يحاول مجموعة من الباحثين تطوير نوع جديد من الشاشات التي قد تغير مستقبل شاشات أجهزتنا بالكامل، وفقا لما ذكره تقرير “بي بي سي”.

وعندما تنظر إليها، قد يبدو للوهلة الأولى أننا عدنا إلى الثمانينيات لأنك سترى شاشة صغيرة تعرض نصوصا بدقة منخفضة تومض وتتحرك على الشاشة. لكن تلك التقنية قد تصبح مستقبل شاشات العرض بفضل استخدام مادة البيروفسكايت في الصمام الثنائي الباعث للضوء والمعروف لنا اختصارا باسم “ليد” (LED) وعلى عكس الشاشات التي نعرفها وتستخدم تقنية “ليد” العادية، توفر التقنية الجديدة والمعروفة اختصارا باسم “بي ليد” (PeLED) وعدا بمنحنا القدرة على تطوير أجهزة أنحف وأرخص وتوفير عمر بطارية أطول.

وفي ورقة بحثية، نُشرت في أبريل/نيسان الماضي، عرض الأستاذ فنغ غاو وفريقه، من جامعة لينشوبينغ في السويد، نموذجا أوليا لهذا النوع من الشاشات، مع إمكانية اللمس وحساسية الضوء المحيط. واستعرضوا من خلاله شاشة بكثافة بكسل تضاعفت تقريبا إلى 90 نقطة لكل بوصة، وهي وحدة قياس حدة الشاشات، وتعرض رسوما متحركة بسيطة لشخصيتين تتصارعان.

تقنية جديدة

المادة الأساسية وراء تلك التقنية هي معدن البيروفسكايت، الذي يتكون من الكالسيوم والتيتانيوم والأكسجين في ترتيب بهيكل بلوري. وقد اكتُشف معدن البيروفسكايت بالقرن الـ19، ومنذ ذلك الحين طوره الباحثون ليشمل عناصر أخرى تعزز من خصائصه. وبناء على العناصر المستخدمة، بإمكان البيروفسكايت أن يصبح موصلا جيدا للكهرباء أو لإصدار الضوء، مما يجعله مفيدا في مجموعة واسعة من التطبيقات.

ويوضح لـ”بي بي سي” الدكتور دانييلي براغا رئيس قسم التسويق والمبيعات بشركة فلكسيم “بتعديل بسيط في التركيب الكيميائي، يمكننا تغطية الطيف المرئي بالكامل” مشيرا إلى إمكانية الإنتاج الضخم بفضل عملية التصنيع البسيطة والرخيصة نسبيا.

ومع ذلك، تواجه هذه الشاشة بعض التحديات الواضحة، خاصة لعدم استقرارها عند التعرض للرطوبة أو الأكسجين، كما أن عمر شاشات “بي ليد” الحالي يتراوح بين مئات وآلاف الساعات، وهو أقل بكثير من عمر الشاشات التي تعمل بتقنية “ليد” العادية الذي يصل إلى 50 ألف ساعة.

ويذكر ريتشارد فريند الأستاذ بجامعة كامبردج أن أحد التحديات مع تقنية “بي ليد” هو توجيه الضوء بالاتجاه الصحيح “لأننا نحتاج إلى إصدار الضوء إلى الأمام بدلاً من الجوانب” لذا يعمل الباحثون على تقنيات متعددة لمعالجة هذا التحدي.

تطبيقات محتملة

رغم تلك العقبات، فإن التطبيقات المحتملة لشاشات “بي ليد” واسعة النطاق، فمثلا أحد المجالات الواعدة هو استخدام البيروفسكايت الفلوري الذي يمتص الضوء ويعيد إصداره بألوان محددة. وهذه التقنية تستكشفها بالفعل شركات مثل هيليو البريطانية التي تهدف لتطوير شاشات تلفاز أكثر كفاءة، كما يشير تقرير “بي بي سي”.

كذلك فإن مادة البيروفسكايت الكهربائية المتوهجة -التي تصدر الضوء دون الحاجة إلى فلاتر الألوان- قد تمثل تغييرا حقيقيا، لأن هذا التطور قد يقلل من تكاليف الإنتاج ويخفض من استهلاك الطاقة للأجهزة المختلفة مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وشاشات التلفاز، كما يشير الباحثون.

وبرغم أن مقدار الطاقة التي قد توفرها تلك التقنية مقارنة بتقنية “أوليد” غير واضح حتى الآن، إلا أن التجارب الأولية تشير إلى أنها قد تتفوق على “أوليد” في الكفاءة مستقبلا. كما يمكن أن تدمج هذه الشاشات التحقق من بصمات الأصابع، واستشعار معدل ضربات القلب، واكتشاف الضوء.

وعموما، قد تكون الرحلة طويلة من إنتاج النموذج الأولي إلى إصدار منتج تجاري، وقد لا نرى هذا المنتج لسنوات قادمة، ولكن وعد تقنية شاشات “بي ليد” لا يمكن تجاهله، وفقا للباحثين. ومع الاستمرار في معالجة تحديات الاستقرار والكفاءة لهذه التقنية، فربما نكون على وشك بداية عصر جديد في تقنيات شاشات العرض.

شاركها.
Exit mobile version