القدس المحتلة- ألقت حرب إسرائيل على قطاع غزة بظلالها على الأوضاع الاقتصادية لفلسطينيي 48، الذين يعانون غلاء المعيشة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، ليختلف رمضان هذا العام 1445 هجري عن السنوات السابقة، وسط ارتفاع أسعار المواد التموينية، الأمر الذي وضع العائلات أمام خيارات صعبة بشأن الاستهلاك والاقتصاد بالإنفاق بالسلة الرمضانية.

وبحسب تقرير الفقر والبطالة الصادر عن مؤسسة التأمين الوطني، فإن الحرب على غزة وتداعياتها على الاقتصاد وسوق العمل الإسرائيلي عمقت من الفقر والبطالة بصفوف فلسطينيي 48 البالغ تعدادهم 1.6 مليون.

ويشكل هؤلاء 21% من التعداد السكاني بإسرائيل البالغ 9 ملايين و795 ألف نسمة، حسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية.

العائلات الفلسطينية بأراضي 48 ترى في التسوق ميزة خاصة خلال رمضان (الجزيرة)

وتظهر المعطيات الرسمية أن معدل البطالة بصفوف العمالة الفلسطينية في ظل الحرب بلغت أكثر من 15%، مقابل 9% بصفوف اليهود. وبات نحو 100 ألف فلسطيني عاطلا عن العمل مسجلا ضمن مكاتب الاستخدام.

كما يعيش 63% من العائلات الفلسطينية تحت الفقر وانعدام الأمن، مقابل 31% بصفوف العائلات اليهودية.

عروض وحملات

وفي ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية، دأبت قطاعات واسعة من التجار وأصحاب شبكات التسوق بالبلدات الفلسطينية على التنافس لجذب المتسوقين من مواطني 48، وذلك عبر توفير كافة المواد التموينية والسلع المستلزمات الرمضانية لتكون بمتناول الجميع.

ورغم الغلاء، لوحظ الإقبال لدى العائلات على التسوق في المحلات التجارية بالبلدات الفلسطينية، وسط تفهم من جانب أصحاب المحلات التجارية ورجال الأعمال الفلسطينيين للظروف والأوضاع الاقتصادية.

ويظهر هؤلاء التجار تضمانا مع العائلات في رمضان، عبر تقديم عروض لجذب المتسوقين، والمساهمة في دعم وكفالة العائلات المحتاجة.

وقال مروان بدير موظف التسويق في “شبكة أحمد زهدي” إن الحرب على غزة وتداعياتها الاقتصادية ألقت بظلالها على الأسر في شهر رمضان، وعلى أنماط التسوق والاستهلال للعائلات من فلسطينيي 48.

مروان بدير موظف التسويق في "شبكة أحمد زهدي": تراجع القدرة الشرائية للعائلات بظل ارتفاع جدول غلاء المعيشة. (الجزيرة)
مروان بدير: الحرب على غزة وتداعياتها الاقتصادية ألقت بظلالها على الأسر في رمضان (الجزيرة)

وأشار بدير إلى أن العائلات الفلسطينية تواصل التسوق وشراء ما يلزمها من احتياجات رمضان رغم الظروف الصعبة بسبب تداعيات الحرب، لكنه استدرك بالقول إن هذه الأسر تبحث عن الأرخص وتكتفي باحتياجاتها الأساسية.

ودعا التجارَ إلى تفهم الظروف والأوضاع التي يعيشها المجتمع الفلسطيني، والتنازل قدر الإمكان عن جني مزيد من الأرباح، وخفض الأسعار في رمضان.

كما دعا بدير إلى إظهار التكافل المجتمعي لتخفيف العبء المالي عن العائلات بالامتناع عن رفع الأسعار، ومراعاة الظروف والأوضاع الاقتصادية المزرية، وتراجع القدرة الشرائية للعائلات.

وقال أيضا إن رجال الأعمال والتجار جزء لا يتجزأ من المجتمع الفلسطيني “وعليهم تحمل المسؤولية ومراعاة الظروف للعائلات التي تضررت جميعها جراء الحرب والأوضاع الاقتصادية المزرية”.

أنماط الاستهلاك

وتتوافق العائلات في الداخل الفلسطيني بشأن ارتفاع أسعار السلع والمنتجات الاستهلاكية على خلفية الحرب، بيد أن الآراء التي رصدتها الجزيرة نت أظهرت الاختلاف بين العائلات بشأن ضرورة ترشيد الاستهلاك وتقليص الإنفاق في رمضان.

نظام قيسي: رغم الحرب والأزمة الاقتصادية العائلة الفلسطينية تقبل على التسوق برمضان (الجزيرة)

ويقول نظام قيسي (رب أسرة) إن لرمضان ميزة خاصة لدى العائلة الفلسطينية حيث تقبل على شراء كل ما يلزم من سلع ومنتجات رغم الأزمة الاقتصادية، ويضيف أن السلة الرمضانية الأسبوعية تكلف ما بين 300 و400 دولار.

ويشير إلى أن العائلات الفلسطينية تعتمد في رمضان على بطاقات الائتمان، وهو ما يدفعها للاستمرار بأنماط التسوق بدفعات مؤجلة، مؤكدا في الآن نفسه أن الكثير من العائلات تعتمد سياسة ترشيد الاستهلاك وشراء المستلزمات الأساسية، بينما يقتصد بعضها في السلة الرمضانية بحوالي 50% لارتفاع الأسعار.

شراكة وتعاون

وبالنظر إلى تأزم الأوضاع الاقتصادية والارتفاع المتواصل في الأسعار، تعتمد عائلة سجود رسمي عماش مبدأ الشراكة والتعاون بين الإخوة والأخوات لشراء مستلزمات السلة الغذائية خلال شهر رمضان.

وتقول سجود “تبقى السلة الرمضانية مكلفة للغاية. تضاعف سعرها مقارنة برمضان العام الماضي”.

وتضيف أن هناك الكثير من العائلات الفلسطينية التي تعيش التقشف بسبب الفقر والبطالة وفقدان عملها جراء الحرب “وتكتفي بشراء المستلزمات الأساسية”.

السلة الرمضانية الأسبوعية مكلفة وقد تصل إلى 400 دولار لعائلة من 6 أشخاص (الجزيرة)

ومثل سجود، تشير المواطنة سميرة إلى أن الكثير من العائلات -منذ بدء الحرب وتأزم الأوضاع الاقتصادية- اعتمدت سياسة تقليص نفقات الاستهلاك، وباتت تكتفي بشراء المستلزمات الأساسية بسبب الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية والتموينية لمختلف السلع.

شاركها.
Exit mobile version