مراسلو الجزيرة نت
الدوحة- استعرض رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محيي الدين القره داغي نتائج زيارة وفد الاتحاد إلى سوريا مؤخرا، والتي التقى خلالها الرئيس السوري أحمد الشرع، مؤكدا أن المباحثات في دمشق ركزت على أهمية بذل الجهود لإقامة دولة نموذجية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، معربا عن استعداد الاتحاد للمساعدة في الحوار الوطني، وتقديم كافة أشكال الدعم للشعب السوري.
وخلال مؤتمر صحفي بمقر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في الدوحة، أكد رئيس الاتحاد أن الوفد شدد على أهمية وحدة الصف السوري وحسن إدارة التنوع وتعزيز السلم الأهلي والوحدة الوطنية وتحقيق العدالة الانتقالية، واستنفار أهل سوريا في الخارج من أجل المشاركة في العملية التنموية والاستفادة من كل مؤسسات المجتمع للتقوية الاقتصادية، ولتكون المنافسة على تقديم الخدمات، والحرص على إقامة علاقات خارجية متوازنة.
كما أعاد التأكيد على موقف الاتحاد بالوقوف مع الشعب السوري كما وقف معه من بداية ثورته، مشيرا إلى أنه لمس من القيادة السورية الحرص الواضح على الحوار والتفاهم بين كافة طوائف الشعب السوري، وهو ما تجسد مؤخرا في إطلاق الحوار الوطني في البلاد.
في سياق الدور الملقى على عاتق العلماء والمصلحين، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا، تشرفتُ بزيارة البلاد ضمن وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حيث كان لنا لقاء مهم مع الرئيس أحمد الشرع.
هذه الزيارة ليست محطة بروتوكولية، بل كانت استجابة لنداء الواجب الشرعي والأخلاقي، وموقفاً… pic.twitter.com/xChA209SJz— د. علي القره داغي (@Ali_AlQaradaghi) March 13, 2025
رغبة حقيقية
وتابع أن الوفد لمس رغبة وإرادة حقيقة من القيادة في سوريا نحو المضي قدما لبناء دولة عصرية حديثة وتجاوز آثار الماضي، حيث قدم الرئيس السوري نبذة عن الوضع في سوريا، وأوضح التحديات التي تواجه الحكومة، والخطوات العملية التي اتخذت، ومنها توقيع الاتفاقية مع قسد (قوات سوريا الديمقراطية) والقضاء على الفتنة التي أثيرت مؤخرا.
ولفت إلى أن الرئيس السوري تحدث عن المعاناة العميقة التي عاشها الشعب السوري على مدى 60 عاما من الظلم والاضطهاد، واصفا هذه الفترة بأنها خلقت “عقدة الوجود والأغلبية” والشعور المزمن بالتهميش الذي عانت منه قطاعات واسعة من الشعب، حيث تم تهميش الأغلبية لصالح أقلية حاكمة استأثرت بالسلطة والموارد، وأشار إلى أن هذا الواقع أدى إلى حالة من الفوضى والإزعاج لم تقتصر على الداخل السوري، بل امتدت لتؤثر على الوضع الإقليمي والدولي، مما جعل سوريا مصدر قلق مستمر.
البعد عن الطائفية
وفي تصريح للجزيرة نت، أكد رئيس الاتحاد الاستعداد للمساعدة في الحوار الوطني بسوريا، وتقديم كافة أشكال الدعم، بما يكفل وحدة الشعب السوري، والبعد عن الطائفية وتهميش أي طائفة، ما يفضي في النهاية، حسبه، إلى تماسك المجتمع ووحدته وتقديم نموذج للعيش جنبا إلى جنب بتفاهم وتوافق في صورة تعلي مصلحة الوطن في المقام الأول.
وتابع أن زيارة الوفد لسوريا لن تكون مجرد زيارة وتنتهي، بل ستكون هناك متابعة متواصلة للوقوف على كافة أشكال الدعم اللازمة لمساعدة السوريين في هذا الوقت الصعب، الذي يجب أن يمد الجميع أياديهم لنصرته، موضحا أن التركيز خلال الزيارة كان حول أهمية استمرار الحوار، وأنه الوسيلة الوحيدة الضامنة لنجاح التجربة السورية الجديدة، وتكوين مجتمع حر ينعم بالأمن والعيش بسلام.
وأضاف رئيس الاتحاد أن ما حدث في سوريا كان بتوفيق من الله، ثم بدماء الشهداء الزكية للشعب السوري العظيم، طوال أكثر من نصف قرن من النضال والجهاد حتى حقق الله تعالى لهم مقاصدهم وتحقق النصر بفضل الله تعالى في زمن كان الوصول إلى اليأس هو الأقرب.
تجاوز آثار الماضي
وقال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محمد الصلابي إن الوفد لمس إرادة صلبة من قِبل القيادة السورية، لتجاوز آثار المرحلة السابقة التي عانى فيها الشعب السوري لعقود طويلة.
واعتبر أن الأمر لا شك سوف يستغرق وقتا، إذ هي سمة الدول التي تخرج من أنظمة حكم دكتاتورية استمرت لفترات طويلة.
وأضاف الأمين العام، في تصريح للجزيرة نت، أن الاتحاد يركز دائما على ترسيخ القيم الإنسانية الكبرى التي جاءت في القرآن الكريم، ويناصر الشعوب في حقها بحرياتها وإقامة العدل فيما بينها، ورفع الظلم عنها انطلاقا من قول الله تعالى “لا إكراه في الدين”، وأيضا يدعو دائما إلى المساواة التي دعا الله إليها سبحانه وتعالى.
زيارة وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لرئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع في العاصمة دمشق#رئاسة_الجمهورية_العربية_السورية pic.twitter.com/zDzDAW9P6x
— رئاسة الجمهورية العربية السورية (@G_CSyria) March 12, 2025
وشدد على أن سياسة الاتحاد تركّز على أهمية الإصلاح بين الناس والعيش في سلام ووحدة، ومن هذا المنطلق، يتابع الأمين العام، كان التركيز خلال الزيارة على ضرورة الحرص من الجميع على إعلاء صوت الحكمة والعقل والبعد عن الخلافات، تحقيقا لمصلحة جميع السوريين الذي خرجوا من عقود ظلم واضطهاد كبيرة، ويستحقون وطنا آمنا يعيشون فيه بسلام وأمن.
وأشار إلى أن التخلص من الآثار السلبية التي نتجت عن النظام السابق في الجانب الأخلاقي والاقتصادي والاجتماعي سوف تستغرق وقتا ليس بالقصير للتخلص منها، موضحا أن الشعب السوري أمامه طريق طويل ويحتاج الدعم الكامل في كافة الجوانب.
وأوضح أنه كمتخصص في التاريخ الإسلامي والإنساني وفي التاريخ المعاصر، فإنه بالنسبة للشعوب العربية يعد تغيرا بهذا الحجم الذي حدث في سوريا على مستوى الشعب والقيادة واجتثاث نظام استبدادي وظالم أجرم في حق الشعب أمرا كبيرا لم يحدث من قبل.
وأوضح أن الوفد لمس أن القيادة السورية جادة في المضي قدما في هذا المسار، خاصة من خلال إشراك الجميع في الحوار الوطني، وعدم تهميش أي طرف، واستطرد أن هذا الأمر يتطلب التفاف الشعب خلف القيادة، ودعم كافة الجهود التي تبذل في هذا الصدد، موضحا حرص الاتحاد على تلبية كافة المساعدات الممكنة من أجل مصلحة السوريين.