بيروت– لم تسلم بعض المستشفيات الحكومية ومعها طواقم الإسعاف من الاستهداف الإسرائيلي المباشر في ظل تصاعد العدوان والقصف المستمر على قرى الجنوب اللبناني، مما أجبر إدارات مستشفيات مرجعيون، وميس الجبل، وبنت جبيل الحكومية على إغلاق أبوابها مؤقتا، وإجلاء المرضى والجرحى، وهو ما أخرجها بالكامل عن الخدمة.

يأتي هذا التدهور في ظل الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية الطبية جراء اشتداد المواجهات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل في الجنوب، واستهداف المستشفيات وطواقم الإسعاف معا، في حين تواجه المستشفيات الأخرى في لبنان تحديات كبيرة تشمل نقص الأدوية والمعدات الطبية، والضغط المتزايد بسبب ارتفاع أعداد النازحين والجرحى.

وتعرض -أمس الجمعة- حرم محيط مستشفى “الشهيد صلاح غندور” في بنت جبيل لقصف مدفعي إسرائيلي بـ4 قذائف، مما أسفر عن إصابة 15 فردا من الطاقم الطبي والتمريضي، وتم نقل المصابين إلى مستشفيات مجاورة لتلقي العلاج بواسطة فرق الصليب الأحمر، ليخرج عن الخدمة.

وفي حادثة أخرى، استهدفت مسيرة إسرائيلية ظهر الجمعة طاقم إسعاف الهيئة الصحية الإسلامية قرب مستشفى مرجعيون الحكومي، مما أدى إلى استشهاد 7 أفراد وإصابة 5 آخرين، وتتقاطع هذه الاستهدافات مع سياسة ضرب المنظومة الطبية واستهداف الأطقم الصحية.

إخلاء مؤقت

وأوضح مدير مستشفى مرجعيون الحكومي في جنوب لبنان الطبيب مؤنس كلاكش، للجزيرة نت، أنهم قرروا إخلاء المستشفى مؤقتا حفاظا على أرواح الموظفين والفرق الطبية والتمريضية، وذلك بعد استهداف المسعفين بشكل مباشر من قبل العدو الإسرائيلي، بشكل متكرر.

وفي حديثه عن تفاصيل عمل المستشفى منذ بداية الحرب الإسرائيلية على لبنان قبل عام، قال كلاكش “منذ بداية العدوان، قام المستشفى بواجبه على أكمل وجه، وقدم الرعاية اللازمة للجرحى والمرضى”.

وأوضح أنه “رغم الصعوبات التي واجهناها، مثل نقص الإمكانيات المادية واللوازم الطبية والتمريضية، تمكنا من تجاوز هذه المرحلة بصبر حتى يوم الجمعة الماضي، حين تم استهداف الطواقم الإسعافية التي كانت تنقل الجرحى والمرضى. وبسبب هذا الاستهداف، لم نعد قادرين على استقبال أو نقل أي مصاب”.

وأضاف “منذ 72 ساعة لم يصلنا أي جريح أو مريض بسبب استهداف الطواقم الإسعافية بشكل مباشر من قبل العدو الإسرائيلي. وقبل ظهر أمس الجمعة، تعرضت ساحة المستشفى، وتحديدا المدخل الرئيسي للقصف، مما أسفر عن استشهاد 7 أفراد وإصابة 5 آخرين من الطاقم الصحي، وتم نقل الجرحى إلى مستشفى النبطية، في حين تم توزيع الفريق الطبي على مستشفيات المنطقة”.

وعلى إثر ذلك، وحرصا على سلامة الموظفين والفرق الطبية، قررت إدارة مستشفى مرجعيون الإخلاء المؤقت، حتى تتضح الأمور ويعود الأمن إلى المنطقة، بحسب مدير المستشفى الذي وعد بإعادة فتحه في أقرب فرصة ممكنة.

في هذه الأثناء، أوضح كلاكش أنه تم نقل الجرحى إلى مستشفيات النبطية، وتم توزيع الطاقم الطبي على مستشفيات المنطقة ليستمروا في أداء رسالتهم الإنسانية في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها لبنان.

وبحسب أحدث الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة اللبنانية، بلغ عدد الشهداء من العاملين في القطاع الصحي 102، إضافة إلى إصابة 225 آخرين. وفي الأيام الثلاثة الأخيرة من الحرب وحدها، استشهد أكثر من 40 عاملا من فرق الإسعاف والإطفاء، في حين أُصيب 188 آخرون، وتعرض 45 مركزا صحيا لأضرار جسيمة.

تحديات الرعاية الطبية

بالمقابل، أوضحت الدكتورة سماح البيطار، رئيسة مجلس إدارة ومدير عام مستشفى حاصبيا الحكومي، للجزيرة نت أن المستشفى يواجه تحديات كبيرة في ظل الظروف الراهنة، لكنه لا يزال يعمل بجهد لخدمة المرضى.

وأشارت البيطار إلى أن جميع أقسام المستشفى ما زالت مفتوحة وتستقبل المرضى، منهم النازحون الذين يحتاجون إلى غسل الكلى، إلى جانب الحالات المرضية العادية. ورغم ذلك، فإن أعداد الجرحى والشهداء تتزايد يوميا، مما يزيد الضغط على المستشفى.

وأضافت أن المستشفى يعاني من نقص في أدوية العلاج الكيميائي، حيث كان يتم توفيرها من مركز النبطية التابع لوزارة الصحة اللبنانية، والذي تم إغلاقه. وتعمل إدارة المستشفى على التواصل مع وزارة الصحة لإيجاد حلول بديلة، ولكن لم يتم تأمين الأدوية حتى الآن. كما أن الإمدادات الضرورية، منها الأدوية والأكسجين، لا تصل بانتظام، مما يفاقم الوضع.

وأوضحت أن المستشفى يعتمد حاليا على المواد والأدوية التي تم شراؤها وتخزينها مسبقا تحسبا للأزمة، لكنها لن تكون كافية للصمود لفترة طويلة دون تجديد الإمدادات. وفي ظل هذه الظروف، يضطر المستشفى لإرسال موظفين إلى بيروت لجلب المواد الضرورية، رغم المخاطر التي يواجهونها في الطريق.

ولفتت إلى أن بعض الأطباء غير قادرين على الوصول إلى المستشفى بسبب الظروف الأمنية، لكن فريق الأطباء من البلدة مستمر في تقديم الرعاية للمرضى، وأكدت أن الطاقم التمريضي والإداري يواصل عمله بشكل كامل رغم التحديات.

واختتمت البيطار حديثها بالإشارة إلى انقطاع المياه واضطرار المستشفى لشرائها عبر الصهاريج، إلى جانب انقطاع الهاتف الأرضي والإنترنت، ورغم كل هذه التحديات، فإن المستشفى يواصل العمل من أجل خدمة المرضى، مع الأمل في الحصول على دعم إضافي لضمان استمرارية العمل في ظل إغلاق عدد من المستشفيات المجاورة.

شاركها.
Exit mobile version