هذا الأسبوع، عقد الحزب الديمقراطيّ الحاكم في الولايات المتحدة الأميركية، مؤتمرًا في ثالث أكبر مدينة في البلاد، شيكاغو، لترشيح مرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة المزمع عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني. يأتي هذا المؤتمر بعد بضعة أشهر من انسحاب الرئيس جو بايدن – الذي يرأس الإدارة الأميركية – من السباق بعد مناظرة كارثية مع زعيم المعارضة الرئيس السابق دونالد ترامب.

محاولات بايدن للتمسك بالسلطة رغم تراجع شعبيته أثارت قلقًا داخل الحزب الحاكم من أن المعارضة اليمينية التي تسيطر بالفعل على مجلس النواب، وقد تمكنت من تعيين قضاة محافظين في المحكمة العليا، قد تستعيد السيطرة على البلاد، وتفرض سياسات قاسية قد تؤثر على حقوق النساء والمهاجرين.

سمى بايدن نائبته كامالا هاريس كخليفته المفضل لقيادة البلاد، وكان متوقعًا أن تفوز بالترشيح. ومع ذلك، كان المؤتمر فرصة لهاريس لاستعادة دعم الفئات التي فقدت ثقتها في بايدن، بمن في ذلك المعارضون لسياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل.

في ظل تسليط وسائل الإعلام الدولية الضوء على المؤتمر، سمح النظام بتنظيم احتجاجات من قبل ناشطين مناهضين لسياسة الولايات المتحدة في تسليح إسرائيل. ورغم ذلك، تم تحديد أماكن محددة للمتظاهرين خارج مكان المؤتمر، وتم تقييدهم بوجود أمني كثيف. أما داخل القاعة، فقد تم التصدي للمندوبين الذين رفعوا لافتات تطالب بتغيير السياسات أثناء حديث بايدن.

ورغم أن المؤتمر أقر بأن للفلسطينيين حقوقًا إنسانية، فإنه لم يسمح لمتحدثين فلسطينيين بالمشاركة في الحدث الرئيسي، مما دفع البعض إلى تنظيم اعتصام.

ومع ذلك، سيطر على المؤتمر الخوف من احتمالية فوز ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني، وهي إمكانية حذر منها العديد من المتحدثين، معتبرين أنها قد تهدد الديمقراطية في البلاد. الولايات المتحدة لا تزال تحاول التعافي من الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في عام 2020، والتي انتهت بفوز بايدن بعد أربع سنوات من حكم ترامب.

في السنوات الأربع الماضية، لم تقدم إدارة بايدن سوى إصلاحات قليلة لتعزيز مصداقية الانتخابات، مما زاد من مخاوف تكرار العنف السياسي وعدم الاستقرار.

كما أن بعض أعضاء المعارضة من الحزب الجمهوري حضروا المؤتمر، وتعهدوا بدعم هاريس ونائبها تيم والز. وحضر، أيضًا، العديد من الشخصيات البارزة، بمن فيهم الرئيس السابق باراك أوباما، لدعم الحزب الديمقراطي.

بعيدًا عن المخاوف السياسية، كان هناك تركيز أيضًا على التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، بما في ذلك ارتفاع التضخم بشكل كبير وزيادة نفقات الأسر الأميركية، مما أدى إلى فقدان الثقة في إدارة بايدن.

ورغم أن هاريس تبلغ من العمر 59 عامًا، حاول مؤيدوها تصوير ترشيحها كفرصة لتمرير الشعلة إلى جيل جديد. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا سيغير من واقع السياسة الأميركية، حيث يسيطر السياسيون الأكبر سنًا على المشهد.

في خطابها لقبول الترشيح، أعلنت هاريس أن الانتخابات القادمة تمثل “فرصة لرسم طريق جديد للمستقبل”، لكنها لم تقدم الكثير من التفاصيل حول كيفية تحقيق ذلك، مما أثار تساؤلات حول قدرة الحزب الديمقراطي على معالجة القضايا الجوهرية التي تواجه البلاد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

شاركها.
Exit mobile version