تتحول بعض المدن إلى لوحات فنية مفتوحة أمام كاميرات السينما، حيث تقدم إمكانيات لا حدود لها لصناع الأفلام، من مواقع تصوير خلابة إلى تعاون غير مسبوق من الحكومات والمواطنين.

وتستعرض ريتا خان في حلقة جديدة من برنامج “عن السينما” سرّ تفضيل هوليود لمدن محددة، وكيف تحولت هذه الأماكن إلى مسارح دائمة لقصص الشاشة الكبيرة.

وتشير خان إلى أن مصطلح “المدينة السينمائية” لا يرتبط بالضرورة بجمال المناظر الطبيعية، بل بقدرتها على تلبية احتياجات الإنتاج السينمائي المعقدة.

فمدينة غورليتس الألمانية، التي اختارها الاتحاد الأوروبي كأفضل موقع تصوير مرتين، تمتاز بمبانيها التاريخية العائدة لفترة الفن الحديث (1890-1910)، مما يجعلها مثالية لأفلام الحرب العالمية الثانية.

وقد سمحت السلطات المحلية بتعديل مواعيد القطارات وإزالة الطلاء الحديث من المباني لتصوير فيلم “ذا ريدر”، بينما أُغلق مبنى البلدية 4 أيام لتصوير مشهد دموي في فيلم “إنغلوريوس باستردز” لتارانتينو.

المريخ في الأردن

أما وادي رم في الأردن، فقد اكتسب شهرته من تشابه تضاريسه مع سطح المريخ، مما جعله موقعا مفضلا لأفلام الخيال العلمي مثل “ذا مارشان” و”روج وان” من سلسلة “ستار وورز”.

وتؤكد خان أن تعاون الحكومة الأردنية في تقديم التسهيلات اللوجيستية، كإغلاق الشوارع وتوفير الحماية، شجّع هوليود على تصوير أفلام ضخمة مثل “إنديانا جونز” و”ذا غراند بودابست هوتيل” هناك، مما عزز مكانة الأردن كـ”بلد سينمائي بامتياز”.

ولا تُختزل المدن السينمائية في مواقع التصوير الطبيعية فحسب، بل تشمل أيضا تلك التي تمنح المخرجين حرية إبداعية استثنائية.

ففي نيوزيلندا، التي ارتبط اسمها بثلاثية “لورد أوف ذا رينجز”، سمحت السلطات بتصوير مشاهد خطيرة مُنعت في دول أخرى، مثل مطاردات الطائرات في فيلم “ميشن إمبوسيبل: فول آوت”.

تكاليف باهظة

كما استُخدم جبل تاراناكي الشبيه بجبل فوجي الياباني لتصوير مشاهد فيلم “ذا لاست ساموراي”، لتجنب التكاليف الباهظة للتصوير في اليابان.

لكن بعض المدن تفرض سحرها على السينما رغم صعوبة التصوير فيها، مثل باريس، التي تحولت إلى رمز للرومانسية بفضل الأدباء الأميركيين الذين زاروها بعد الحرب العالمية الأولى، ونقلوا صورتها كـ”مدينة الحب” عبر أعمالهم.

ورغم تعقيدات التصوير في شوارعها، لجأت هوليود إلى بناء ديكورات تحاكي باريس في أستديوهات كاليفورنيا، كما في أفلام “أميركي في باريس” و”ميدنايت إن باريس”، حيث استُخدمت سيارة سحرية لنقل البطل إلى حقبة عشرينيات القرن الماضي.

وتختتم خان تقريرها بالإشارة إلى أن سرّ اختيار المدن السينمائية لا يعود فقط إلى جمالها أو تاريخها، بل إلى المرونة التي تقدمها للحفاظ على التوازن بين الإبداع الفني والواقع العملي.

شاركها.
Exit mobile version