كشفت دراسة حديثة عن أدلة حول النظام الغذائي الذي كان يتّبعه شعوب الكلوفيس الذين استوطنوا أميركا الشمالية خلال العصر الجليدي الأخير، ويبرز الماموث كطبق أساسي شهي بجانب أصناف أخرى من الحيوانات العملاقة.

وقد استعان الباحثون في دراستهم بتحليل الأدلة الكيميائية في بقايا طفل يبلغ من العمر 18 شهرا اكتُشف في جنوب ولاية مونتانا بأميركا، ليتمكنوا من فك شفرة النظام الغذائي لأمه.

وتظهر النتائج المنشورة في دورية “ساينس أدفانسز” أن حوالي 96% من النظام الغذائي للأم كان يعتمد على الحيوانات الضخمة وهي ما تُعرف اصطلاحا “بالميغافونا”، ويشكل الماموث حوالي 40% من هذا النظام. وكانت ثمة فرائس أخرى من الميغافونا تشمل الأيل والبيسون (الثور الأميركي) والجمال والخيول، في حين كانت مساهمة الثدييات الصغيرة والنباتات ضئيلة.

وكان الماموث الكولومبي، الذي يصل ارتفاعه إلى 4 أمتار ويزن نحو 11 طنا، يعد هدفا رئيسا لصيادي شعوب تلك المنطقة النائية. وبسبب صعوبة حجمه الضخم وجلده القاسي، طوّر الصيادون بعض أدوات الصيد مثل رؤوس الرماح الحجرية الكبيرة والسكاكين القوية الحادة.

الماموث والبشر وصلوا إلى المنطقة بكثافة لوجود نبع طبيعي نادر للمياه السائلة (ويكيميديا)

التأثيرات على البيئة والانقراض

وتقترح الدراسة أن من المحتمل أن يكون التركيز الغذائي على الماموث قد أسهم في انقراض هذه الكائنات العملاقة في نهاية العصر الجليدي قبل نحو 11 ألفا و700 سنة، وفي تلك الفترة أيضا بدأ المناخ الدافئ في تقليص الموائل الخاصة بالماموث وغيرها من الحيوانات العاشبة الكبيرة، مما أدى إلى تقليص فرص نجاتها أيضا.

واعتمدت الدراسة على تحليل النظائر المستقرة لفك شفرة النظام الغذائي للأم من خلال فحص نظائر الكربون والنيتروجين في عظام الطفل، وتمكن الباحثون من تحديد التوقيعات الكيميائية لطعامها على نحو دقيق.

وتوفر هذه النظائر، التي تختلف حسب نوع الطعام المستهلك، لمحة مفصلة عن نظامها الغذائي الذي كان مشابها لذلك الذي تتبعه الحيوانات المفترسة المنقرضة مثل القطط ذات الأنياب السيفية (الهوموثريوم).

ويرجع اكتشاف بقايا الطفل، المعروف باسم “أنزيك بوي”، إلى عام 1968 في مأوى صخري انهار في ولاية مونتانا، وكان نظامه الغذائي مزيجا من حليب الأم والطعام الصلب. وأشار عالم الآثار بن بوتر إلى أن هذه النتائج “تساعدنا في فهم الأنظمة الغذائية لشعوب الكلوفيس، وأيضا التأثيرات البيئية المباشرة الناتجة عن الصيد البشري خلال هذه الفترة الحاسمة في تاريخ الأرض”.

شاركها.
Exit mobile version