كشف خبراء -في سلسلة من الأوراق البحثية- عن ضرورة إدخال إستراتيجيات عاجلة للوقاية من سكري الحمل وإدارته طوال حياة المرأة، بما في ذلك الفحص والتشخيص المبكر لتقليل مضاعفاته أثناء الحمل والولادة وتقليل خطر الإصابة بحالات صحية أخرى في وقت لاحق من الحياة.

ويقدم الباحثون -الذين يعملون في عدة جامعات في أستراليا والولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى- نتائج سلسلتهم التي نشرت في “مجلة لانسيت” (The Lancet) في الجلسات العلمية لجمعية السكري الأميركية، والتي تعقد في الفترة ما بين 21-24 يونيو/حزيران الجاري في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا في الولايات المتحدة الأميركية، وكتب عنها موقع يوريك أليرت (EurekAlert).

وسكري الحمل، هو نوع من السكري الذي يتم اكتشافه أثناء الحمل حيث تكون مستويات الجلوكوز في الدم أعلى من المتوسط، وهو أكثر مضاعفات الحمل الطبية شيوعا على مستوى العالم، حيث يؤثر على واحدة من كل 7 حالات حمل.

قال البروفيسور ديفيد سيمونز من جامعة ويسترن سيدني، أستراليا “تؤكد سلسلتنا الجديدة على الحاجة الملحة إلى تغيير كبير في كيفية تشخيص وإدارة سكري الحمل، ليس فقط خلال فترة الحمل، ولكن طوال حياة الأمهات وأطفالهن”.

ويضيف أن سكري الحمل هو حالة معقدة بشكل متزايد، وليس هناك نهج واحد يناسب الجميع لإدارته. بدلا من ذلك، يجب مراعاة عوامل الخطر الفريدة والملف الأيضي للمريضة لتوجيهه خلال فترة الحمل ودعمها بعد ذلك لتحقيق أفضل النتائج الصحية للنساء والأطفال في كل مكان.

تزايد معدلات سكري الحمل ومضاعفاته

مع استمرار زيادة السمنة في جميع أنحاء العالم، زادت معدلات انتشار سكري الحمل بمقدار ضعفين إلى 3 أضعاف عبر العديد من البلدان خلال السنوات الـ20 الماضية. تتراوح معدلات انتشار سكري الحمل الحالية من أكثر من 7% في أميركا الشمالية ومنطقة البحر الكاريبي إلى ما يقرب من 28% في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ما بين 30% و70% من النساء المصابات بسكري الحمل يعانين من ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم منذ بداية الحمل (20 أسبوعا من الحمل أو قبل ذلك، والمعروف أيضا بسكري الحمل المبكر). هؤلاء النساء يعانين من نتائج حمل أسوأ (مضاعفات) مقارنة بالنساء اللاتي لا يظهر لديهن سكري الحمل حتى في وقت لاحق من الحمل (الأسابيع 24-28).

في الدراسات حيث لم يتم إدارة سكري الحمل بشكل كاف (مثل عدم استخدام الأنسولين عندما كان مطلوبا) في وقت لاحق من الحمل، كان سكري الحمل مرتبطا بزيادة مخاطر الولادة القيصرية (16%)، والولادة المبكرة (51%).

النساء المصابات بسكري الحمل لديهن خطر أعلى بـ10 أضعاف للإصابة بالسكري من النوع الثاني في وقت لاحق من الحياة مقارنة بالنساء اللاتي لم يتعرضن لسكري الحمل. كما أنهن أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الدهون في الدم والسمنة، والكبد الدهني، التي تتزامن مع تضاعف خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية خلال حياتهن.

التشخيص المبكر من أجل نتائج صحية أفضل مدى الحياة

توصي معايير التشخيص الحالية لمنظمة الصحة العالمية لسكري الحمل بالفحص في الفترة ما بين الأسبوع 24 والأسبوع 28 من الحمل بدون فحص مسبق.

ومع ذلك، تشير الأدلة الحديثة إلى أن سكري الحمل  يمكن أن يكون موجودا في وقت مبكر من الحمل. بشكل عام، يمكن الكشف عن 30-70% من سكري الحمل في وقت مبكر باستخدام اختبار تحمل الجلوكوز الفموي ويشمل أولئك الأكثر عرضة للعلاج بالأنسولين وتجربة مضاعفات الحمل.

كما أظهرت الدراسات الحديثة، أنه، مِن بين النساء المصابات بسكري الحمل المبكر، فإن التعرف على المرض وعلاجه قبل 20 أسبوعا من الحمل (مقارنة بـ24-28 أسبوعا) لم يقلل فقط من مضاعفات الحمل ومضاعفات ما بعد الولادة، بما في ذلك ضيق التنفس لدى المواليد وفترة الإقامة في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، بل أيضا حسّن من جودة الحياة في منتصف فترة الحمل وزاد من بدء الرضاعة الطبيعية، مما يمكن أن يقلل من احتمالية الإصابة بالسمنة والسكري من النوع الثاني وغيرها من الحالات طويلة الأمد.

قالت الدكتورة هيلينا باكمان من جامعة أوريبرو، السويد “فوائد اكتشاف سكري الحمل المبكر واضحة، يمكننا الحفاظ على صحة الأمهات والأطفال خلال الحمل ونأمل أن نواصل هذا المسار مدى الحياة. ما نحتاجه الآن هو الفحص المبكر ونهج لإدارة سكري الحمل يأخذ في الاعتبار الموارد المتاحة وظروف المريض”.

هناك حاجة ماسة إلى إستراتيجيات جديدة لتحسين إدارة سكري الحمل، وتشمل الإستراتيجيات الموصى بها والتي طورها مؤلفو السلسلة:

  • الفحص المبكر لسكري الحمل للذين لديهم عوامل خطر، ويفضل أن يكون قبل الأسبوع 14 من الحمل.
  • تعزيز الصحة على مستوى السكان، خاصة للنساء اللاتي لديهن عوامل خطر، بما يحقق حملا صحيا ومن ثم شيخوخة صحية.
  • تقييمات سنوية مخصصة للنساء اللواتي لديهن تاريخ مع سكري الحمل لمنع أو إدارة أفضل للمضاعفات مثل السكري من النوع الثاني (خاصة في حالات الحمل اللاحقة) وأمراض القلب والأوعية الدموية.
  • المزيد من البحث في سكري الحمل وكيفية تحسين صحة النساء المصابات بسكري الحمل وأطفالهن عبر مراحل الحياة.
شاركها.
Exit mobile version