الدوحة- تقود مبادرات الشركات الناشئة دورا مهما وأساسيا في إستراتيجيات التنمية الاقتصادية في معظم دول العالم والدول النامية بشكل خاص ومنها قطر، حيث أصبحت تلك المبادرات محطة انطلاق أساسية لزيادة الطاقة الإنتاجية والمساهمة في معالجة مشاكل الفقر والبطالة.

وتشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة نحو 90% من إجمالي الشركات العالمية وتوفر 50% من الوظائف في العالم وفقا للمرصد العالمي لريادة الأعمال، بينما يتوقع أن يصل عدد رواد الأعمال في العالم إلى 582 مليون شخص بنهاية 2023.

وتبلغ القيمة الإجمالية للشركات الناشئة حاليا أكثر من 3.8 تريليونات دولار وفقا لـ”إنفست قطر” مما يشكل إضافة مهمة للناتج المحلي الإجمالي لمعظم الاقتصادات السبعة الكبرى، إذ بلغ الاستثمار المجازف عالميا نحو 300 مليار دولار عام 2020، إلا أنه لم يتجاوز المليار في منطقة الشرق الأوسط وهو ما يشير إلى الفرص الممكنة في السوق.

تعزيز الشراكة

وتولي قطر أهمية خاصة لدعم رواد الأعمال والشركات الناشئة وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال بوصفها إحدى ركائز النموذج الاقتصادي المستقبلي لقطر وخططها الإستراتيجية التي تتماشى مع مبادئ الدولة والرؤية الوطنية 2030، وبحسب “إنفست قطر” فإن نحو ألف شركة ناشئة يتوقع لها أن تسهم بزيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2-4% بحلول 2033 وإيجاد نحو 40 ألف فرصة عمل وتعزيز التنوع الاقتصادي، فضلا عن استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر.

ووفقا لرؤية قطر الوطنية 2030 -التي تستشرف الآفاق التنموية للدولة السنوات القادمة، تؤكد الركيزة الثالثة-التنمية الإقتصادية على إيجاد اقتصاد وطني متنوع وتنافسي قادر على تلبية احتياجات المواطنين في الوقت الحاضر والمستقبل وتأمين مستوى معيشي مرتفع.

وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد قال إن المرحلة الماضية للتنمية كان اعتمادها الرئيسي على استغلال النفط والغاز، وإن المرحلة المقبلة للتنمية تهدف إلي تحقيق التنويع الاقتصادي وتعزيز دور القطاع الخاص والتوسع في البحث والتطوير والتقدم في تحقيق الاقتصاد المعرفي.

وتشير “إنفست قطر” -في تقرير- إلى أن قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة يشكل نحو 97% على مستوى الاقتصاد الكلي من مجمل الشركات المسجلة في الدولة، ويوظف ما بين 31-34% من مجمل القوى العاملة، ويعزز ذلك توفير تمويل سخي للشركات الناشئة بلغ رقما قياسيا بنحو 69 مليون ريال (19 مليون دولار) عام 2021 بزيادة قدرها 92% عن 2020 فضلا عن إمكانية الوصول إلى أسواق 25 اقتصادا تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 6 تريليون دولار ضمن دائرة لا يزيد قطرها على 3 آلاف كيلومتر.

الحاضنات والبورصة

وتنشط في قطر عدة جهات داعمة وحاضنات ومراكز تسريع الأعمال، تعمل على النهوض بالشركات الجديدة والمبادرات الواعدة، وتقديم مختلف الخدمات لتسهيل عملها، متمثلة بوزارة التجارة والصناعة وحاضنة للأعمال التابعة لبنك قطر للتنمية وحاضنة الأعمال الرقمية التابعة لوزارة الاتصالات وغيرها من الحاضنات.

وقد اضطلعت وزارة التجارة والصناعة -بحكم اختصاصها في تطوير الأعمال واستحداث أساليب وإجراءات تقديم الخدمات العامة لقطاع الأعمال والاستثمار- بدور كبير في دعم وتعزيز مكانة الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة من خلال إطلاق بوابة خارطة الإعمال للدولة.

ويقول مدير إدارة نظم المعلومات أحمد علي الكواري -للجزيرة نت- إن بوابة خارطة الأعمال التي تم إطلاقها تؤكد الحرص على بناء اقتصاد متنوع وتنافسي مبني على المعرفة من خلال الاهتمام بالقطاع الخاص، وتمكين رواد الأعمال، وتيسير إجراءات تأسيس الشركات، والارتقاء بمنظومة خدمات الأعمال في الدولة، وذلك من خلال بوابة شاملة تساعد رواد الأعمال والشركات الناشئة على رسم خارطة نجاح لأعمالهم.

ويضيف الكواري: توفر “البوابة” موارد وأدوات تساعدهم على فهم أفضل للعمليات الأساسية لبدء تشغيل الأعمال وتحقيق النجاح، إلى جانب مساعدتهم في تحديد الخطوات اللازمة لتحقيق أهدافهم، وتزويدهم بأدوات ومعارف تساعدهم في تطوير إستراتيجياتهم وتشجعهم على الابتكار، مشيرا إلى أن البوابة توفر خدمة البحث عن المنشآت التجارية الموجودة في منطقة محددة والأنشطة المتوفرة والأكثر استخداما.

من جهتها، أولت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات اهتماما بهذا القطاع، وأطلقت العديد من المبادرات الداعمة لمنظومة الابتكار الرقمي وريادة الأعمال عبر حاضنة الأعمال الرقمية لتقديم خدمات متكاملة للشركات الناشئة. وأعلنت الوزارة -في تقرير خصت به الجزيرة نت- عن خطتها حتى نهاية رؤية 2030، حيث تنطوي على دعم نحو 200 شركة ناشئة محليا ودوليا من مختلف القطاعات التي تعمل فيها.

ويتوقع أن ينمو السوق الرقمي بمعدل 7.2% حتى نهاية العام الجاري، في ظل دعم قوي ومستمر من عدد من البرامج الحاضنة.

توقعات بنمو السوق الرقمي في قطر بمعدل 7.2% سنويا حتى نهاية 2023 (شترستوك)

 

وقد أطلقت بورصة قطر سوق الشركات الناشئة في أبريل/نيسان 2021 لتعزيز الشركات الناشئة وتمكينها من النمو والتوسع، وتهدف هذه الخطوة إلى زيادة الرأسمال وتوفير فرص الوصول إلى التمويل للشركات الناشئة في سوق الأسهم.

بينما يدعم بنك قطر للتنمية رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة عبر حاضنة قطر للأعمال، التي تقدم برامج تطوير المهارات والدعم المالي للشركات الناشئة، وقد نجحت في دعم حوالي 189 شركة منذ 2014، وهو ما أسفر عن منتجات بقيمة 88.3 مليون ريال وتخريج 529 شخصا في مجال الأعمال الناجحة، مع استثمارات تصل إلى 5.86 ملايين ريال في هذه الشركات.

شاركها.
Exit mobile version