تباينت الردود الأوروبية أمس الأحد بشأن الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بين داعمين ورافضين له.

ففي فرنسا، قال الوزير الفرنسي المنتدب للشؤون الأوروبية بنجامان حداد إن الاتفاق التجاري الذي تفاوضت المفوضية الأوروبية بشأنه مع الولايات المتحدة “سيوفر استقرارا موقتا للأطراف الاقتصادية المهددة بالتصعيد الجمركي الأميركي، لكنه غير متوازن”.

بدورها، نددت أحزاب المعارضة بالاتفاق، معتبرة أنه يقوض السيادة الفرنسية.

وقالت رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب التجمع الوطني (أقصى اليمين) مارين لوبان إن الاتفاق “فشل سياسي واقتصادي وأخلاقي”، مشيرة إلى أن المفوضية الأوروبية قبلت بنودا غير متكافئة ما كانت فرنسا، “في ظل سلطة تنفيذية وطنية، لتقبلها أبدا”.

وصدر موقف مماثل من أقصى اليسار، إذ اعتبر زعيم حزب “فرنسا الأبية” جان لوك ميلانشون أنه “تم التنازل في كل شيء لترامب”.

كما اعتبر الأمين العام للحزب الاشتراكي (يسار)، عضو البرلمان الأوروبي بيار جوفيه، أن الاتفاق المبرم يكرس “التبعية”، مؤكدا أن المفوضية الأوروبية ضحت بوظائف الأوروبيين وإنتاجهم وبيئتهم من خلال وعدها باستثمارات بقيمة 600 مليار دولار في الولايات المتحدة وشراء الغاز الطبيعي المسال.

تجنب التصعيد

من جهتها، رحبت ألمانيا بالاتفاق، معتبرة أنه يجنب تصعيدا غير ضروري في العلاقات التجارية عبر الأطلسي.

وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس “يساعد هذا الاتفاق في تجنب نزاع تجاري كان من شأنه أن يؤثر بشدة على الاقتصاد الألماني”، معربا عن ارتياحه خصوصا بشأن قطاع صناعة السيارات “حيث سيتم خفض الرسوم الجمركية الحالية البالغة 27.5% إلى النصف تقريبا، لتغدو 15%”.

لكن اتحاد الصناعات الألمانية حذر من “تداعيات سلبية كبيرة على الصناعة” للرسوم الجمركية البالغة 15% التي ينص عليها الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وقال الاتحاد في بيان إن “هذا الاتفاق يمثل تسوية غير كافية ويرسل إشارة كارثية للاقتصاد المترابط بشكل وثيق على جانبي الأطلسي”، مضيفا أن “الاتحاد الأوروبي يقبل رسوما جمركية مؤلمة” من شأنها أن “تكون لها تداعيات سلبية كبيرة على الصناعة الألمانية المعتمدة بشكل كبير على التصدير”.

كذلك حذرت جمعية التجارة الكيميائية الألمانية واتحاد المصدرين الألمان ومعهد إيفو الاقتصادي من الاتفاق، معتبرين أنه يمثل “تسوية مؤلمة وإهانة للاتحاد الأوروبي”.

بانتظار التفاصيل

وفي إيطاليا، اعتبرت رئيسة الوزراء جورجا ميلوني الاتفاق إيجابيا، مردفة أنه لا يمكنها إصدار حكم أفضل حتى ترى التفاصيل.

وأوردت ميلوني ونائباها أنطونيو تاياني وماتيو سالفيني في بيان مشترك “ترحب الحكومة الإيطالية بالاتفاق الذي يجنب حربا تجارية داخل الغرب ذات عواقب لا يمكن التنبؤ بها”.

وأضاف البيان أن الاتفاق يضمن “الاستقرار، وهو جانب أساسي للعلاقات بين الأنظمة الاقتصادية والشركات المترابطة للغاية”، معتبرا أن الرسوم الجمركية البالغة 15% “يمكن تحملها”.

وأكد المسؤولون الثلاثة أنهم مستعدون “لتفعيل إجراءات دعم على المستوى الوطني” للقطاعات الاقتصادية التي ستعاني أكثر من غيرها، لكنهم دعوا أيضا إلى اتخاذ إجراءات “على المستوى الأوروبي”.

اتفاق بحاجة إلى مصادقة

وتوصل الرئيس الأميركي ورئيسة المفوضية الأوروبية إلى اتفاق تجاري في تيرنبري بأسكتلندا الأحد بعد اجتماع قصير.

واعتبرت فون دير لاين أن الاتفاق سيؤدي إلى تنوع مصادر إمدادات أوروبا من الطاقة ويسهم في أمنها، قائلة “سنستبدل بالغاز والنفط الروسيين مشتريات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال والنفط والوقود النووي الأميركي”.

وأضافت “نريد التخلص تماما من الوقود الأحفوري الروسي”، مشيرة إلى أنه من الأفضل شراء الغاز الطبيعي المسال “بأسعار أقل وأفضل” من الولايات المتحدة.

ينص الاتفاق على فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة تشمل قطاع السيارات الحيوي في التكتل الذي يخضع حاليا لرسوم أميركية بنسبة 25%.

كما ينص الاتفاق على التزام الاتحاد الأوروبي بشراء منتجات طاقية أميركية بقيمة 750 مليار دولار مقسمة بالتساوي على 3 سنوات، واستثمار 600 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة.

ولا يزال الاتفاق الذي لم تُعرف تفاصيله الكاملة بعد، يحتاج إلى مصادقة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

شاركها.
Exit mobile version