كردفان- تفاقمت معاناة مواطني ولاية جنوب كردفان بسبب توقف تدفق الإمدادات الغذائية والدوائية إلى الولاية، وذلك بعد إغلاق الطرق الرئيسية نتيجة تمدد الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من جهة، واندلاع اشتباكات بين الجيش والحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو من جهة أخرى.

وقال مواطنون في مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان، إن الأوضاع باتت حرجة جدًا في ظل الحصار المفروض عليهم من قبل الدعم السريع والحركة الشعبية، ووفقًا لمواطن بالمدينة فضل عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، صارت أوراق نبتة تسمى (عرق النبي) وجبة رئيسية لمعظم سكان المدينة، حيث يتم طبخها على النار دون ماء، وتترك لتنضج على البخار، وتخلط مع زبدة الفول السوداني.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال إن أكثر من 20 طفلًا ماتوا جوعًا في أحياء الدلنج في الفترة ما بين شهر مارس/آذار وحتى يونيو/حزيران، إلى جانب وفاة 11 من كبار السن بينهم رجال ونساء، بينما يعاني الأطفال والنساء في مراكز الإيواء في المدينة من سوء التغذية، ولا توجد إحصاءات دقيقة حول وفيات الأطفال في مستشفى المدينة الناتج عن سوء التغذية.

الموت جوعا

في منتصف يوليو/تموز الجاري قالت الحملة القومية للتضامن مع المحاصرين في جبال النوبة بولاية جنوب كردفان إن المنطقة أصبحت “شبة معزولة تمامًا”، ويعاني الناس فيها الحرمان من جميع مقومات الحياة، أو ارتفاع أسعارها بشكل يصعب على السكان الحصول عليها.

ومنذ يناير/كانون الثاني الماضي يعتمد مواطنو الدلنج على الطاقة الشمسية بشكلٍ كُلي، بسبب انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار الوقود الذي يحول دون قدرة المواطنين على تشغيل المولدات، كما تشهد أحياء في ولاية جنوب كردفان أزمة في المياه.

وقالت سارة أحمد (اسم مستعار) إن الطرق التي تمر عبرها البضائع للولاية مغلقة، واتهمت الحركة الشعبية بقيادة الحلو بوضع نقاط تفتيش ومنع دخول الذرة والبضائع لمدينة الدلنج، ونهب التجّار ومصادرة بضائعهم.

كما أدى حصار الدعم السريع إلى عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وقالت سارة إن آخر قافلة للإغاثة توقفت في منطقة “حجر جواد” بولاية جنوب كردفان، وأضافت “نفدت المؤن الغذائية والأدوية، الناسُ جياع في جنوب كردفان، يموت الأطفال والنساء قبل أن نتمكن من توفير الطعام لهم”.

تصطف الأمهات والأطفال بانتظار الحصول على وجبة تسد الجوع (الجزيرة)

محاولات إيجاد حل

دشنت اللجنة العُليا للتضامن مع المحاصرين في جبال النوبة مشروع مطابخ النفير لإطعام المحاصرين، ابتداءً من مدينتي الدلنج وكادوقلي، واستهدفت اللجنة في بداية حملتها 1500 طفل في القطاع الشمالي بمدينة كادوقلي.

وقال رئيس لجنة مطبخ نفير فخر الدين أحمد، للجزيرة نت، إن مواطني جنوب كردفان يعانون من ظروف قاسية في ظل الحصار المضروب على شمال الولاية من قِبل الدعم السريع، ومن الاتجاه الجنوبي والشرقي من قِبل قوات الحركة الشعبية بقيادة الحلو التي منعت دخول أي مساعدات إنسانية أو بضائع تجارية، مما فاقم من أوضاع توفر الغذاء.

وأضاف أن أسعار السلع الغذائية التي تأتي من جنوب السودان ارتفعت، ويصعب على مواطني الدلنج وكادوقلي شراؤها في ظل انعدام مصادر الدخل، أما عن الوضع الصحي فقال “يعاني مرضى الكلى بالمستشفيات في ظل نفاد الأدوية المنقذة للحياة، ونخشى من وقوع كارثة صحية مع إصابة الأطفال وكبار السن بسوء التغذية الحاد”.

وفي مايو/أيار الماضي فشلت مفاوضات جرت بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية بقيادة الحلو في جوبا حول إيصال المساعدات الإنسانية، حيث قدم وفد الجيش السوداني مقترحا لإيصالها إلى 3 ولايات، هي جنوب كردفان وغرب كردفان والنيل الأزرق، ووقف الأعمال العدائية، بينما تحفظت الحركة الشعبية وقالت إنها ترفض مبدأ التجزئة في مناقشة القضايا الإنسانية في السودان.

أصيب العديد من الأطفال في الدلنج بمضاعفات سوء التغذية (الجزيرة)

الأطفال جياع

وفي يونيو/حزيران حذَّر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، من خطر المجاعة في 14 منطقة بأنحاء السودان، تشمل أجزاء من العاصمة الخرطوم، دارفور، كردفان، وولاية الجزيرة، وقال التقرير إن نحو 755 ألف شخص في السودان يواجهون “وضعًا كارثيًّا” يصنف كأحد أسوأ مستويات الجوع الشديد.

ويعاني نحو 18% من السكان نقصا في الغذاء، قد يُسفر عن سوء تغذية حاد ووفاة. ووفقًا للمنظمة فقد تضاعف عدد الأطفال السودانيين الذين يواجهون نقصا حادا في الغذاء خلال 6 أشهر، حيث يعاني حوالي 75% من الأطفال الآن من الجوع يوميا.

يُذكر أن جنوب كردفان ظلت بؤرة للتوتر وشكلت أحد التهديدات الرئيسية بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان في الحرب الأهلية عام 1983، وانتهت بتوقيع اتفاق السلام الشامل عام 2005.

كما تقاتل الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال بقيادة عبد العزيز الحلو- الحكومة السودانية جنوب كردفان منذ يونيو/حزيران 2011، وتسيطر الحركة على أجزاء من المنطقة تطلق عليها اسم “المناطق المحررة” وتعدّ مدينة كاودا هي عاصمتها.

شاركها.
Exit mobile version