في الحقبة الإلكترونية السابقة، منذ بداية الألفية الجديدة، كانت التكنولوجيا تُلقي بظلالها على الحياة اليومية بشكل متباين، حيث كان البعض يعتبرها مجرّدَ رفاهية أو كماليات يمكن الاستغناء عنها.

قد يكون ذلك واضحًا في تصديق أو رفض البعض كثيرًا من مظاهر التكنولوجيا. لكن مع دخول الحقبة الجديدة ابتداءً من عام 2020، تغيّر كل شيء تقريبًا وشهد العالم تحولًا جذريًا في نظرته للتكنولوجيا. فظهور فيروس كورونا كان بمثابة نقطة تحول كبيرة، حيث أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياة الإنسان اليومية. فتحوّلت من كونها مجرد رفاهية إلى أداة ضرورية للبقاء والتواصل في ظل القيود والتحديات التي فرضها الوباء.

أحدثت التكنولوجيا ثورة في مختلف المجالات، وسهلت العديد من العمليات التي كانت تستغرق وقتًا طويلًا في الماضي. ومن بين هذه المجالات التنقل والسفر. وإحدى أبرز الأدوات التكنولوجية التي ساهمت في هذا التغيير بشكل كبير، هي “الخرائط الإلكترونية” التي توفر معلومات دقيقة حول المواقع والمسارات والمسافات بشكل فوري، مما يساعد في توجيه الأفراد بدقة إلى وجهتهم المطلوبة، دون الحاجة إلى الاعتماد على الآخرين الذين قد يتسببون في تضليل الكثيرين، فالبعض منهم قد يعرف الطريق والبعض الآخر لا يعرفه.

رفيق السفر الذكي

بفضل هذه التقنية، أصبح بإمكاننا التنقل بكل سهولة ويسر، سواء كنا في مدينة جديدة أم في بلد غريب. تُمكننا الخرائط الإلكترونية من العثور على الطرق الصحيح، مما يوفر لنا الوقت والجهد في التنقل. كما تساعدنا هذه التقنية في اكتشاف المواقع السياحية والمطاعم والأماكن الترفيهية بسهولة، والتعرف على تقييمات المستخدمين لها قبل الذهاب.

بهذه الطريقة، تُعتبر التكنولوجيا، بما في ذلك تطبيق خرائط غوغل، شريكًا مهمًا في رحلاتنا وتنقلاتنا، فمنذ إطلاقه في عام 2005، أضاف بُعدًا جديدًا لتجربتنا في التنقل والتجول حول العالم، من خلال تزويد المستخدمين بالمساعدة التي يحتاجونها للتنقل بكل سهولة وراحة، سواء كانوا يقودون سياراتهم، أم يستخدمون وسائل النقل العام، أو سيرًا على الأقدام، من خلال توجيههم بدقة، عبر تحديد أفضل الطرق والمسارات الأسرع، والأكثر ملاءمة للوصول إلى الوجهة المحددة.

ومع تطورها المستمر، أصبحت خرائط غوغل تزود المستخدمين بالعديد من المميزات والخدمات المفيدة، مثل: الكشف عن حركة المرور، وتحديد أوقات الذروة؛ لتجنب الازدحام، من خلال معرفة حالة حركة المرور في الوقت الفعلي، وإيجاد طرق بديلة للوصول إلى الوجهات والاستمتاع بتجربة التنقل واكتشاف العالم بأريحية.

مشكلات التحديث

على الرغم من المزايا العديدة التي يقدمها تطبيق خرائط غوغل، فإن المستخدمين يواجهون تحديًا رئيسيًا، وهو اعتماد التطبيق بشكل كامل على اتّصال شبكة الهاتف المحمول بالإنترنت، وهذا يعني أنه في حالة فقدان الشبكة في منطقة معينة، يصبح من الصعب استخدام خرائط غوغل، مما قد يؤدي إلى عدم الوصول إلى وجهتك في الوقت المحدد.

كما يواجهون أحيانًا مشكلات تتعلق بعدم تحديث البرنامج بشكل كافٍ، خاصة فيما يتعلق بتحديث أسماء الشوارع والمعلومات الخرائطية. وهذه نقطة تحتاج إلى تسليط الضوء عليها؛ لتعزيز تجربة المستخدم وتحسين استخدام البرنامج. لأنها قد تؤدي إلى توجيه المستخدمين إلى طرق غير صحيحة، بدلًا من طرق مختصرة، ما قد يعرضهم لمخاطر السلامةعلى الطرق.

وقد تمّ رصدُ عدد من الحوادث المأساوية التي تمّ إلقاء اللوم فيها على توجيهات خرائط غوغل. من بينها حادثة سقوط سائق سيارة أجرة في نهر سيبارينجكوك بجاوة الغربية- إندونيسيا، بعد ظهر الأربعاء 3 أبريل/نيسان 2024، وذلك بعد اتباعه توجيهات خرائط غوغل. ولحسن الحظ، تم إنقاذ السائق من قبل السكان المحليين.

وحادثة أخرى، في عام 2022 حيث ألقت امرأة من ولاية كارولينا الشمالية باللوم على خرائط غوغل في وفاة زوجها الذي غرق بعد أن قاد سيارته نحو جسر منهار، وفقًا لإرشادات خرائط غوغل.

وبناء على ذلك، قامت الأسرة بتوجيه تهمة “الإهمال” للشركة الكبيرة، وبأنها لم تقم بتحديث نظام الملاحة الخاص بها.

تثير هذه الحوادث وغيرها تساؤلات حول دقة وموثوقية تطبيق خرائط غوغل، وتسلط الضوء على أهمية التحديث المستمر لبيانات الطرق والمسارات، في بعض الأحيان، قد لا تكون المعلومات الموجودة في التطبيق محدثة بدرجة كافية.

وعلى الرغم من أن العديد من الأشخاص أفادوا بشأن انهيار الجسر في السنوات التي سبقت وفاة باكسون، وطلبوا من الشركة تحديث معلومات الطريق، لكنها لم تستجب، لذلك ينبغي على المستخدمين توخي الحذر وعدم الاعتماد والثقة المطلقة في مصدر إلكتروني واحد فقط، أيًا كان اسمه، والاعتماد على مصادر متعددة للمعلومات والإرشادات، خاصة في المناطق غير المألوفة، أو التي تشهد تغييرات مرورية مفاجئة.

على الرغم من هذه العيوب، فإن تطبيق خرائط غوغل لا يزال يُعتبر أداة قيمة ومفيدة للملايين حول العالم في تسهيل التنقل واستكشاف العالم بسهولة وراحة. ولا أدري لماذا تذكرني تلك الخرائط بالعربي القديم الذي كان يهتدي بالنجوم أثناء سيره في الصحراء؟.. لا تندهش فنحن قدمنا الكثير من المعرفة للعالم دون أن ندري.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

شاركها.
Exit mobile version