يحلم الكثير في عالمنا العربي بإطلاق مشاريعهم الخاصة، ولكن قلة من يتسنى لهم ذلك، وأقل منهم من ينجح في مشروعه.

اقترن النجاح في الماضي في كثير من الأحيان بالحظ السعيد، ولكن في عالم الأعمال الحديث فإن للحظ دورا ضئيلا جدا في النجاح، حيث يقدم مجتمع الأعمال الحديث عوامل مهمة تقود إلى النجاح.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف من الممكن أن نستفيد في عالمنا العربي من تجارب الأعمال الناجحة لإطلاق مشاريع صغيرة ناشئة تلقى النجاح في المستقبل؟ وما العوامل التي تساعد في نجاح المشاريع في العالم عموما وعالمنا العربي خصوصا؟ وما المشاريع التي يمكن أن تنجح في عالمنا العربي؟

هذه الأسئلة وغيرها هي ما سنحاول الإجابة عنها في هذا التقرير.

ما الذي يجعل مشروعا ما ناجحا؟

وجدت دراسة صادرة عن مجلة “العلوم الاجتماعية والتنموية” بعد مراجعة لمئات الدراسات البحثية السابقة التي تبحث في عوامل نجاح الشركات الصغيرة أن هناك مجموعة من العوامل التي تحدد مدى نجاح أو فشل المشاريع، وحصرت الدراسة هذه العوامل في 3 عناوين رئيسية تعتبر حاسمة لنجاح الأعمال الصغيرة حسب ما ذكرت منصة “أكسفورد ريفيو”، وهي:

1- صفات رائد الأعمال الناجح

يتمتع رواد الأعمال الناجحين بمجموعة من الصفات التي تجعلهم مؤهلين لتحقيق النجاح، ومن أبرزها: الصمود وعدم الاستسلام عند الفشل، وأن يمتلكوا العزيمة والمثابرة، والقدرة على تحفيز فريق العمل في اللحظات الصعبة، والمرونة بما فيها القدرة على التعلم من الأخطاء، ومهارات التواصل مع الآخرين، ولديهم القدرة على اتخاذ القرارات الصعبة، ويمتلكون المهارات الإدارية اللازمة للنجاح.

رواد الأعمال الناجحين يتمتعون بمجموعة من الصفات أهمها الصمود وعدم الاستسلام والعزيمة والمثابرة والقدرة على تحفيز فريق العمل في اللحظات الصعبة والمرونة (شترستوك)

وفي هذا السياق، قالت نور المصري -وهي رائدة أعمال وصاحبة شركة للتوظيف في الأردن- في حديث للجزيرة نت “في بعض الحالات يواجه المشروع بعض العراقيل التي قد تؤدي إلى فشله أو تراجع نجاحه، وهنا تظهر كفاءة رجل الأعمال الذي يجب أن يتميز بالصمود وعدم الاستسلام والعمل على تحويل الفشل إلى نجاح عن طريق تحديد الخطأ لتجنبه في المستقبل، والعمل على إصلاحه، وذلك بالاستعانة بأصحاب الخبرة لتقليل الخسائر قدر المستطاع، ويكون ذلك بمراجعة إستراتيجيات العمل، بما فيها الإستراتيجية المالية والتسويقية، كما يمكن العمل على تحديد أهداف جديدة وتنفيذها بأفكار مختلفة لضمان عدم تكرار الأخطاء”.

2- سمات المشروع الناجح

يعتمد نجاح المشروع على سمات أساسية عدة، في مقدمتها مواءمة طبيعة المشروع مع البيئة المحيطة، ولا بد للمشروع أن يتناول المتطلبات والاحتياجات الفعلية للسوق الذي يعمل فيه.

ويؤكد الخبير الاقتصادي الأردني مهند عريقات على أهمية أن تكون المشاريع الصغيرة الناجحة مرتبطة بشكل وثيق ببيئتها، وتعتمد على الموارد المتاحة محليا، وتوزع بشكل إستراتيجي، وتسويق المنتجات داخل المناطق المنشأة والمجاورة لها.

ويقدم عريقات نصائح قيمة لأصحاب الأعمال الصغيرة، مشددا على ضرورة قيام رواد الأعمال بتحديد تفضيلات المستهلكين بدقة والتواصل معهم بشكل فعال.

ويستطرد عريقات “يعد فهم مواصفات المنتج والأسباب الكامنة وراء تفضيلات المستهلك أمرا بالغ الأهمية، مما يؤدي إلى تحديد سعر السوق التنافسي لجذب العملاء”.

ويسلط عريقات الضوء على الابتكار كعامل رئيسي، مع التأكيد على أن التفرد وتقديم شيء يحتاجه السوق حقا أمران بالغا الأهمية لتحقيق النجاح.

وتؤكد نور المصري أن نجاح أي مشروع يعتمد على فكرة مبتكرة، مع التركيز على حداثتها وجدواها، وأن اختيار التوقيت المناسب لإطلاق المشروع أمر بالغ الأهمية لضمان استمراريته وتلبية احتياجات المجتمع وفوائده.

3- مرونة المؤسسة

يعتمد النجاح في الأعمال أو المشاريع على البقاء على اطلاع جيد والتكيف بمرونة مع التغييرات القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل بيئة العمل، ويتضمن ذلك مراقبة مستمرة ويقظة للسوق، ودراسة شاملة للمتغيرات، ومعالجتها بسرعة وبشكل مناسب دون تأخير.

يعتمد نجاح الشركة الناشئة على تألق الفكرة وتميز التنفيذ، وليس مقدار الأموال التي يمكنك إنفاقها عليها
يعتمد نجاح الشركة الناشئة على تألق الفكرة وتميز التنفيذ وليس مقدار الأموال التي يمكنك إنفاقها عليها (شترستوك)

وتؤكد الأبحاث أن المرونة الشاملة للمنظومة في الاستجابة للتغيير أمر بالغ الأهمية لنجاح الأعمال.

ما المشاريع الناجحة في العالم العربي؟

تحدد منصة “أبتونيكس” أهم المشاريع الناجحة في العالم العربي من قطاعات عدة مزدهرة في المنطقة كان أهمها:

  • التجارة الإلكترونية:

تقدم المنطقة العربية إمكانيات كبيرة في قطاع التجارة الإلكترونية، حيث تبرز كقطاع رئيسي في الشرق الأوسط.

يذكر أن المبيعات عبر الإنترنت تجاوزت المعاملات داخل المتاجر في أوائل عام 2020، مما أدى إلى زيادة في شركات التجارة الإلكترونية الناشئة التي تقدم خدماتها في المنطقة.

  • تكنولوجيا التعليم:

ارتفع الطلب على تكنولوجيا التعليم بعد جائحة “كوفيد-19″، على عكس الخدمات التعليمية التقليدية التي تتطلب تراخيص للمؤسسات المادية فإن إنشاء شركة تكنولوجيا تعليمية يسمح بإنشاء دورات عبر الإنترنت.

وأصبحت الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والواقع المعزز في الدروس التعليمية العملية اتجاها مهما.

وتشير التوقعات إلى أن سوق تكنولوجيا التعليم والفصول الدراسية الذكية في المنطقة يمكن أن يصل إلى 7.626.1 ملايين دولار بحلول عام 2027.

  • خدمات التكنولوجيا المالية:

أدى نمو الأعمال التجارية في المنطقة العربية إلى زيادة الحاجة إلى حلول التكنولوجيا المالية المبتكرة، وفي حين أن الشركات المالية الكبيرة تدير وظائف تمويل الشركات هناك فرصة كبيرة للتعامل مع الوظائف المالية للشركات الصغيرة والشركات الناشئة سريعة النمو، بما في ذلك خدمات المحاسبة والتدقيق ومسك الدفاتر.

نمو الأعمال التجارية في المنطقة العربية أدى إلى زيادة الحاجة إلى حلول التكنولوجيا المالية المبتكرة (رويترز)

تصميم وتطوير الألعاب الإلكترونية:

فيما تحظى صناعة الألعاب الإلكترونية -وهي قطاع عالمي يقيم بمليارات الدولارات- بشعبية كبيرة في العالم العربي يعتبر تأسيس شركات صغيرة متخصصة في تصميم وتطوير الألعاب الإلكترونية أمرا مربحا وله آفاق مستقبلية واعدة، وفقا للمنصة.

  • تكنولوجيا المعلومات وتطوير الويب:

ومع تزايد الطلب على خدمات تكنولوجيا المعلومات بدأت المزيد من شركات تكنولوجيا المعلومات عملياتها في المنطقة العربية، وتشهد خدمات مثل التسويق الرقمي وتطوير تطبيقات الهاتف المحمول والأمن عبر الإنترنت طلبا كبيرا.

  • خدمات التسليم عند الطلب:

يشمل هذا القطاع مجموعة واسعة من الخدمات، بدءا من حجز سيارات الأجرة وحتى توصيل الطعام ونقل الأدوية والخدمات المنزلية، بما يلبي الاحتياجات المتنوعة للعملاء.

تشير التوقعات إلى أن منطقة الشرق الأوسط ستولد إيرادات بقيمة 400.71 مليار دولار من السياحة بحلول عام 2032، وهنا تبرز مشاريع السياحة والسفر كمشاريع مربحة في العالم العربي، مما يوفر فرصا كبيرة للنمو والتنمية.

شاركها.
Exit mobile version