توصلت دراسة كندية حديثة إلى أن العلاج السلوكي المعرفي للأرق أثناء الحمل لا يمكنه فقط تحسين أنماط النوم ولكن أيضا معالجة اكتئاب ما بعد الولادة.

وأجرى الدراسة باحثون من جامعة كولومبيا البريطانية في أوكاناجان وفانكوفر، بالإضافة إلى جامعة كالجاري، ونشرت في مجلة الاضطرابات العاطفية Journal of Affective Disorders في أكتوبر الماضي، وكتب عنها موقع ساينس ديلي.

بينما يعتقد الكثير من الناس أن قلة النوم أثناء الحمل أمر لا مفر منه، فقد أثبتت الأبحاث الجديدة أن العلاج السلوكي المعرفي للأرق أثناء الحمل لا يمكنه فقط تحسين أنماط النوم ولكن أيضا معالجة اكتئاب ما بعد الولادة.

واكتشف الباحثون أن تقديم العلاج السلوكي المعرفي أثناء الحمل يقلل بشكل كبير من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة.

تقول الدكتورة إليزابيث كيز، الأستاذة المساعدة في كلية التمريض بجامعة يوتا، والمؤلفة المشاركة في الدراسة: “التدخل المبكر أمر بالغ الأهمية للصحة العقلية للرضع والأمهات”.

وأضافت “يستكشف بحثنا كيف يمكن لمعالجة مشاكل النوم مثل الأرق أن تؤدي إلى نتائج أفضل للصحة العقلية للأسر”.

العلاج السلوكي المعرفي هو تدخل علاجي يحدد الأفكار والسلوكيات وأنماط النوم التي تساهم في الأرق.

يتضمن العلاج تحدي المفاهيم الخاطئة أو إعادة صياغتها وإعادة هيكلة العادات لتحسين جودة النوم.

تقول الدكتورة كيز: “العلاج السلوكي المعرفي هو المعيار الذهبي لعلاج الأرق وقد ثبت باستمرار أنه يحسن أعراض الاكتئاب.. تأثيراته العلاجية مماثلة لأدوية مضادات الاكتئاب بين البالغين، ولكن مع آثار جانبية أقل، وبالتالي يفضلها غالبا الأفراد الحوامل”.

شاركت في الدراسة 62 امرأة تم تقييمهن للأرق وأعراض الاكتئاب – مع تعيين نصفهن عشوائيا في مجموعة تدخل (أي خضعن للعلاج السلوكي المعرفي) والنصف الآخر لمجموعة تحكم (لم يخضعن للعلاج السلوكي المعرفي).

وقالت كيز “لقد وجدنا أن العلاج السلوكي المعرفي أثناء الحمل يحسن النوم بشكل ملحوظ ويقلل من أعراض الاكتئاب بعد الولادة لدى المشاركات.. هذه نتائج مشجعة للغاية لأي شخص عانى في تلك الأسابيع والأشهر الأولى مع أطفاله حديثي الولادة”.

وتشير النتائج إلى أن العلاج الفعال للأرق أثناء الحمل قد يعمل كعامل وقائي ضد اكتئاب ما بعد الولادة.

لعلاج السلوكي المعرفي هو طريقة علاجية تعتمد على الحديث بين المريض والمعالج، وذلك بهدف التغلب على المشاكل عن طريق تغيير طريقة التفكير والتصرف.

ويستخدم العلاج السلوكي المعرفي لعلاج القلق والاكتئاب، وأيضا قد يستخدم لمشاكل عقلية أخرى، وذلك وفقا لخدمات الصحة الوطنية في المملكة المتحدة.

ويستند العلاج السلوكي المعرفي على مفهوم أن الأفكار والمشاعر والتصرفات مترابطة، وأن الأفكار والمشاعر السلبية يمكن أن تحبس الشخص في حلقة مفرغة.

ويهدف العلاج إلى مساعدة الشخص في التعامل مع المشاكل بطريقة أكثر إيجابية من خلال تقسيمها إلى أجزاء أصغر، وعبر تغيير هذه الأنماط السلبية يتم تحسين الطريقة التي يشعر بها الشخص.

وعلى عكس بعض العلاجات التي تعتمد على الحوار والتحدث، يتعامل العلاج السلوكي المعرفي مع مشاكل الشخص الحالية، ولا يركز على المشاكل والقضايا التي حدثت في الماضي.

ويمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي في التعامل مع المشاكل التالية:

كما قد يساعد العلاج المعرفي السلوكي في بعض الأحيان الأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية مزمنة مثل القولون العصبي ومتلازمة التعب المزمن.

وعادة ما تكون هناك جلسة واحدة أسبوعيا أو كل أسبوعين، وتمتد الجلسة من 30 إلى 60 دقيقة، وذلك على مدار بين خمس جلسات و20 جلسة.

ويعمل المريض مع الاختصاصي المعالج على تحليل مشاكله إلى أجزاء منفصلة، مثل الأفكار والأحاسيس البدنية والأفعال، ثم يتم تحليل هذه الأجزاء ومعرفة ما إذا كانت غير واقعية أو غير مفيدة.

وسيعمل المعالج على مساعدة الشخص على تغيير أفكاره وسلوكياته غير المفيدة. ثم سيطلب من المريض ممارسة هذه التغييرات في حياته اليومية، وسوف يناقش نتائج ذلك في الجلسة التالية.

اكتئاب ما بعد الولادة هو اضطراب في المزاج يصيب الأم بعد ولادة طفلها، حيث تشعر الأم بحزن شديد وقلق وإرهاق، ويصبح من الصعب عليها تقديم الرعاية اليومية اللازمة لطفلها أو حتى لنفسها، وذلك وفقا للمؤسسة الوطنية للصحة العقلية في الولايات المتحدة.

ويعرف الاكتئاب بأنه مرض يؤثر في مزاج الفرد ويؤدي لحدوث تغيرات في طريقة تفكيره ومشاعره وسلوكه، ويصيب الشخص بالحزن وفقدان الاهتمام والدافعية واحتقار الذات، والاكتئاب مرض مزمن يؤثر في حياة الشخص وقد يؤدي إلى أعراض جسمية كآلام غير معروفة الأسباب، كما قد يقود المصاب به إلى الانتحار.

ويصيب اكتئاب ما بعد الولادة 15% من الأمهات، وهو قد يبدأ قبل الولادة بقليل أو بعدها مباشرة، ولكنه عادة يبدأ بعد الولادة بأسبوع إلى شهر، وهو حالة خطيرة، إذ في حال عدم علاجه قد يستمر لأشهر أو سنوات، وقد يؤدي إلى عدم توفير الأم للرعاية الملائمة لطفلها مما يقود إلى تعرضه لمشاكل صحية وفي النمو والتطور.

شاركها.
Exit mobile version