رام الله- في السنوات الأخيرة ازداد توجه الفلسطينيين للطاقة البديلة، لا سيما الطاقة الشمسية، لتوليد الكهرباء، مدفوعين بأكثر من سبب، ثم جاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 ليحفز ذلك التوجه.
وفي 30 أبريل/نيسان الماضي اعتمد مجلس الوزراء الفلسطيني “الخطة الوطنية للطاقة المتجددة في فلسطين 2025-2030م”، وذلك للوصول إلى إنتاج نحو 30% من الاحتياجات الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة وأهمها الطاقة الشمسية، حتى العام 2030.
وفي هذا الإطار، تم منح 67 ترخيصًا بطاقة 157 ميغاواطا، وتوقيع العديد من الاتفاقيات لرفع نسبة الطاقة الكهربائية المنتجة محلياً من مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة في ميزان الطاقة.
اتفاقيات
كما وقّعت الحكومة الفلسطينية اتفاقية مع نظيرتها النرويجية لتركيب أنظمة طاقة شمسية وتخزين في 13 مستشفى، بميزانية بلغت 5.7 ملايين دولار، في وقت نفذت فيه مشاريع طاقة شمسية في 14 مؤسسة حكومية بقدرة 1.25 ميغاواط، وذلك خلال العام الأول لحكومة محمد مصطفى الذي تولى مهامه نهاية مارس/آذار 2024، وفق تقرير لسلطة الطاقة الفلسطينية.
وفي تصريحات لتلفزيون فلسطين الرسمي، نهاية الأسبوع الماضي، قال رئيس سلطة الطاقة أيمن إسماعيل، إن 86% من الطاقة التي يستخدمها الفلسطينيون يتم شراؤها من إسرائيل، وهناك جهود لخفض هذه النسبة إلى 50% بتنويع المصادر اعتمادا على المصادر المحلية، سواء المتجددة أم محطات غاز، ورفع نسبة الكمية المشتراة من الأردن إلى 10 % بدلا من 2.4% حاليا.
من جهته أشار المهندس باسل ياسين، المدير العام لمركز أبحاث الطاقة والبيئة في سلطة الطاقة الفلسطينية، إلى إستراتيجيات لدى سلطة الطاقة واهتمام كبير من مجلس الوزراء بالتوجه نحو الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء، ومنها الطاقة الشمسية.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن الخطة هي الوصول إلى 1430 ميغاواطا، حتى عام 2030 “وهو رقم كبير جدا بالنسبة لفلسطين”.

أنظمة طاقة في مئات المؤسسات
وأوضح المسؤول الفلسطيني، أن هناك توجها كبيرا جدا، لدى المواطن والمؤسسات للاستثمار، واستخدام تكنولوجيا الطاقة المتجددة، وأن جزءا من أسبابه الحرب على غزة وقرار الاحتلال قطع الكهرباء عنها في اليوم الأول للحرب.
وأشار إلى أن “الحديث حتى 2010 كان يتركز على تركيب أنظمة الطاقة في المناطق النائية لسد احتياجاتها من الإنارة وتشغيل الثلاجات لحفظ منتجات الألبان، أما اليوم فنجد مشاريع إستراتيجية كبيرة ومغرية للاستثمار كونها مجدية اقتصاديا”.
وحتى نهاية 2024، يوضح ياسين، أن قدرة مشاريع الطاقة الشمسية فاقت 300 ميغاواط، وتشكل 6% من الاستهلاك الفعلي للطاقة، وتشمل قدرة مشاريع الطاقة الشمسية على الأسطح أو في مناطق مختلفة لغرض الاستثمار، مشيرا إلى أن قدرة الأنظمة في غزة قبل الحرب بلغت 70 ميغاواطا.
وذكر أن 560 مؤسسة و562 مدرسة ونحو 8 آلاف منزل بالضفة الغربية لديها أنظمة طاقة شمسية.
وقال إن الخطة هي رفع القدرة إلى 30% من الاستهلاك المحلي بالوصول إلى قدرة 1430 ميغاواطا بالآليات المختلفة.
عوائق وتحديات
مع ذلك أشار إلى عوائق أبرزها:
- تصنيف معظم أراضي الضفة “ج” والتي تشكل نحو 60% من الضفة، أي خاضعة لسيطرة إسرائيلية كاملة، ما يحول دون إنشاء شبكات محلية فيها أو الحصول على الموافقات اللازمة لاستحداث أنظمة طاقة شمسية.
- الأراضي في مناطق السلطة المصنفة “أ” أو “ب” غالبا سكنية ومحدودة جدا ومرتفعة الثمن ومن غير المجدي اقتصاديا إنشاء مشاريع طاقة عليها.
- عدم قدرة الشبكات المحلية على استيعاب الطاقة الشمسية، المطروحة والمقدرة بنحو 1430 ميغاواطا كهدف، ما يتطلب من شركات التوزيع تطويرها. وقال إن الشبكات حاليا يمكن أن تستوعب حتى 500 ميغاواط.
ويخضع تركيب أنظمة طاقة شمسية وقدراتها لموافقات خاصة من البلديات والمجالس المحلية، وشركات الكهرباء.
وغالبا ما يتم ربط أنظمة الطاقة الخاصة بشبكات الكهرباء العامة، على أن يحصل المستهلك على الكهرباء من ذات الشبكة، وفي نهاية كل عام تُحتسب كميات الكهرباء وفق معادلات متفق عليها.
تأثير الحرب
من جهته يقول المهندس يوسف السويطي المدير الفني لشركة “بالسك لاستثمارات الطاقة” أولى الشركات العاملة في هذا المجال جنوبي الضفة، من خلال محطة “وهج الغزلان”، إن الإقبال على مشاريع الطاقة للاستخدام المنزلي شهد تزايدا ملحوظا قبل اندلاع الحرب نتيجة القوة الشرائية لدى بعض فئات المجتمع، ورغم تزايد الرغبة بعد الحرب إلا أنها بقيت محدودة لعدة أسباب أبرزها تراجع القدرة الشرائية.
يوضح السويطي في حديثه للجزيرة نت، أن الشركات المختصة تتلقى اتصالات كثيرة تسأل عن تكلفة وجدوى مشاريع الطاقة المنزلية بشكل خاص، لكن القليل يمضون في اقتناء تلك الأنظمة، بسبب نقص السيولة المادية، نظرا لتراجع القوة الشرائية وفقدان كثيرين أعمالهم من جهة، وتوقف شركات عن التركيب بالتقسيط من جهة ثانية، مع أن التكلفة تراجعت عما كانت عليه قبل الحرب.
يشير المهندس الفلسطيني إلى تجه شرائح مختلفة من الفلسطينيين إلى الطاقة الشمسية، منها شركات الاستثمار، ومصانع ومنشآت تجارية، ومواطنون لغرض الاستخدام المنزلي، وخاصة من يزيد استهلاكهم الشهري عن 150 دولارا تقريبا، إضافة إلى جهات حكومية.
يتحدث المهندس الفلسطيني عن عقبات تواجه التحول إلى الطاقة الشمسية، منها حجز بعض القدرات لصالح البلديات، القدرة الاستيعابية غير الكافية للشبكات المحلية، قلة الأراضي المناسبة لمزارع الطاقة، عدم توافر ضمانات الدفع لدى شبكات التوزيع والنقل للجهات المنتجة، مساعي بعض البلدات للحصول على حصة في المشاريع مقابل الاستفادة منها.
ويشير إلى أن أنظمة الطاقة، إما تكون مستقلة تماما عن شبكة الكهرباء العامة، أو متصلة بها وفق أنظمة خاصة.
جدوى اقتصادية
عن جدوى ومزايا الطاقة الشمسية مقارنة بشبكة الكهرباء العامة، يشير إلى الارتفاع المتزايد في أسعار الكهرباء حيث بات بإمكان بعض المستهلكين استرداد قيمة النظام في غضون أعوام قليلة، في حين أن العمر الافتراضي للشبكة 25 عاما.
عن مصادر مستلزمات الطاقة، ذكر الصين بالدرجة الأولى بالنسبة للألواح الشمسية، وأوروبا لباقي المستلزمات من محولات وأنفيرترات وهياكل معدنية.
وأشار المهندس الفلسطيني إلى أن ما يميز أجواء فلسطين وجود نحو 300 يوم مشمس، ما يساعد بشكل كبير الاعتماد على الشمسية مصدرا للطاقة.
ولفت إلى احتياجات نشأت عن الطلب المتزايد على أنظمة الطاقة، منها الحاجة إلى مزيد من التشريعات والقوانين الناظمة لهذا القطاع والضامنة لحقوق المستثمرين، فضلا عن الخدمات الاستشارية في هذا المجال حيث بدأت شركته تقديم الاستشارات أخيرا.