أثبت الأوكراني أندري لونين حارس ريال مدريد أنه من طينة الكبار بعد المستويات العالية التي قدمها خلال جميع المنافسات ليصبح حامي عرين الملكي الأساسي منذ إصابة البلجيكي تيبو كورتوا مطلع الموسم الجاري.

ورغم تعاقد النادي مع الحارس الإسباني كيبا أريزابالاغا على سبيل الإعارة من تشلسي، فإنن لونين نجح في تثبيت أقدامه بالتشكيلة الأساسية لاحقا.

يقول خوسيبا إيتوارتي مدرب حراس مرمى ليغانيس، في تصريحات لجريدة “آس” الإسبانية عام 2018
“جاء إلى هنا عندما كان عمره 19 عامًا فقط، وفي لقائه الأول مع اللاعبين قام بتحية الجميع بالإسبانية، وأصر أن نتحدث معه بلغتنا، وبعد 3 أشهر كان يتحدث الإسبانية بطلاقة”.

وأضاف “كانت عقليته “سوفياتية” للغاية، لا يتوقف عن العمل، ولا يمانع من تكرار التمارين عدة مرات حتى يتقنها تماما، بعد وقت قصير من وصوله، سألني عما ينقصه ليصبح حارسا أفضل، وأجبته بأنه حارس مناسب تماما لفريق يلعب بدوري أبطال أوروبا”.

بعد 6 أعوام على ذلك المديح، تتحقق نبوءة إيتوارتي أخيرا، ويصبح لونين الحارس رقم واحد للمرينغي.

مسيرة شاقة

لم يكن الأمر سهلا على الحارس الأوكراني، الذي انضم في صيف 2018 للنادي الملكي مقابل 9.35 ملايين دولار، في صفقة قياسية بالتأكيد لحارس مرمى في ربيعه الـ19 فقط، لكن ريال مدريد لم ينتظر حتى أن يلتقط حارسه الشاب أنفاسه، ليرسله بعدها مباشرة في إعارة لليغانيس، ثم إعارة أخرى إلى بلد الوليد، ومن هناك إلى ريال أوفييدو.

احتاج لونين لـ3 إعارات مختلفة، وإصابة الحارس الأساسي تيبو كورتوا، وإثبات عكس ما أظهرته تقارير الجهاز الفني، التي نصحت باستقدام حارس آخر ، ومن ثم إثبات الذات على بديل كورتوا المنتظر كيبا.

تحققت نبوءة إيتوارتي بالفعل، لكن بعد الكثير من الانتظار والمعاناة، والملل من سجن الدكة، ليشارك لونين هذا الموسم حتى الآن في 23 مباراة كأساسي بجميع البطولات، وهو بالفعل أكثر من إجمالي عدد مشاركاته مع الفريق في المواسم السابقة “17 مباراة”.

“لقد قدّمنا أداءً رائعًا، رغم أننا لم نبدأ المباراة بأفضل طريقة، استقبلنا ركلة جزاء في الدقائق الأولى، لكن لونين كان موجودا وتصدى لها، وبعد ذلك تحكمنا بما تبقى من اللقاء”.

هكذا عبّر كارلو أنشيلوتي عن سعادته بفوز ريال مدريد على سبورتينغ براغا، في الجولة الرابعة من دور مجموعات دوري الأبطال في مباراةٍ كان من الممكن أن تأخذ اتجاها آخر تماما، لولا براعة لونين الذي تصدى لـ3 كرات خطيرة أخرى بخلاف ركلة الجزاء.

تألق لافت

بعد 3 أشهر من موقعة براغا، تكرر الأمر ذاته أمام إشبيلية في الجولة الـ25 من الليغا، بدا الريال عاجزا تماما عن اختراق تكتلات إشبيلية في الشوط الأول.

لكن تسديدة إشبيلية الوحيدة بين الخشبات الـ3 في الدقيقة 51 كانت فرصة رآها الجميع تسكن الشباك ولو لأجزاء من الثانية، قبل أن نُدرك أن لونين يملك بالفعل تصدي الموسم في جعبته، ليستفيق مودريتش ويسجل أحد أهدافه الاستثنائية ويقتل المباراة في الدقيقة الـ81.

تألق لونين أمام قادش، وبراغا، وإشبيلية، وألميريا، لكن مباراة الموسم الحقيقية كانت في ذهاب دور الـ16 من دوري الأبطال، في مباراة تغنّى بعدها أنشيلوتي بمستوى حارسه، واصفا أداءه بأنه أفضل أداء رآه للأوكراني على الإطلاق.

ومع خسارتهم بنتيجة 0-1، إلا إن لاعبي لايبزيغ سددوا 9 تسديدات على المرمى وتمكن لونين من منع هدفين متوقعين (2.2) وفقا لجودة التسديدات الـ9 التي تصدّى لها.

كما استطاع لونين إيقاف عرضيات لايبزيغ في 5 مناسبات مختلفة، 3 بالتقاط مباشر للكرة، ومرتين بإبعادها عن الصندوق.

إحصائيات مبهرة

منذ موسم 2003-2004 وهو أول موسم بدأت فيه أوبتا “Opta” تجميع الإحصائيات، هناك حارسان فقط لريال مدريد في دوري الأبطال استطاعا الخروج بـ9 تصديات أو أكثر في مباراة واحدة، دون أن تستقبل شباكهم أهدافا، الأول كان كورتوا ضد ليفربول في نهائي اللقب الـ14، والثاني كان لونين ضد لايبزيغ في أول مشاركة له.

شارك لونين في 4 لقاءات في دوري الأبطال حتى الآن، وخرج بشباكٍ نظيفة في لقاءين منهم، وفي المرتين كان لونين السبب الأبرز في ذلك وليس خط دفاعه.

فوفقا لنموذج الأهداف المتوقعة كان متوقعا للريال أن يستقبل 4 أهداف في مباراتي براغا ولايبزيغ المذكورتين، لكنه لم يستقبل أي هدف، بالإضافة لذلك، يملك لونين خامس أفضل نسبة تصديات في دوري الأبطال هذا الموسم “85%”.

في أحيان كثيرة تأتي الشباك النظيفة من قوة المنظومة الدفاعية، لكن هذا ليس هو الحال مع لونين، الذي استقبل 11 هدفا فقط في مبارياته الـ14 بالليغا، من إجمالي 16 هدفا متوقعا.

أي إن لونين منع تقريبا 5 أهداف متوقعة عن مرماه، كثالث أعلى إجمالي أهداف صدت في الليغا بعد أوناي سيمون حارس بلباو وألفارو فاليس حارس لاس بالماس، اللذان شاركا في 12 مباراة أكثر، لذلك فإن لونين بالفعل يملك أفضل معدل أهداف ممنوعة في المباراة الواحدة في الليغا، والثالث في الدوريات الـ5 الكبرى!

تفوق على كيبا

في المقابل تلقى كيبا 9 أهداف في الليغا خلال 12 مباراة خاضها، من 9 أهداف متوقعة أيضا.

واستقبل ريال مدريد هذا الموسم 267 عرضية في المباريات التي خاضها لونين، أوقف منها 29 بنسبة 11%، وهي ثالث أعلى نسبة إيقاف للعرضيات في كل حراس الدوريات الـ5 الكبرى، والأعلى في الليغا، في المقابل، استقبل كيبا 196 عرضية أوقف منها 8 بنسبة 4.1% فقط.

“مستوى كيبا مرتفع للغاية، أما لونين فيفتقر إلى القليل من الخبرة، لذلك لن يتناوبوا كثيرًا.”

هكذا قال أنشيلوتي عند تعاقد الفريق مع الحارس الأسباني، وبين مباراته الأولى في الـ25 من أغسطس/آب، ونهاية أكتوبر/تشرين الأول، كان كيبا قد شارك في 12 مباراة متتالية مع الفريق، لكن بعد 4 أشهر على تلك المباراة، تبدّل الأمر من حالٍ إلى نقيضه، وأثبت لونين أنه لا يفتقر للخبرة كما قال مدربه.

لونين وكيبا لا يتناوبان كثيرا بالفعل الآن، لأن لونين أفضل بكثير من أن يكون حارسا بديلا لأي فريق، حتى لو كان هذا الفريق يُدعى ريال مدريد، وبتجدد إصابة كورتوا، يبدو أن الحياة ابتسمت مرة أخرى للأوكراني، لكنها أيضا فرضت عليه التحدي الأكبر للمحافظة على مستوياته العالية وجودته.

شاركها.
Exit mobile version