غزة- وسط حديقة النُصب التذكاري للجندي المجهول بمدينة غزة، تجمّع ممثلو الفصائل الفلسطينية وأعيان ومخاتير العائلات في لقاء وطني بهدف مواجهة مخططات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الساعية إلى تهجير سكان قطاع غزة.

وعلى رمال الحديقة التي دمرتها قوات الاحتلال بالكامل أثناء اجتياحها مدينة غزة، اجتمع القادة والأعيان داخل خيمة كبيرة نُصبت قرب لافتة كُتب عليها “اللقاء الوطني لمواجهة مخططات ترامب لتصفية القضية الفلسطينية”.

وفي اللقاء، ألقيت عدة كلمات حملت تأكيدات على تمسك الشعب الفلسطيني في غزة بأرضه ورفضه التهجير، وطالبت بإنهاء الانقسام الفلسطيني، وتوحيد الطاقات لمواجهة مخططات ترامب، داعية الدول العربية والإسلامية إلى اتخاذ خطوات عملية لدعم وتعزيز صمود سكان قطاع غزة.

ولأول مرة منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ظهر للعلن عدد من قادة الفصائل، وكان من أبرزهم إسماعيل رضوان، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وخالد البطش، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، وماهر مزهر، القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تعهد مجددا، الثلاثاء، بالسيطرة على قطاع غزة وتهجير سكانه، معلنا تأييده ضم إسرائيل الضفة الغربية.

وسبق أن هدد ترامب بـ”فتح أبواب الجحيم” إذا لم يُطلق الأسرى الإسرائيليون المحتجزون في قطاع غزة “بحلول الساعة 12 من ظهر يوم السبت” المقبل.

وكان أبو عبيدة؛ الناطق باسم كتائب القسام، قال إن الاحتلال لم يلتزم ببنود الاتفاق، وبناء عليه سيتم تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين المقرر الإفراج عنهم السبت المقبل حتى إشعار آخر.

القيادي في حماس إسماعيل رضوان طالب الأمتين العربية والإسلامية بخطط عملية للتصدي لخطة ترامب (الجزيرة)

“لن ينجح”

في لقاء خاص مع الجزيرة نت، قال القيادي في “حماس”، إسماعيل رضوان، إن هذا الاجتماع يهدف للتأكيد على أن “ما فشل الاحتلال في تنفيذه بالقوة والقتل والإبادة، لن يستطيع تحقيقه بالمخططات والمؤامرات”.

وأضاف رضوان، في تصريحه الذي أدلى به على هامش اللقاء، “هذا الاجتماع الوطني الأول لرفض خطة ترامب بتهجير أهلنا في قطاع غزة والسيطرة عليه، الجميع متفق اليوم على رفض خطة ترامب ويؤكدون أن غزة جزء من الوطن الفلسطيني ولا يمكن لأحد أن يسلبها ويقتطعها من الوطن”.

وطالب القيادي في حماس الأمتين العربية والإسلامية بضرورة المبادرة بخطة “عملية” وعدم الاكتفاء بالتصريحات، بهدف مواجهة مخططات ترامب.

ورأى أن هذه الخطوات يجب أن تتضمن سرعة إعمار قطاع غزة، وتعزيز صمود أهله وإدخال كافة المساعدات الإغاثية ومستلزمات الإيواء ومواد البناء.

وشدد رضوان على أن مصير خطة ترامب سيكون الفشل، كما فشلت خطط تصفية القضية الفلسطينية في السابق.

القياديان في الجهاد الإسلامي خالد البطش (يمين) وحركة حماس إسماعيل رضوان (يسار) يتعانقان على هامش اللقاء
القياديان خالد البطش (يمين) وإسماعيل رضوان (يسار) يظهران لأول مرة منذ بداية الحرب (الجزيرة)

حماس ملتزمة

وردا على سؤال عن تصريحات بنيامين نتنياهو، أمس، والتي هدد فيها باستئناف الحرب إذا لم تفرج حماس على الأسرى الإسرائيليين حتى ظهر يوم السبت المقبل، قال رضوان في حديثه للجزيرة نت “لغة التهديد لا يمكن أن تنجح”.

وأضاف “نؤكد التزامنا ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، وحماس التزمت بشكل كامل بهذه الاتفاقية، والمشكلة والمراوغة كانت من الاحتلال الذي لم يلتزم بالبروتوكول الإنساني للاتفاق”.

وتابع “الاحتلال التزم فقط بـ 10% من البروتوكول الإنساني ولم يسمح بإدخال مستلزمات السكان من طعام وبيوت متنقلة وخيام ومواد بناء، ويتهرب من هذه الاستحقاقات، ويضع العراقيل أمامها سعيا لعدم الوصول للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار”.

وختم رضوان حديثه “نؤكد التزامنا بالاتفاق، ونحن حريصون على نجاحه والوصول إلى المرحلة الثانية منه، وصولا إلى إنهاء الحرب وإعادة الإعمار، وإخراج المعتقلين الفلسطينيين في صفقة مشرفة”.

القيادي في الجبهة الشعبية ماهر مزهر: خطط ترامب لتصفية القضية الفلسطينية “فاشلة” (الجزيرة)

غزة ليست صفقة

من جانبه، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ماهر مزهر للجزيرة نت، إن الهدف من اللقاء هو التأكيد للرئيس الأميركي أن خططه الساعية إلى تصفية القضية الفلسطينية “فاشلة”.

وتحدث مزهر على هامش اللقاء “نرسل رسالة للبيت الأسود وإلى هذا المجرم ترامب نقول فيها: نحن لسنا أمام صفقات تجارية، نحن أصحاب قضية عادلة، ونحن شعب متجذر، ولن تنجح هذه التهديدات والمخططات في اقتلاعنا من أرضنا”.

وتابع “رغم جرائم الإبادة طوال شهور الحرب، شعبنا رفض التهجير، لا لمصر ولا غيرها وبقي ثابتا وشامخا ومتمسكا بهذه الأرض حافظا لوصايا الشهداء، وكل هذه المؤامرات ستفشل”.

وأكمل مزهر “نقول من وسط الخيام والركام: شعبنا ينهض من جديد، وإنه عصي على الانكسار متمسك بحقوقه، وسينتصر حتى لو سقط مئات الآلاف من الشهداء”.

وشكر مزهر مصر على رفضها سياسة التهجير، وطالب الدول العربية في قمتها نهاية الشهر باتخاذ “خطوات عملية لإفشال مخططات ترامب ونتنياهو، وإعادة إعمار غزة ورفع الحصار”.

كما طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعقد لقاء للأمناء العامين لكافة الفصائل من أجل إنهاء الانقسام وتشكيل قيادة مؤقتة لمواجهة التهجير من غزة وضم الضفة الغربية وتهويد القدس.

المتحدث باسم العشائر علاء العكلوك، نقول لترامب: تراب غزة أحب إلينا من كل الدنيا (الجزيرة)

لا بديل عن غزة

وخلال اللقاء، ألقى علاء الدين العكلوك، كلمة باسم رؤساء العشائر، أكد فيها رفضهم كافة مخططات التهجير. وجاء فيها “نقول لترامب: لَتراب غزة أحب إلينا من كل الدنيا، لا ولن نتخلى عن غزة لأن لها في قلوبنا الشيء الكثير، ولن نقبل بأي تراب غير تراب غزة”.

وأضاف “باسم رجال العشائر نقول لترامب: إنّا راسخون على هذه الأرض ولن نغيّر هذا الوطن، غزة غير قابلة للتغيير ولا وطن بديل عنها”.

من جانبها ألقت سهير خضر القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كلمة باسم “المرأة الفلسطينية”، دعت فيها “أحرار العالم” إلى النضال من أجل حماية الشعب الفلسطيني.

وأضافت “هذا اللقاء مهم جدا، وهو رسالة لكل العالم مفادها أن الشعب الفلسطيني يخرج من تحت الركام ليقول: أنا موجود هنا، وسأحافظ على قضيتي، أنا متجذر في أرضي، ولن يستطيع ترامب ولا غير ترامب اقتلاعي من أرضي”.

ودعت خضر إلى ضرورة إنهاء ملف الانقسام السياسي الفلسطيني، وإعادة توحيد أراضي السلطة الفلسطينية. وأضافت “يجب أن تتكاتف كل الجهود لمواجهة كل التحديات التي تواجه مشروعنا الوطني الفلسطيني”.

خالد البطش القيادي في حركة الجهاد الإسلامي يتحدث خلال اللقاء (الجزيرة)

غزة ليست للبيع

وألقى القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش البيان الختامي للقاء، وجاء فيه إن “قطاع غزة ليس للبيع أو الإيجار، وهو جزء لا يتجزأ من أرض فلسطين التاريخية، وسيبقى كذلك ولن يتخلى عنه أبناء غزة مهما كلفهم هذا من تضحيات”.

وأضاف في البيان الذي حمل توقيع القوى الوطنية والإسلامية، إن ما عجز العدو عن تحصيله بالقتل والتدمير والإبادة، لن ينجح في تحقيقه بالسياسة.

وأكد أن تصريحات ترامب بدعم التهجير تمثل تطهيرا عرقيا يتعارض مع القانون الدولي. ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى عقد اجتماع طارئ للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية لوضع خطة عاجلة لمواجهة المخاطر التي تتهدد القضية الفلسطينية.

كما طالب بتعزيز المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، بكافة أشكالها ضد الاحتلال والمستوطنين، والعمل على تعزيز “صمود شعبنا في غزة عبر إدخال كافة المساعدات الإنسانية والطبية والإيوائية”.

وحذر من أن الشعب الفلسطيني يواجه خطرا وجوديا لن يقتصر على قطاع غزة، بل سيمتد إلى الضفة الغربية.

ودعا باسم القوى الوطنية والإسلامية القمة العربية المقبلة إلى اتخاذ خطوات عملية لمواجهة مخططات التهجير وتحمّل مسؤولياتها في دعم صمود الشعب الفلسطيني سياسيا واقتصاديا.

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية الأحد الماضي، أن القاهرة ستستضيف قمة عربية طارئة حول تطورات القضية الفلسطينية في 27 فبراير/شباط 2025 الجاري.

شاركها.
Exit mobile version