عمّان- وصل الرئيس السوري أحمد الشرع اليوم الأربعاء إلى العاصمة الأردنية عمّان في زيارة رسمية التقى خلالها الملك عبد الله الثاني لتعزيز العلاقات بين البلدين الجارين في ظل ما تشهده المنطقة من تطورات إقليمية متسارعة ومتقلبة، وفق ما أفاد به مصدر مطلع للجزيرة نت.

وأشار المصدر ذاته إلى أن الزيارة تأتي في إطار الجهود المستمرة لتعزيز التواصل بين عمّان ودمشق، وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية والتجارية بين الجانبين، إذ تُعد الأولى لرئيس سوري إلى الأردن منذ عام 2009 بعدما فتحت أبواب التواصل بين البلدين بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد.

وزار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني عمّان في 7 يناير/كانون الثاني الماضي، وبحث مع نظيره الأردني أيمن الصفدي موضوع تهريب المخدرات والسلاح عبر حدود البلدين.

وصول الرئيس السوري أحمد الشرع إلى العاصمة الأردنية عمّان

إشادة وتقدير

وبحث الرئيس السوري والعاهل الأردني، في قصر بسمان بعمّان، عددا من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، أبرزها أمن الحدود المشتركة بين الجانبين وعودة اللاجئين السوريين.

وأكد الملك عبد الله الثاني “وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء السوريين في إعادة بناء بلدهم عبر عملية يشارك فيها مختلف مكونات الشعب بما يضمن وحدة سوريا وأمنها واستقرارها”.

كما أشاد بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري، مؤكدا أنه “خطوة مهمة نحو إعادة بناء سوريا بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق”، ودان “الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية”، مشددا على “دعم المملكة لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها”.

من جانبه، أعرب الشرع عن تقديره لموقف الأردن الداعم لجهود إعادة بناء سوريا والحفاظ على وحدتها وأمنها واستقرارها.

وكان الملك الأردني قد هنأ الشرع في يناير/كانون الثاني الماضي بتوليه منصب الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية.

ومنذ حصول أول تقارب سياسي أردني مع نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في أكتوبر/تشرين الأول 2021 وحتى لحظة سقوطه نهاية 2024، لم يحظَ الأسد بلقاء الملك الأردني لا بزيارة رسمية، ولا على هامش أعمال أي قمة أو مؤتمر عربي، رغم أنه عقد العديد من اللقاءات الثنائية مع قادة دول عدة في تلك الفترة.

تعاون مبكر

ووفق مراقبين، فقد مدّ الأردن يد التعاون مبكرا إلى الإدارة السورية الجديدة للمساهمة في استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد، إذ سارع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لزيارة دمشق يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، وأكد بعد لقائه الشرع استعداد بلاده للمساعدة في إعمار سوريا.

وقال الصفدي في تصريحات صحفية إن “أمن واستقرار سوريا جزء لا يتجزأ من أمن الأردن واستقراره”، مؤكدا استعداد المملكة لتقديم كل ما في وسعها لمساعدة دمشق.

وتُشكل ملفات الإرهاب وتهريب المخدرات والسلاح خطرا على كل من دمشق وعمّان، حيث تم الاتفاق في وقت سابق على إيجاد آليات تعاون لمحاربتها، إلى جانب قضية اللاجئين السوريين وعودتهم إلى سوريا طوعية.

وتأتي زيارة الشرع في خضم سلسلة من التحركات الإقليمية المتسارعة بشأن غزة، منها لقاء ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله الثاني بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة أمس الثلاثاء، واختتام مؤتمر الحوار الوطني في سوريا، كما تسبق بأيام انعقاد مؤتمر القمة العربية الطارئة في القاهرة في 4 مارس/آذار المقبل.

من جانبه، أكد رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية خالد شنيكات وجود علاقات متينة بين عمّان ودمشق “بعيدا عن من يحكم سوريا”، وأضاف للجزيرة نت أن ملف اللاجئين السوريين في الأردن، والتأكيد على عودتهم الطوعية، ومكافحة تهريب المخدرات والأسلحة عبر حدود البلدين، وكذلك قضايا المياه، تُعد محاور هامة في القمة السورية الأردنية.

شنيكات أكد وجود علاقات متينة بين عمّان ودمشق (الجزيرة)

تطابق

وقال شنيكات إن سوريا بحاجة إلى الأردن لإعادة الإعمار، والعمل على بناء شبكات الطرق والكهرباء، وتطوير الخدمات الصحية، و”بالتالي ستلعب الخبرات الأردنية دورا محوريا من خلال المساعدة عبر اللجان الفنية المشتركة”، خاصة مع تطابق وجهات نظر الجانبين بشأن مستقبل العلاقة بينهما، وضرورة مواجهة التحديات التي تفرضها إسرائيل بتوسعها في الجغرافية السورية، وسلوكها تجاه مكونات الشعب السوري، خاصة في الجنوب.

ووفقا له، فإن “هذا السلوك قد يكون من القضايا المهمة على أجندة البحث بين الملك الأردني والرئيس السوري”، ورجح أن “تضع هذه الزيارة أسس العلاقات المستقبلية بين الطرفين، خاصة أن الجغرافيا عامل أساسي في التلاقي وضرورة التعاون”.

ويربط الأردن بسوريا شريط حدودي يمتد لنحو 378 كيلومترا، طالما نشطت واجهته الشمالية عسكريا مع تصاعد عمليات تهريب السلاح والمخدرات من الداخل السوري خلال السنوات الماضية.

في المقابل، تُعتبر سوريا شريكا تجاريا إستراتيجيا للأردن، ولكن الحرب فيها أدت إلى تراجع حجم التجارة بين البلدين من 617 مليون دولار عام 2010 إلى 146.6 مليون دولار عام 2023.

وكان الأردن قد استضاف يوم 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي اجتماعا حول سوريا بمشاركة وزراء خارجية 8 دول عربية والولايات المتحدة وفرنسا وتركيا والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى ممثل للأمم المتحدة.

شاركها.
Exit mobile version