طهران- برزت خلال تاريخ النظام الإيراني حالتان سياسيتان، فإما أن تتوحد أركان النظام وتصبح جميعها تابعة للتيار المحافظ، أو يتمكن التيار الإصلاحي من السيطرة على سلطة أو اثنتين منها.

فخلال فترة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، شهد النظام السياسي حالة موحدة هيمن فيها المحافظون على السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، بالإضافة إلى الأركان والمؤسسات الأخرى مثل الحرس الثوري ومجلس صيانة الدستور ومجمع تشخيص مصلحة النظام وحتى الإذاعة والتلفزيون.

وعلى الرغم من هذا التناسق، لم تكن عملية صنع القرار المعقدة في النظام السياسي الإيراني بالسلاسة المتوقعة، حيث إن هذا التناسق أبرز الخلافات الداخلية في البيت المحافظ.

واليوم، وبعد أن فاز الإصلاحي مسعود بزشكيان بالانتخابات الرئاسية المبكرة، تبرز تساؤلات حول العقبات التي قد يواجهها في مسيرته، على رأسها السلطة التنفيذية في البرلمان ذي الأغلبية المحافظة، خاصة وأنه قد ألحق الهزيمة برجل حكومة الظل المحافظ المتشدد سعيد جليلي، وكذلك رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف.

خلاف مؤجل

يرى البرلماني السابق إسماعيل غرامي مقدم أن البلاد عانت خلال السنوات الأخيرة من تجمع السلطات بيد التيار المحافظ وسيطرته على جميع أركان النظام، حيث لم يكن هناك رقابة عامة، وواجه النظام انتقادات بسبب هذا الأمر.

وتوقع -في حديثه للجزيرة نت- أن تحل خلافات البرلمان المحافظ مع الرئيس الجديد بشأن مجلس الوزراء بشكل ودي، لأن الطرفين بحاجة للآخر لتيسير أمورهما.

لكن الخلافات قد تبرز في المستقبل بشأن تشريع القوانين، بحسب رأي النائب السابق، حيث يوجد تعاون وتعامل بين البرلمان والحكومة بشأن تشريع القوانين وفق الدستور، ومن المتوقع ألا يتفقا في بعض القضايا، مما سيعني تحويل مشروع القانون في حينها إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام، بحسب الدستور.

من جهة أخرى، قال الخبير السياسي برديا عطاران إن البرلمان الحالي معتدل وليس محافظا متشددا، ولكن هناك عددا من النواب يمكنهم عرقلة قرارات الرئيس الجديد، مضيفا أنهم ليسوا قليلين ولكن ليسوا أغلبية، وهم تحديدا نواب طهران ومشهد وأصفهان.

وأكد الخبير السياسي -في حديثه للجزيرة نت- أن بزشكيان كان نائبا في البرلمان لمدة أكثر من 12 عاما، وله علاقات فردية مع النواب يمكنه التعويل عليها.

وأوضح أن هناك اجتماعات تتم خلف الستار بشأن اختيار تشكيلة الحكومة، قبل تقديم الوزراء للبرلمان لاعتمادهم، وتوقع أن تضم هذه اللقاءات التي لن تظهر إلى العلن مفاوضات بين البرلمان والرئيس المنتخب لحلحلة الخلافات.

وأشار الخبير إلى أن بزشكيان والمقربين منه أظهروا بعد الفوز أنهم لا يريدون أي توتر مع المحافظين، وبهذا يمكنهم احتواء البرلمان حتى بعد تشكيل الحكومة.

وزير الخارجية الإيراني السابق جواد ظريف تفاوض لتوقيع الاتفاق النووي مع الدول الست (الجزيرة)

الخيار الصعب

برز وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف منذ اليوم الأول لترشح بزشكيان للرئاسة كداعم له، وقضى أيام الحملة الانتخابية يتنقل من مدينة إلى أخرى يلقي خطابات تشجع الشعب على المشاركة بالانتخابات والتصويت له، حيث يتوقع كثيرون أن يكون لظريف تموضع مهم بحكومة بزشكيان، كوزير للخارجية أو النائب الأول أو أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي.

وتعود أهمية ظريف إلى كونه من قام بمفاوضة دول “5+1” وتوقيع الاتفاق النووي، عندما كان وزيرا للخارجية في عهد الرئيس السابق حسن روحاني، في حين أن بزشكيان يؤكد على أنه سيبذل كل جهده لإحياء الاتفاق النووي.

وتكمن صعوبة الأمر في أن البرلمان يقع تحت سيطرة المحافظين الذين كان بينهم وبين حكومة روحاني خلافات شاسعة، على الرغم من أن الرئيس السابق معتدل لكنه محسوب على الإصلاحيين بسبب دعمهم له في تلك الآونة.

وفي ضوء هذه المحددات وضرورة الحصول على اعتماد الوزراء من قبل البرلمان المحافظ، يرجح بعض الخبراء أن يكون عباس عراقتشي خيار بزشكيان للخارجية، وهو الذي كان معاونا سياسيا لظريف عندما كان وزيرا للخارجية، وشاركه بالمفاوضات النووية.

شاركها.
Exit mobile version