يُنظر إلى الدولار الأميركي وسوق الأسهم على أنهما رابحان من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض،  لكن هذا الفوز في الانتخابات سيجعل من أدوات الادخار والاستثمار رابحا وخاسرا.

1- سوق العملات

يُنظر إلى رئاسة ترامب على أنها تعزز الدولار، ويتوقع المستثمرون أن تؤدي سياساته إلى ارتفاع التضخم والنمو، مقارنة بما كان سيكون عليه الحال إذا استمر الديمقراطيون في الحكم لو فازت كمالا هاريس، ما يعني أن بنك الاحتياطي الاتحادي سيحتاج إلى إبقاء الفائدة مرتفعة لمنع الاقتصاد من الإنهاك، وهو ما سيكون بدوره تأثيرا صعوديا للعملة الأميركية.

ففي الوقت نفسه، من المرجح أن تؤدي خطط ترامب لفرض رسوم جمركية على التجارة وإجبار الحلفاء الأوروبيين على دفع المزيد من أجل الدفاع عنهم، كما قد تؤدي خططه إلى إضعاف المؤسسات المتعددة الأطراف والضغط على النمو في أماكن أخرى من العالم، ما يعزز جاذبية الدولار.

ويتوقع محللو سيتي غروب أن يرتفع الدولار 3% بعد عودة الرئيس السابق إلى البيت الأبيض.

وارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس قوة العملة الأميركية أمام 6 عملات 1.8% إلى 105.28 نقاط، في وقت كتابة هذا التقرير.

توقع المحللون انخفاضًا حادًا في اليورو، ربما إلى ما دون مستوى الدولار الرئيسي، إذا تبع ذلك التعريفات الجمركية وتخفيضات الضرائب المحلية

ويتوقع المحللون انخفاضا حادا في اليورو، ربما إلى ما دون مستوى الدولار الرئيسي، إذا تبع ذلك التعريفات الجمركية وتخفيضات الضرائب المحلية، كما يرجحون استمرار تراجع اليوان الصيني أكثر، كما حدث في الفترة 2018-2020 عندما انخفض بسرعة.

ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع الدولار إلى عودة تجارة المناقلة (الاقتراض بسعر فائدة أقل من سعر الإقراض في أسواق أخرى والاستفادة بالفارق)، فقد تم بيع عملات مثل الين الياباني والفرنك السويسري بكثافة بالفعل خلال الفترة التي سبقت الانتخابات.

مع ذلك، يقول محللون إن الفرنك السويسري سيجد الدعم، وذلك بفضل الصادرات ذات القيمة الأعلى للبلاد التي تحميها من التعريفات الجمركية، وميل العملة إلى التفوق خلال فترات التضخم المرتفع.

ومع توقع أن تكون إدارة ترامب خطا أكثر مرونة بشأن تنظيم العملات المشفرة، فإن بيتكوين هي رابح محتمل آخر، وقد ارتفعت أكبر عملة مشفرة في العالم إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق اليوم.

عبر الخريطة التفاعلية.. تابع آخر تطورات نتائج الانتخابات الأمريكية

2- سوق الأسهم

يرجح وعد ترامب بتخفيف القيود التنظيمية وخفض الضرائب على الشركات الكبرى، وزيادة إنتاج النفط وسياسة الهجرة الصارمة، نموا وتضخما أقوى، وهو ما يُنظر إليه على أنه إيجابي للأسهم، ومن المرجح أن تستفيد قطاعات مثل البنوك والتكنولوجيا والدفاع والوقود الأحفوري.

وتشير تقديرات غولدمان ساكس إلى أن خطة ترامب لخفض معدل ضريبة الشركات إلى 15% من 21%، من شأنها أن ترفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا بنحو 4%.

مع ذلك، لم يتضح بعد إلى أي مدى ستجتاز خطة ترامب لخفض الضرائب المراحل التشريعية في الكونغرس، وفي الوقت نفسه، فإن سياساته الحمائية وموقفه الصارم تجاه الصين من شأنه أن يرفع التكاليف ويقلل الربحية، ويضر بالشركات المتعددة الجنسيات.

وارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية جماعيا، إذ زاد مؤشر داو جونز الصناعي 1% إلى 24221.88 نقطة، كما ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.23% إلى 5782 نقطة، وزاد مؤشر ناسداك 1.43% إلى 18439 نقطة.

وخارج الولايات المتحدة، فإن الدولار القوي وارتفاع أسعار الفائدة الأميركية والتوترات التجارية يعني أن القطاعات الدفاعية ستحقق نتائج أفضل، وأن الشركات المتعددة الجنسيات التي تصدر للأسواق الأميركية ستتضرر.

ومن المرجح أن يكون أداء القطاعات المعرضة لتغييرات التعريفات الجمركية، مثل أشباه الموصلات والسيارات والطاقة النظيفة، متقلبا، وقد باع مستثمرون حيازاتهم في الأسهم اليابانية، التي تهيمن عليها شركات صناعة السيارات، كما تخارجوا من أسهم السيارات الكهربائية والرقائق الأوروبية.

وحذر بنك باركليز من احتمال انخفاض بأقل من 10% في الأرباح الأوروبية في حالة احتدام الصراعات التجارية مرة أخرى، ومن المرجح أن تكون نتائج قطاع الدفاع في أوروبا متباينة، بعد أن قال ترامب إنه سينهي الحرب في أوكرانيا، لكنه قال، كذلك، إن الحلفاء الأوروبيين بحاجة إلى إنفاق المزيد على الدفاع.

من المرجح أن يؤدي فوز ترامب إلى كبح النمو في أوروبا وآسيا، إذ تفرض التعريفات الجمركية والسياسات الأخرى ضغوطًا على تلك الاقتصادات.

3- السندات

صار المستثمرون يشعرون بقلق متزايد بشأن حجم ديون الحكومة الأميركية والعجز المالي الذي يزيد من ذلك، مع مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض أو عائدات سندات الخزانة.

ويمكن أن تضيف خطط الإنفاق التي وضعها ترامب 7.5 تريليونات دولار إلى العجز على مدى 10 سنوات، وهو ما يزيد كثيرا عما اقترحته هاريس، وارتفعت عائدات سندات الخزانة بنحو 50 نقطة أساس في أكتوبر/تشرين الأول، عندما كانت الأسواق ترجّح فوز ترامب.

ومن شأن الضغوط التضخمية الناجمة عن سياسات ترامب أن تترك بنك الاحتياطي الفدرالي مع مساحة أقل لخفض الفائدة، وهو ما قد يبقي عائدات سندات الخزانة مرتفعة.

من المرجح أيضا أن يؤدي فوز ترامب إلى كبح النمو في أوروبا وآسيا، إذ تفرض التعريفات الجمركية والسياسات الأخرى ضغوطا على تلك الاقتصادات.

ومن المرجح أن تقلل المزيد من الضغوط على اليورو والين والفرنك السويسري والعملات الأخرى، وارتفاع التضخم، المساحة المتاحة للبنوك المركزية في هذه البلدان لخفض الفائدة حسب الحاجة، ويتوقع محللون ارتفاع العائدات على السندات حول العالم.

4- السلع الأساسية

يسعى ترامب إلى زيادة كبيرة في حفر آبار النفط والغاز في الولايات المتحدة من خلال توسيع التأجير الفدرالي (للمساحات المرجح أن تحتوي على احتياطيات) وإلغاء القواعد البيئية كلما أمكن، وهي أجندة سياسية تضمن تقريبا أن تظل البلاد أكبر منتج للنفط في العالم.

ويمكن أن يساعد هذا العرض القوي في الحفاظ على العقود الآجلة للخام الأميركي، التي هبطت بنحو 4% حتى الآن هذا العام، منخفضة نسبيا.

من ناحية أخرى، من المرجح أن يزيد فرض العقوبات النفطية على إيران، وهو الأمر الذي قد يقلص شريحة من إمدادات الخام العالمية، كما قال إنه سيملأ الاحتياطي الإستراتيجي للنفط إلى مستويات لم يسبق لها مثيل من قبل، ما قد يرفع الأسعار مع دخول الحكومة إلى الأسواق.

قد يتضرر فول الصويا، كذلك، فقد كان التجار الأميركيون يتسابقون لشحن حصاد قياسي كبير قبل الانتخابات وسط مخاوف من تجدد التوترات التجارية مع الصين، أكبر مستورد لفول الصويا في العالم.

وفشلت الصين في الامتثال الكامل لاتفاق 2020 مع إدارة ترامب لشراء المزيد من السلع الزراعية الأميركية، فاشترت كميات أقل من فول الصويا الأميركي هذا العام التسويقي ولم تشترِ أي ذرة تقريبا، وانخفضت أسعار فول الصويا بنسبة 25% مقارنة بالعام الماضي.

 

حذر بنك باركليز من احتمال انخفاض بأقل من 10% في الأرباح الأوروبية في حالة احتدام الصراعات التجارية مرة أخرى

5- الأسواق الناشئة

حتى قبل الانتخابات، كانت المخاوف بشأن سياسات ترامب تضغط على الاقتصادات الناشئة، فبالإضافة إلى الرسوم الجمركية على الصين، قال ترامب إنه سيفرض رسوما جمركية تصل إلى 200% على واردات السيارات المكسيكية، ويقول المحللون إن البيزو المكسيكي قد يضعف إلى ما يزيد عن 21 مقابل الدولار، وهي مستويات لم نشهدها منذ أكثر من عامين.

وثمة تحديات محتملة أخرى للأسواق الناشئة، فقد اقترح مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس جيه دي فانس فرض ضريبة 10% على التحويلات المالية، وهو أمر مهم للعديد من اقتصادات أميركا اللاتينية.

ويعد الراند في جنوب أفريقيا (العملة) والريال البرازيلي وأسواق الأسهم في هذه البلدان معرضة للخطر إذا كانت ثمة زيادات في الرسوم الجمركية، وكذلك شركات تصنيع الرقائق في تايوان وكوريا الجنوبية وغيرها التي تنتج لشركات التكنولوجيا الصينية.

ومن شأن بيع سندات الخزانة وارتفاع الدولار أن يمتص الأموال من الأسواق الناشئة، ويفرض سياسات نقدية أكثر صرامة في العديد من البلدان.

وقد تستفيد الاقتصادات الناشئة ذات النمو المحلي وقصص الإصلاح مثل الهند أو جنوب أفريقيا وتصبح ملاذا في بيئات عالمية متقلبة، كما قد تنجو تشيلي، المنتجة للنحاس والليثيوم، إلى حد كبير بسبب طبيعة صادراتها الأقل قابلية للاستبدال.

 

من شأن بيع سندات الخزانة وارتفاع الدولار أن يمتص الأموال من الأسواق الناشئة ويفرض سياسات نقدية أكثر صرامة في العديد من البلدان.

6- ماذا عن الاستثمار المستدام؟

يمكن أن يسمح فوز ترامب بالوفاء بوعود حملته الانتخابية بإلغاء اللوائح البيئية التي تحد من حفر النفط والغاز وتعدين الفحم، الأمر الذي قد يعزز الأسهم في تلك القطاعات.

وقال ترامب إنه سيوقف إنفاق الأموال بموجب قانون خفض التضخم، وهو قانون المناخ المميز لإدارة بايدن-هاريس، الذي يتضمن مئات المليارات من الدولارات في شكل إعانات للسيارات الكهربائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

لكن الخطوات التي قد تؤدي بالفعل إلى انخفاض الأسهم في هذه القطاعات قد تتطلب تحركا من الكونغرس، وقد أعرب العديد من المشرعين الجمهوريين عن دعمهم لأجزاء منها على الأقل.

وتعهد ترامب بإقالة غاري غينسلر من منصب رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية، ما سيكون بمثابة انتكاسة لقدرة الصناديق المستدامة الأميركية على الضغط على الشركات، من أجل إجراء تغييرات في السياسات، وربما جعل هذه الصناديق أقل جاذبية.

شاركها.
Exit mobile version