تقع إندونيسيا، أكبر دولة جزرية في العالم، على ما يُعرف بـ”حزام النار” في المحيط الهادي، وهي المنطقة الأكثر نشاطا جيولوجيا على وجه الأرض، وتشتهر البلاد بكثرة الزلازل والانفجارات البركانية، إذ تحتضن نحو 130 بركانا نشطا بين جزرها المتناثرة.

بركان “القارب المقلوب”

من بين هذه البراكين، يبرز بركان تانجكوبان بيراهو الواقع في جزيرة جاوة كأحد أشهر المعالم الجيولوجية والسياحية في البلاد، ويعني اسمه بالإندونيسية “القارب المقلوب”، وذلك بسبب شكله الذي يشبه قاربا ضخما مقلوبا على وجهه.

وترتبط بهذا الشكل المميز أسطورة شهيرة، تحكي قصة الشاب “سانجكوريانج”، الذي وقع في حب والدته “دايانج سومبي” دون أن يعلم قرابته بها، وبعد أن اكتشفت الحقيقة، اشترطت عليه مهمة مستحيلة: بناء قارب عملاق في ليلة واحدة للفوز بقلبها، وعندما فشل في مهمته، ركل القارب من شدة الغضب، فانقلب وتشكل منه البركان.

يقع جامع أزرق على حافة فوهة بركان تانجكوبان بيراهو ليمنح المشهد لمسة روحانية في قلب الطبيعة (وكالة الأنباء الألمانية)

البركان ومعالمه السياحية

يقع “تانجكوبان بيراهو” على بعد حوالي 3 ساعات بالسيارة من العاصمة جاكرتا، وساعة واحدة فقط من مدينة باندونج، التي تشتهر بين السياح بمزارع الشاي والينابيع الساخنة.

يمكن للسياح الوصول إلى قمة البركان، الواقعة على ارتفاع يقارب 2000 متر فوق سطح البحر، حيث يمكنهم التمتع بإطلالات خلابة على فوهة “راتو”، التي تضم بحيرة ذات مياه زرقاء لامعة.

يمنح تصاعد الأبخرة الكبريتية الساخنة من شقوق الصخور المكان طابعا دراميا، في حين تضفي الحمم المتجمدة والرماد البركاني طابعا قاسيا يشبه سطح القمر. وعلى حافة الفوهة، يرتفع مسجد أزرق لامع يمنح المشهد لمسة روحانية غير متوقعة في قلب الطبيعة المتقلبة.

أنشطة متنوعة وفوهات أخرى

يمكن استكشاف فوهة “راتو” عبر جولات بالسيارات أو الخيول أو حتى سيرا على الأقدام، شريطة أن يتم ذلك خلال ساعات النهار وحتى فترة ما بعد الظهر.

وبالإضافة إلى “راتو”، توجد نحو 12 فوهة أخرى أصغر حجما، ثلاث منها تحظى بشعبية سياحية، لكنها لا تُزار إلا عبر مسارات مشي أطول.

من بين هذه الفوهات، تُعد فوهة “دوماس”، الواقعة أسفل الجبل، وجهة مفضلة للزوار بفضل ينابيعها الساخنة التي يُعتقد أن لها فوائد علاجية.

يشكل بركان تانجكوبان بيراهو محطة لا غنى عنها لكل من يزور جزيرة جاوة ويبحث عن تجربة تتجاوز المشاهد المألوفة (شترستوك)

نشاط جيولوجي مستمر

ورغم مظهره الهادئ أحيانا، فإن البركان لا يزال نشطا، وكانت آخر مرة ثار فيها في عام 2013، حين أطلق عمودا من الرماد البركاني ارتفع نحو 500 متر في السماء، بعد 3 عقود من السكون.

ولم تُسجل حينها أي خسائر بشرية أو إصابات، لكن الحادثة ذكّرت الجميع بأن الطبيعة في هذه المنطقة لا تزال تحتفظ بقوتها.

يمثل بركان تانجكوبان بيراهو مثالا حيا على كيفية دمج الأسطورة بالتضاريس النادرة، وكيف يمكن لمكان واحد أن يجمع بين الجمال والخطر والتاريخ والأسطورة. وهو يشكل اليوم محطة لا غنى عنها لكل من يزور جزيرة جاوة ويبحث عن تجربة تتجاوز المشاهد المألوفة.

شاركها.
Exit mobile version