بعد جولات من المفاوضات، وجلسات مشتركة بين أطراف متباينة في المواقف والأفكار، شهدت العاصمة القطرية الدوحة السبت الماضي اتفاقا لإعلان مبادئ بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وحركة إم 23 المسيطرة على أجزاء واسعة من مناطق شرق الكونغو التي استمر فيها النزاع المسلح قرابة 30 عاما.

ومن شأن اتفاق إعلان المبادئ الجديد، أن يمهّد الطريق للحوار والسلام، ووقف النزاع المسلح الذي أودى بحياة آلاف الأشخاص، وشرّد مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء.

ومنذ ديسمبر/كانون الثاني الماضي تجدّد النزاع بشكل خطير بين قوات الجيش النظامي وحركة إم 23 التي سيطرت على مناطق واسعة من المدن الواقعة في الجانب الشرقي مثل مدينتي غوما وبيكافو، الأمر الذي جعل نداءات المجتمع الدولي تعلوا بشأن ضرورة وقف النزاع خوفا من توسع الحرب إلى مناطق أخرى في دول البحيرات العظمى.

مسار الوساطة

وبينما كانت الأطراف المعنية بجذور النزاع تتبادل الاتهامات، وفي خطوة لم تكن متوقعة، فاجأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني المراقبين الدوليين، باستضافته في قمة خاصة رئيسا الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيكسدي ورواندا بول كاغامي في مارس/آذار الماضي، في أول لقاء لهما منذ اندلاع الصراع أواخر العام الماضي.

أمير قطر نجح في عقد لقاء مباشر بين رئيسي الكونغو ورواندا في العاصمة الدوحة في مارس/آذار الماضي (الفرنسية)

وفي بيان مشترك، صدر عقب اللقاء مع أمير قطر أعرب رئيسا رواندا والكونغو عن شكرهما لدولة قطر وأميرها على تنظيم هذا الاجتماع المثمر الذي أسهم في بناء الثقة بين الدولتين، وأكدا الالتزام المشترك بمستقبل آمن ومستقر لجمهورية الكونغو الديمقراطية والمنطقة.

وبينما كانت الحكومة المركزية في كينشاسا ترفض الجلوس والحوار مع المتمردين قبل انسحابهم من المناطق المحتلة، استطاعت الدوحة أن تقنع الأطراف بالجلوس إلى طاولة الحوار وجها لوجه، واستمرت المناقشات بشكل دوري طيلة الأشهر الماضية، حتى تم التوقيع على إعلان المبادئ أول أمس السبت في العاصمة الدوحة.

ونص اتفاق إعلان المبادئ على وقف دائم لإطلاق النار ما يمهّد لمسار جديد من السلام والاستقرار في المنطقة.

وقد جاء الإعلان الجديد ليمثل تتويجا لجهود سياسية ودبلوماسية بدأت قبل شهور، أبرزها لقاء أمير قطر برئيسي الكونغو ورواندا في مارس/آذار الماضي، وتوقيع اتفاق واشنطن بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا في 27 يونيو/حزيران الماضي، والذي شكّل أساسا للتنسيق الذي سبق إعلان الدوحة.

إشادات عربية ودولية

وفي سياق متصل أعربت العديد من الأطراف المعنية بمتابعة الموضوع بشكل مباشر عن شكرها لدولة قطر ودبلوماسيتها الناجحة في الوساطات وحل النزاعات بشكل سلمي يعتمد على الحوار ومنطق السلم.

فقد أصدرت الخارجية الأميركية بيانا أعربت فيه عن خالص امتنانها لدولة قطر على التزامها الراسخ بتيسير هذا المسار، ودورها الحيوي في تعزيز الحوار بين الأطراف المعنية ودعم حل سلمي للصراع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأعربت الوزارة في الوقت نفسه عن ترحيبها بالاتفاق الذي جرى توقيعه في الدوحة بوساطة قطرية، وبحضور الولايات المتحدة كمراقب، مشيدة أيضا بالأطراف الموقعة لاتخاذهم هذه الخطوة المهمة نحو تعزيز السلام والاستقرار الدائمين في منطقة البحيرات العظمى.

من جانبه، أشاد المبعوث الرئاسي الأميركي للشؤون الأفريقية مسعد بولس بالدور الحيوي الذي لعبته قطر في تسهيل الاتفاق، قائلا “إن دولة قطر معروفة بدورها الريادي في حل النزاعات حول العالم”، وعبر عن شكره للدوحة على جهودها الأساسية في هذا الملف.

وفي سياق متصل، أعربت فاليري لوسامبا كابييا، سفيرة جمهورية الكونغو الديمقراطية لدى الدوحة عن خالص امتنانها لأمير قطر لما يبذله من جهود نحو تحقيق السلام والاستقرار في منطقة أفريقيا، وجميع أنحاء العالم.

ووصفت السفيرة فاليري هذا الاتفاق بأنه خطوة مهمة نحو إنهاء حالة عدم الاستقرار في الجزء الشرقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وبداية لمرحلة جديدة من البناء والسلام والاستقرار.

وعلى الصعيد الأفريقي أشاد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف بالاتفاق، واعتبره خطوة مهمة في تحقيق السلام، مشيرا إلى أهمية الدور الذي لعبته قطر في التوصل إلى هذا الإنجار.

وعربيا، أشادت المملكة العربية السعودية بالتوقيع على اتفاق إعلان المبادئ الذي تم في العاصمة الدوحة بين حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وحركة إم 23.

وقالت الخارجية السعودية في بيان لها إن المملكة تتطلّع لأن يسهم هذا الاتفاق في تحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويعزز الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، كما ثمّنت الجهود التي بذلتها الشقيقة قطر، حسب تعبير البيان. كذلك رحبت بالاتفاق عدة دول عربية وإقليمية.

شاركها.
Exit mobile version