وعدهم به بايدن من فرص عمل وحياة أفضل”.

وأشار روف إلى أن أميركيين أفارقة ولاتينيين وعربا لم يحصلوا على حق مشاركة قانونية في المنظومة الأميركية، وبالتالي، فإن ترامب يحاول جذب هؤلاء من خلال اختيار دي فانس الذي بدأ من العدم وبنى نفسه بنفسه ومن ثم فهو نموذج ملهم لهذه الفئة التي يخاطبها ترامب.

ويتفق فرانكو مع ما قاله روف، لكنه قال إن الرسوم الجمركية التي يتبناها ترامب هي جزء من خطة أكبر لخفض التضخم الذي لم يتجاوز 1.9% عندما غادر هو البيت الأبيض قبل 4 سنوات بينما وصل في عهد بايدن إلى ضعف هذا الرقم، حسب قوله.

وقال فرانكو إن بايدن يلقي باللوم على كوفيد-19 وغيره من المشكلات في مسألة صعود التضخم، “في حين أن المشكلة الفعلية تبنّيه لقوانين مثل قانون البنى التحتية”، مشيرا إلى أن إدارة بايدن أيضا لديها رؤية اشتراكية في حين أن ترامب لديه رؤية أكثر نجاعة في استحداث الوظائف عبر تخفيض الضرائب لخلق المشروعات.

وأعرب فرانكو عن اعتقاده بأن أداء ترامب أفضل بكثير من بايدن، مضيفا “حتى فرص العمل التي وفرها بايدن خلال عهدته فإنها تقوم بالأساس على سياسات ترامب”.

وردا على هذا الحديث، قال وودورد إن الرئاسة الأميركية لا تحدد مستويات التضخم وإنما هناك مؤسسات أخرى تقوم بهذه المهمة وهي ليست تابعة للسلطة التنفيذية وبالتالي فإن كثيرا من الناخبين لا يبنون تصويتهم بناء على هذا الأمر، وإنما وفق قناعاتهم.

شاركها.
Exit mobile version