يعد من أشهر أعلام الثقافة في الأندلس، شارك في ميادين الفقه والتأليف والتصنيف حتى بلغت آثاره نحو 400 مصنف وبخاصة في الأدب، ورغم هذا الرصيد الواسع فقد أُحرقت كتبه.

هو أبو محمد علي بن أحمد ابن حزم الأندلسي الذي ولد عام 384 هجرية لأسرة عريقة، ونشأ في ظلال القصور، وطلب العلم في أول عمره، وجالس الفقهاء والعلماء والأدباء وانصرف إلى التأليف ومناظرة العلماء على اختلاف نحلهم.

تميز ابن حزم -الذي سلطت عليه الضوء حلقة (2025/4/15) من برنامج “تأملات”- بغزارة الإنتاج، وحضور البديهة وتنوع المعارف، كما كان موسوعي الثقافة، وصاحب مذهب في الفقه وصناعة في النقد والأدب.

وكان شاعرا، يَنظر إلى الشعر نظرة إجلال وإكبار، ورأى أن الشعر هو من العلوم النظرية التي لا بد لطالب العلم أن يأخذ بها. وابن حزم هو الذي جعل الشعر مكملا لعلمي اللغة والنحو.

عاش ابن حزم حياة حافلة بالفتن والاضطرابات والتقلبات السياسية، لكن ذلك لم يمنعه عن التصنيف والإبداع. ومن بين كتبه الكثيرة التي ذاع صيتها، “طوق الحمامة بين الألفة والأُلّاف”، وهو كتاب أدب لا يزال يحتفظ بمكانته حتى الآن.

ولابن حزم ديوان شعر له طبعات متعددة، ويعلق ابن حيان الأندلسي على إحدى مقطوعاته الشعرية بالقول: “ويا لبدائع هذا الحبر علي ابن حزم، ما أوضحها على كثرة الدافنين لها، والطامسين لمحاسنها”.

وعرف ابن حزم بلسانه السليط، وكانت هذه الصفة من الأسباب التي جعلت العلماء ينفرون منه. وقد حُرقت كتبه في إشبيلية استجابة لفقهاء فاقهم في مناظراتهم، كما أوردت حلقة “تأملات”.

ويقول ابن حزم في سجنه متشوقا إلى أهله وولده:
يا راحلا عند حي عنده رمقي أقرِ السلام على من لم أودّعه
وسله بالله عن عهدي أيحفظه؟ فعهده بمكان لا أضيعه
تجهمت نُوَب الدنيا لعامرها فلا يد عن الضراء تمنعه
واطول شوقاه ما جدّ البعاد بهم إليهم مذ سعوا للبين أفظعه
لئن تباعد جثماني فلم أرهم فعندهم وأبيك القلب أجمعه
أقول والدهر قد غالت غوائله وحط مني مكاناً كان يرفعه
عسى لطائف مَن لا شيء يُعجزه تحنو على شملنا يوما فتجمعه

كما تناولت حلقة برنامج “تأملات” فقرات أخرى، منها “فصيح العامة”، و”أصل الكلمة”، و”طرائف لغوية” وغيرها.

شاركها.
Exit mobile version