ذكر تقرير حديث نشرته وكالة بلومبيرغ، أن شركات السيارات الكهربائية الصينية بدأت تتحرك بوتيرة متسارعة نحو الاستثمار العالمي، في وقت تواجه فيه قيودًا متزايدة في السوق المحلية بسبب السياسات الحكومية التي تهدف إلى كبح ما تسميه بكين “المنافسة المفرطة”.
التقرير أوضح أن هذه الخطوة تمثل تحوّلًا إستراتيجيًا يعكس سعي الشركات إلى إيجاد منافذ جديدة بعد تشبع السوق الداخلية وارتفاع الضغوط السياسية والاقتصادية.
استثمارات خارجية
ووفقًا لبيانات مجموعة روديوم التي استشهدت بها بلومبيرغ، فإن شركات سلسلة التوريد الخاصة بمركبات الطاقة الجديدة استثمرت في الخارج نحو 16 مليار دولار خلال العام الماضي، معظمها في مصانع بطاريات، وهو رقم تجاوز لأول مرة قيمة الاستثمارات داخل الصين التي بلغت 15 مليار دولار. ووصفت الوكالة هذا التحول بأنه “نقطة انعطاف فارقة في مسار توسع القطاع”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الصيني شي جين بينغ سعى بهذه السياسة إلى تقليص الطاقات الإنتاجية المفرطة التي كانت تدفع الأسعار نحو الانكماش داخليًا وتثير استياء متزايدًا خارجيًا، حيث إن المصانع الصينية “كانت تضخ منتجات تفوق بكثير قدرة المستهلك المحلي على الاستيعاب، قبل أن تُصدّر الفائض إلى الخارج”.
ترحيب دولي.. وتحفظ أميركي
ورغم الترحيب من دول، مثل البرازيل والمجر التي فتحت أبوابها لبناء مصانع جديدة، فإن بلومبيرغ أكدت أن الولايات المتحدة لا تزال على موقفها الرافض. ونقلت الوكالة عن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت قوله أمام المشرعين في يونيو/حزيران الماضي، إن القاعدة الصناعية في الصين تشبه “ذلك الفيلم الكرتوني من ديزني حيث المكانس تحمل دلاء الماء بلا توقف”، مضيفًا أن “هذا هو نموذج الأعمال الصيني”.
بلومبيرغ أوضحت أن بيسنت استبعد تمامًا فكرة أن تصبح الاستثمارات الصينية جزءًا من أي اتفاق تجاري محتمل مع واشنطن، معتبرًا أن المشكلة الجوهرية تكمن في ضرورة دفع المستهلك الصيني إلى شراء المزيد من الإنتاج المحلي بدل الاعتماد على التوسع الخارجي.
مصانع جديدة في أميركا اللاتينية وأوروبا
أحد الأمثلة البارزة التي أوردها التقرير هو مصنع شركة “بي واي دي” الجاري إنشاؤه في منطقة كاماكساري بمدينة سلفادور البرازيلية، والذي يُعد أول مصنع سيارات كهربائية للشركة خارج آسيا.
واعتبرت بلومبيرغ أن مثل هذه المشاريع تمثل “موجة جديدة من الاستثمارات الصينية الموجهة للأسواق الناشئة وأوروبا الشرقية”، ما قد يفتح فصلًا جديدًا من المنافسة في سوق السيارات العالمية.
وخلص التقرير إلى أن توسع شركات السيارات الكهربائية الصينية في الخارج قد يغير قواعد اللعبة عالميًا، لكنه في المقابل “لن يرضي مطالب واشنطن” التي تركز على إعادة التوازن في الاستهلاك داخل الصين.
وبحسب التقرير، فإن التوسع الخارجي يعكس “استمرار القصة الصينية على النمط ذاته، حيث يتحول فائض الإنتاج من الداخل إلى الخارج، لكن على شكل مصانع بدلاً من الصادرات”.