صنعاء- “سبب لي انقطاع الكهرباء معاناة كبيرة، أفقدني 4 عبوات أنسولين مخلوطة واثنتين صافيتين مما تسبب في تدهور حالتي الصحية بشكل كبير”، هكذا اشتكت الشابة اليمنية وهاد اليافعي المصابة بمرض السكري وضعها للجزيرة نت.

تقيم وهاد في مدينة عدن وتقول إن العديد من المواد الغذائية في منزلها تعرضت للتلف، بالإضافة إلى انقطاع الماء، مما اضطرها للخروج من المنزل حفاظا على أدويتها من التلف.

ومؤخرا، شهدت عدة محافظات يمنية بينها العاصمة المؤقتة عدن، انقطاعات للكهرباء لساعات طويلة جراء نفاد الوقود. وأدى تدهور الخدمات العامة والانهيار الاقتصادي المستمر إلى احتجاجات غاضبة خلال الأيام الماضية في عدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرة “الحكومة الشرعية” منها عدن، والضالع، وأبين، وسقطرى.

قلق وخوف

توضح اليافعي أنه لا يوجد مواعيد ثابتة لانقطاع التيار الكهربائي، “فقد يعمل مدة ساعتين ويُغلق 20 ساعة وأحيانا أكثر، وخلال الأيام الماضية استمر الانقطاع 22 ساعة يوميا”. وشددت على أن البدائل الأخرى مكلفة جدا “مثل العيش في فندق أو شراء طاقة شمسية ومولدات كهربائية”.

ووفقا لها، يسيطر القلق والخوف على السكان في عدن خاصة مع اقتراب فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجة الحرارة بشكل كبير، وقد تسبب الكثير من الأوبئة كالطفح الجلدي، وربما يتعرض الكثيرون إلى الوفاة إذا استمر انقطاع الكهرباء.

محافظة تعز جنوب غربي اليمن، سبق أن شهدت أيضا احتجاجات شعبية تطالب بإعادة تشغيل الكهرباء المتوقفة منذ سنوات. وأكد عبد الرحمن العديني، عاقل حارة الضربة الواقعة في قلب مدينة تعز المكتظة بالسكان، أن الكهرباء الحكومية متوقفة منذ 10 سنوات في ظل هذا الظروف الصعبة.

وأضاف للجزيرة نت أن حصة تعز من الوقود الحكومي لم تصل، والسكان يعتمدون فقط على الكهرباء التجارية الخاصة والألواح الشمسية المكلفة.

وتابع “يقدر سعر الكيلووات التجاري بـ1200 ريال (الدولار يساوي 2300 ريال)، مما اضطر العديد من المواطنين إلى وضع عدادات كهربائية، ومحاولتهم الاقتصاد فيها قدر الإمكان. ومع ذلك تتراوح الفاتورة الشهرية بين 12 ألفا إلى 15 ألف ريال يمني”.

وطالب العديني السلطة المحلية والمجلس الرئاسي ورئيس الحكومة بضرورة توفير محطة كهرباء لتعز أكثر المحافظات اكتظاظا بالسكان.

معاناة مضاعفة

تسبب تدهور الخدمات في تعميق معاناة اليمنيين وسط عجز حكومي عن التعامل مع الوضع جراء الأزمة الكبيرة التي يعاني منها اليمن.

في السياق، يقول الصحفي المقيم في عدن شكري حسين إن انقطاع الكهرباء خلّف عواقب غير محمودة على المجتمع، من بينها تسببه في توقف الكثير من الأعمال حكومية أو خاصة. وأضاف للجزيرة نت أن هذا الانقطاع تسبب بانعكاسات كارثية على القطاع الصحي، فأدى إلى تعفن الكثير من جثث الموتى وتوقف العمل في أقسام الكلى، واستحالة إجراء عمليات جراحية كثيرة.

كما زاد من حدة معاناة الناس في الحصول على مياه الشرب، وفق حسين، نظرا لتوقف عشرات الآبار عن ضخ المياه في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة. وقال إن “غياب الحلول الحكومية العاجلة لمثل هذه الأوضاع المؤلمة أصاب الجميع بحالة من الإحباط واليأس، خصوصا أنها تأتي مع اقتراب شهر رمضان المبارك”.

ردا على ذلك، أوضح مدير عمليات مؤسسة الكهرباء في محافظة عدن محمد نعمان أنه منذ قرابة 3 أشهر بدأت محطات توليد الكهرباء بالخروج التدريجي عن الخدمة جراء نفاد مادتي الديزل والمازوت، حتى وصلت إلى توقفها الكلي والاعتماد فقط على محطة “الرئيس” بقدرة محدودة بـ 65 ميغا، إلى جانب محطة الطاقة الشمسية نهارا بقدرة 90 ميغا.

وفي حديث للجزيرة نت، شرح نعمان أسباب الأزمة، مفيدا بأن توقف إمدادات النفط الخام أدى إلى دخول عدن والمحافظات المجاورة في حالة انقطاع كلي للتيار الكهربائي.

وأردف “ناشدنا جميع الجهات المعنية بضرورة إيجاد الحلول العاجلة بتوفير كميات من الوقود لتأمين استمرارية الخدمة ولو بحدها الأدنى، خصوصا أنه في فترة الشتاء تنخفض الأحمال، ولكن للأسف أصبحنا اليوم مهددين بالعودة مجددا للانقطاع الكلي”.

ووفقا لنعمان، تكمن المشكلة في عدم توفر الوقود من مازوت وديزل، مما تسبب في توقف 450 ميغا وتشغيل 65 ميغا فقط. وتابع ” في كل شتاء نستعد لفصل الصيف برفع كافة احتياجات المؤسسة، لكن هذا العام جاء الوضع مغايرا، فقد حاولنا بذل أقصى الجهود لتوفير كميات ضئيلة من الوقود لإبقاء التيار الكهربائي 4 ساعات فقط باليوم خلال الشتاء”.

وشدد على ضرورة توفير الوقود بكميات كافية لتشغيل كافة المحطات المتوقفة، ورفع القدرة الإنتاجية لمحطة “الرئيس” الكهربائية، وضمان استمرار الوقود خلال فترة الشتاء، لافتا إلى أن هذا الأمر سيشكل “فارقا كبيرا لمنظومة التوليد واستقرار الكهرباء بشكل منقطع النظير”.

وبشأن رؤيته المستقبلية لوضع الكهرباء، يقول إنها “مازالت منعدمة تماما بسبب الأوضاع الحالية التي تعيشها البلد ككل، ونأمل أن تكون هنالك انفراجة قريبة للوضع”.

رد السلطة

عقب مظاهرات شعبية متكررة احتجاجا على تدهور الخدمات، عقد مجلس القيادة الرئاسي، الأحد الماضي، اجتماعا في العاصمة السعودية الرياض بحث فيه تدهور الأوضاع الاقتصادية والخدمية.

وتعهد رئيس المجلس رشاد العليمي بأن الحكومة “ستفي بالتزاماتها الاقتصادية والخدمية”، مشددا على “ضرورة حشد جميع الطاقات في مواجهة التحديات الاقتصادية وتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين قبيل حلول شهر رمضان”، وفق وكالة الأنباء الرسمية (سبأ).

وسبق أن أرجعت الحكومة تدهور الخدمات إلى الأزمة المالية الكبيرة التي تواجهها جراء توقف تصدير النفط منذ عامين ونصف، بسبب تداعيات الصراع مع الحوثيين.

من جهته، ذكر المجلس الانتقالي الجنوبي المشارك في الحكومة -في بيان الأربعاء الماضي- أن “عدن أصبحت محرومة من أبسط الخدمات، نتيجة العجز الحكومي عن الاضطلاع بالمسؤوليات تجاه الشعب في محافظات الجنوب والمناطق المحررة”.

في السياق، يعتقد الإعلامي اليمني عبد الفتاح جميل أن “من يدير الدولة والمؤسسات اليوم هم أشخاص ينتمون لعدة أحزاب ومكونات ولا يمتلكون رؤية واضحة لتوفير الخدمات للمواطنين”، في إشارة إلى انقسام الحكومة إلى عدة مكونات سياسية.

وأضاف للجزيرة نت “لو كانت هناك نية حقيقية للإصلاح الاقتصادي وتوفير الخدمات والتخفيف من معاناة المواطن وتحسين سعر العملة لتم الاتفاق على حكومة بصلاحيات واسعة، حكومة إنقاذ متخصصة بعيدا عن الهيمنة الحزبية والمحاصصة”.

شاركها.
Exit mobile version