ظاهرة الاحتفاظ بعبوات الشامبو والمستلزمات المجانية من الفنادق قد تبدو بسيطة، لكنها في الواقع تحمل الكثير من الدلالات النفسية والاجتماعية التي جذبت انتباه الباحثين. هناك دراسات تؤكد أن هذه الظاهرة تعكس تفاعلات معقدة بين الفرد وبيئته الاجتماعية والنفسية.

تقدر تكلفة منتجات العناية الشخصية المخصصة للاستهلاك مرة واحدة مثل الشامبو والصابون بين 20 سنتا إلى 5 دولارات، وفق مستوى الفندق.

وأظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه موقع سيرفاي مونكي أن 38% من الأشخاص الذين تم استطلاع آرائهم يحتفظون بمنتجات الفنادق مثل الشامبو والمناشف الصغيرة بسبب الفائدة العملية.

وأشار 27% إلى أنهم يحتفظون بها كنوع من تذكارات السفر، بينما أكد 35% أنهم يحتفظون بها لأنها تعطيهم شعورا بالتقدير من الفندق.

وفي استطلاع للرأي أُجري في الولايات المتحدة عبر شبكة “يو جوف”، أفاد حوالي 43% من المشاركين بأنهم يحتفظون بمنتجات فندقية مثل الشامبو أو الصابون بسبب شعورهم بأنها مجانية أو جزء من التجربة التي دفعوا ثمنها مقدما.

كما أظهر الاستطلاع أن 25% من المشاركين أشاروا إلى أنهم يقتنون هذه المنتجات لأغراض عملية مثل استخدامها أثناء السفر أو الرحلات المقبلة.

الظاهرة التي يتشارك فيها الملايين حول العالم، تتجاوز الأبعاد النفسية الفردية، وتظهر أيضا في سياقات اجتماعية وثقافية أوسع. وهناك العديد من العوامل التي تسهم في تكرارها، هذه أبرزها:

السعادة بالحصول على شيء مجاني

تناولت بعض الدراسات مفهوم “الحصول على شيء مجاني”، تبين أن الناس لديهم ميول قوية للاحتفاظ بالأشياء التي يرونها مجانية أو تأتي ضمن حزمة خدمات تم دفع ثمنها مقدما.

وفقًا لدراسة نشرتها “مجلة الاقتصاد السلوكي والتجريبي”، يشعر الأفراد بارتياح نفسي عندما يحصلون على أشياء إضافية ضمن خدمات مدفوعة، مما يعطيهم شعورا بأنهم يحصلون على قيمة أعلى مقابل المال الذي دفعوه، وهو ما يسهم في تعزيز الشعور بالرضا الشخصي والانتعاش العاطفي. وهذا يفسر جزئيا سبب احتفاظ البعض بمنتجات الفنادق رغم كونها صغيرة أو غير ضرورية.

ظاهرة “الاحتفاظ بالذكريات”

أظهرت دراسات نفسية أن النزلاء قد يحتفظون بالأشياء المرتبطة بتجاربهم الشخصية كنوع من “الاحتفاظ بالذكريات”، فالعبوات الصغيرة من الفنادق ترتبط بالذكريات التي تشكلت أثناء الإقامة في الفندق، مثل الرحلات أو الأحداث الخاصة التي حدثت أثناء فترة الإقامة. هذه العبوات تصبح أكثر من مجرد أدوات عناية شخصية، بل تحمل تجربة ممتعة يرغب البعض في تذكرها من وقت إلى آخر.

الأفراد الذين يحتفظون بالمنتجات الصغيرة من الفنادق مثل الشامبو أو الصابون يشعرون بنوع من التقدير لذكريات السفر (غيتي)

الملكية الرمزية

تشير بعض الدراسات النفسية إلى أن الاحتفاظ بالأشياء التي تعتبر “مؤقتة” أو “غير دائمة” يمكن أن يكون له تأثير نفسي إيجابي.

ووفقًا لدراسة نشرتها مجلة أبحاث المستهلك، قد يشعر الأفراد الذين يحتفظون بالمنتجات الصغيرة من الفنادق مثل الشامبو أو الصابون بنوع من التقدير للذكريات واللحظات المرتبطة بتجربة السفر.

هذه الظاهرة تسمى “الملكية الرمزية”، حيث يصبح المنتج مرتبطا بمشاعر معينة أو لحظات محددة، مما يعطيه قيمة عاطفية تفوق قيمته المادية.

استدعاء أوقات الراحة

وفقًا لدراسة نشرتها مجلة “سايكولوجيكال ساينس”، قد يرتبط الاحتفاظ بمنتجات الفنادق بشكل خاص برغبة الأفراد في الحفاظ على شيء مادي يرمز إلى الراحة والاسترخاء الذي عاشوه في الفندق، خاصة إذا كانت تمثل تجربة إيجابية في حياة الشخص.

التخزين المؤقت

يفضل الكثيرون أخذ مستلزمات الفنادق معهم لاستخدامها في المستقبل، خاصة أثناء السفر.

في دراسة نشرتها مجلة علم النفس المعرفي التطبيقي، وجدت أن الناس يميلون إلى جمع الأشياء التي يمكن أن تكون مفيدة في المستقبل، مثل الشامبو أو الكريمات، لأنها توفر الراحة في الرحلات المستقبلية.

هذه العادة قد تكون مدفوعة بالحاجة إلى التحضير للأوقات التي قد لا تكون فيها إمكانية الوصول إلى المنتجات المفضلة، أو ببساطة لأنها تكون أقل تكلفة من شراء منتجات صغيرة بنفس الجودة في متاجر السفر.

التفاخر

جزء من هذا السلوك يرتبط بخلفية الفرد الثقافية، ففي بعض المجتمعات، يُعتبر جمع هذه المنتجات نوعًا من التفاخر أو المكانة الاجتماعية. فالاحتفاظ بمنتجات الفنادق يمكن أن يكون طريقة لتأكيد الذات والشعور بالتواصل مع نمط حياة رفاهي، حتى وإن كان هذا التواصل رمزيا.

تأثير الإعلانات والتسويق

لا يمكن تجاهل تأثير إستراتيجيات التسويق التي تعتمد عليها الفنادق في جذب الزبائن، فقد وجدت دراسة حديثة أن الفنادق تستخدم هذه العبوات الصغيرة كجزء من إستراتيجيات التسويق النفسي لجعل الضيف يشعر بالتقدير والراحة.

ويرجع ذلك للاعتقاد أن هذه المنتجات قد تسهم في تحسين الانطباع العام عن الفندق، فيما تعتقد الفنادق أن مثل هذه الهدايا الصغيرة قد تُسهم في تعزيز الولاء للعملاء وتحفيزهم على العودة.

حتى أن بعض الفنادق الفاخرة تروج لهذه المنتجات كجزء من تجربتها الحصرية، إذ تمثل هذه المنتجات رمزا لمستوى الفخامة، حيث يجد بعض الأفراد في الاحتفاظ بها نوعا من التأكيد على أنهم كانوا جزءا من تجربة سياحية مميزة.

الأدوات المحظور أخذها من الفندق تشمل المناشف، ومفارش السرير، وأغطية الوسائد وروب الغرفة (بيكسلز)

إحساس الفائض والوفرة

العديد من الأفراد يتأثرون بمفهوم “الفائض” في استهلاك الأشياء، أي أنهم يحصلون على أشيياء أكثر مما يحتاجون، وهذا قد يخلق إحساسًا بالرفاهية.

ووفق دراسة نشرتها مجلة “علم النفس الاجتماعي وعلوم الشخصية” فإن الفائض، حتى وإن كان في شكل منتجات صغيرة مجانية من الفنادق، يسهم في إرضاء الشخص نفسيا.

عندما يشعر الأفراد أنهم حصلوا على “شيء إضافي” من الفندق، فإنهم يميلون للاحتفاظ بها كعلامة على الاستفادة من هذه الرفاهية التي توفرها الخدمات.

ثقافة جمع الأشياء

ترتبط هذه الظاهرة أيضا بثقافة جمع الأشياء، وهو سلوك قديم يدرسه علماء الأنثروبولوجيا في سياق ثقافات مختلفة. وقد تكون لدى الأشخاص حاجة نفسية لجمع الأشياء التي تمثل فترات زمنية أو أماكن معينة.

وكشفت دراسة جماعية لمجلة أبحاث الأنثروبولوجيا أن ثقافة جمع الأشياء الصغيرة تعد جزءا من هوية الشخص، خاصة عندما تكون هذه الأشياء تحمل معنى شخصيا.

وتتيح الفنادق للنزلاء استخدام منتجات العناية الشخصية الصغيرة مثل عبوات الشامبو، والبلسم، وجل الاستحمام، والصابون، وفرشاة الأسنان، ومعجون الأسنان، وأمشاط الشعر، وكذلك أطقم الحلاقة، وأطقم الخياطة، والنعال القابلة للاستخدام مرة واحدة.

هذه المنتجات تعتبر مخصصة للاستخدام الشخصي، وغالبا ما يسمح للنزيل بأخذها معه عند المغادرة. كذلك، يمكن للنزيل الاحتفاظ بأكياس الغسيل والأقلام وأوراق الملاحظات التي تُترك في الغرفة، إلى جانب أكياس الشاي والقهوة والسكر.

أما الأدوات المحظور أخذها فتشمل المناشف، ومفارش السرير، وأغطية الوسائد وروب الغرفة، حيث تعتبر جزءًا من ممتلكات الفندق وليست مخصصة للاستخدام بعد المغادرة.

كما يحظر أخذ الوسائد، والبطانيات، أو أي أثاث صغير مثل المصابيح أو الديكور الداخلي. علاوة على ذلك، لا يسمح بأخذ الأجهزة الكهربائية مثل مجففات الشعر، والمكواة، أو ماكينة صنع القهوة.

شاركها.
Exit mobile version