توقعت صحيفة جيروزالم بوست أن يواصل قطاع السياحة الإسرائيلي انتكاسته في العام 2024، وسط شكوك كبيرة وعراقيل ستفرضها فترة ما بعد الحرب.

وكانت السياحة في إسرائيل تشهد موسما استثنائيا في عام 2023 مع تحقيقه معدلات نمو كبيرة وتعاف أكبر، لكن عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب القسام على الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وما أعقبها من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة كان لها وقع الصدمة على السياحة الإسرائيلية فيما تبقى من العام المنصرم والعام الحالي.

وشهد قطاع السياحة في إسرائيل نموا وأداء استثنائيين طوال عام 2023، حيث استقبلت البلاد ما يقرب من 3.01 ملايين سائح، مما أدى إلى ضخ 4.85 مليارات دولار في الاقتصاد الإسرائيلي.

وعلى الرغم من اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول، فإن الفترة التي سبقت اندلاع الحرب شهدت زيادة ملحوظة بنسبة 10% في السياحة الوافدة من الولايات المتحدة، مما عزز مكانتها كأكبر بلد مصدر للسياحة إلى إسرائيل.

ونقلت الصحيفة تصريحات عن وزير السياحة حاييم كاتس أعرب فيها عن ثقته في مستقبل القطاع، مشيرًا إلى “أن الفترة من يناير 2023 حتى اندلاع الحرب شهدت ارتفاعًا قياسيًا في السياحة الوافدة من الولايات المتحدة، مما يرسخ مكانتها كمصدر رئيسي للسياحة في إسرائيل”. وشدد كاتس على الجهود المستمرة لتعزيز البنية التحتية اللازمة لضمان استجابة سريعة وفعالة لمرحلة ما بعد الحرب، بهدف إعادة تنشيط الاقتصاد والمساهمة في تعافي البلاد ونموها.

وعلى الرغم من هذه الانجازات، تعرضت السياحة في إسرائيل لنهاية مريرة في عام 2023، حيث سجل شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي وحده وصول 52 ألف سائح، وهو ما يرفع المجموع السنوي لأكثر من 3 ملايين وصول سياحي في 2023، وهو وإن كان يشير إلى زيادة بنسبة 12.5% عن العام السابق، فإنه يمثل أيضا انخفاضا كبيرا بنسبة 34% مقارنة بعام 2019، العام الذي شهد أرقاما قياسية في السياحة الوافدة.

وكانت التوقعات مرتفعة لعام 2023، مع تلميحات بوصول نحو 3.9 ملايين سائح إلى إسرائيل، مقاربة للأرقام القياسية التي سجلت في عام 2019. لكن عوامل خارجية وفقا للصحيفة مثل الحرب الإسرائيلية على غزة وحرب روسيا وأوكرانيا والقيود على السياحة الصادرة من الصين أدت إلى تراجع وصول الزوار من تلك البلدان.

ونقلت جيروزالم بوست عن استطلاع السياحة الوافدة الذي أجرته وزارة السياحة وأظهر انتقالات واتجاهات مهمة، حيث اختار 30% من السياح الرحلات المنظمة، في حين اختار 70% السفر بشكل مستقل. وأبرزت الدراسة تحولًا في أغراض الزيارة، حيث وصلت نسبة 36% للقدوم للجولات السياحية والمشاهدة، و20% لأغراض دينية، و30% كجزء من جولات منظمة.

كاتس (يسار)شدد على ضرورة الاستجابة السريعة والفعالة لمرحلة ما بعد الحرب لإعادة تنشيط الاقتصاد (رويترز)

وبلغت الإيرادات المقدرة من السياحة الوافدة لعام 2023 حوالي 4.85 مليارات دولار، ارتفاعا عن 4.29 مليارات دولار في 2022. وكان الإنفاق المتوسط للسائح، دون تكاليف الطيران، نحو 6 آلاف شيكل (1607 دولارات)، مع متوسط إقامة لمدة 8.3 ليال.

آفاق بعد الحرب

ومع انقضاء عام 2023، يواجه قطاع السياحة في إسرائيل مستقبلا محفوفا بالتحديات والشكوك في أعقاب الحرب. حيث ألقى مارك فيلدمان، الرئيس التنفيذي لشركة زايونتورز في القدس في مقابلة مع الصحيفة، الضوء على الوضع الراهن للقطاع، محذرًا من التفاؤل المفرط حتى انتهاء الحرب واستئناف شركات الطيران الأجنبية رحلاتها إلى إسرائيل.

وقال فيلدمان: “بينما نقدر التفاؤل والثقة في الصناعة، فإن الواقع يظل قاسيا حتى تستأنف شركات الطيران الأجنبية عملياتها مع إسرائيل بعد الحرب”، مشددا على عدم وجود اهتمام من مجموعات أو أفراد بزيارة إسرائيل وقلة النشاط في مطار بن غوريون. وتفاقم الوضع بغياب خطوط الرحلات البحرية.

كما أشار فيلدمان في حديثه للصحيفة إلى التحديات الفورية التي يواجهها القطاع، مع فنادق تستضيف حاليا نازحين من شمال البلاد، دون جدول زمني واضح لعودتهم إلى منازلهم. حتى عندما تتاح الشواغر، تتوقع الفنادق فترة لتحديث مرافقها لتلبية احتياجات السياح.

وفي حين أن بنية السياحة ليست العقبة الرئيسية، شدد فيلدمان على ضرورة تقديم توقعات معقولة. “بعد الحرب، سنشهد زيادة تدريجية في عدد السياح، ولكن الانتعاش سيكون بطيئًا”، محذرًا من الحاجة إلى عملية استعادة وإعادة ضبط تدريجية لبنية السياحة.

شاركها.
Exit mobile version