بعد النجاح الكبير الذي حققه فيلم “الجوكر” عام 2019، والذي حصد من خلاله الممثل خواكين فينيكس جائزة الأوسكار عن دوره، كان من الطبيعي أن ينتظر عشاق السينما بفارغ الصبر الجزء الثاني “الجوكر: جنون مشترك”. ومع ذلك، يبدو أن هذا الفيلم قد خيّب توقعات العديد من النقاد والجماهير على حد سواء.

من حيث الفكرة، يشكل الفيلم جرأة غير مألوفة؛ فهو يجمع بين الدراما المُحكمة والموسيقى في محاولة لتقديم تجربة سينمائية جديدة. هذه التجربة الجريئة كانت، حسب النقاد، نقطة ضعف الفيلم، حيث لم ينجح في تحقيق التوازن بين عناصره المختلفة.

القرار بتحويل الفيلم إلى دراما موسيقية بدا غير منطقي لكثير من النقاد، الذين رأوا أن الغناء البطيء للأغاني الكلاسيكية، مثل “ما يحتاجه العالم الآن” و”لو كان أصدقائي يروني الآن”، لم يضف عمقا للشخصيات أو الحبكة بل جعل الفيلم يبدو مفككا.

ليدي غاغا، التي تمتلك صوتا مميزا وقدرة فنية قوية، لم تُمنح الفرصة الكاملة للتألق في هذا الفيلم. ورغم أن أداءها التمثيلي قد نال استحسان البعض، فإن أداءها الغنائي تم تقليصه إلى همسات ونغمات خافتة، وهذا أدى إلى إهدار قدرتها الصوتية. وكان من الممكن، وفقا للنقاد، تقديم مشاهد خيالية إضافية تسمح لغاغا بالتألق حقا وإبراز موهبتها الغنائية.

وصف الناقد “إما ساسيك” غاغا بأنها أضاءت الشاشة بحضورها المجنون، وكانت مؤثرة تماما كما كان فينيكس في الفيلم الأول. ووفق هوليود ريبورتر، اعتبر الناقد ديفيد روني أن غاغا توازن بين الهوس والافتتان، وهذا جعل شخصيتها قوية على الشاشة. ومع ذلك، رأى بعض النقاد، مثل أوين جليبرمان في مجلة فارايتي، أن غاغا لم تصل إلى مستوى الهوس الذي يتطلبه دور هارلي كوين، لكنه أشار إلى أن لديها لحظات مؤثرة في الأداء.

“الجوكر: جنون مشترك” رغم عيوبه، لا يخلو من لحظات سينمائية مميزة (غيتي)

من الجانب الموسيقي، انقسمت الآراء حول كيفية تقديم المشاهد الموسيقية؛ ففي حين رأى البعض، مثل بن رولف أن المشاهد الموسيقية كانت مذهلة وأداء غاغا كان رائعا، اعتبر نقاد آخرون مثل أليسون ويلمور أن الفيلم كان مُصرا على إفراغ الأرقام الموسيقية (المشاهد الموسيقية والغنائية) من أي متعة محتملة، وهذا جعل التجربة أقل إمتاعا مما كان يمكن أن تكون عليه.

من جانبه، قدم خواكين فينيكس أداء جيدا، لكنه لم يصل إلى مستوى التألق نفسه الذي حققه في الجزء الأول. فبدلا من أن نرى الجوكر الذي أثار الإعجاب والدهشة، ظهر آرثر فليك كشخصية مضطربة لكن غير قادرة على إيصال نفس الرسائل المعقدة كما في الفيلم السابق. حتى المشاهد الموسيقية التي تتضمن رقصا إيقاعيا لفينيكس لم تتمكن من تعزيز أدائه.

وأحد أبرز الانتقادات التي وجهت للفيلم كانت تتعلق بالنص والحبكة. حيث بدا الكثير من مشاهد الفيلم غير منطقية، خاصة تلك التي تتعلق بأنشطة آرثر فليك في مستشفى الأمراض النفسية. وبينما حاول الفيلم تقديم توازن بين الخيال والواقع، إلا أن هذا التوازن بدا غير متقن، وهذا جعل الانتقال بين العالمين مربكا وغير سلس.

وأشار بعض النقاد إلى أن الفيلم، رغم عيوبه، لا يخلو من لحظات سينمائية مميزة؛ مثل مشهد وضع “لي” (ليدي غاغا) للكحل وهي تغني “لقد أمسكت بالعالم على خيط”، والذي أبرز الكاريزما التي تتمتع بها غاغا. لكن هذه اللحظات القليلة لم تكن كافية لإنقاذ الفيلم من الشعور العام بالفشل في تقديم تجربة متكاملة.

في النهاية، “الجوكر: جنون مشترك” يُعد تجربة سينمائية جريئة لكنها غير ناجحة. ورغم وجود مواهب كبيرة على الشاشة، فإن الطموح الفني للفيلم تجاوز حدود القدرة على تحقيق توازن متناغم بين عناصر الدراما والموسيقى.

شاركها.
Exit mobile version