كشف صحفي إسرائيلي أن وحدة الرقابة العسكرية التابعة لجيش الاحتلال شنت أوسع هجوم على حرية الصحافة في البلاد العام المنصرم، محطمة بذلك الرقم القياسي في عدد المواد الإعلامية التي حظرتها.

وجاء في مقال نشرته مجلة +972 الإسرائيلية أن الرقابة العسكرية بلغت أعلى مستوى لها في 2024، حيث منعت نشر 1635 مقالا بشكل كامل، وحجبت أجزاء من 6265 مقالا.

وذكر المدير التنفيذي للمجلة حجاي مطر في مقاله أن الرقابة العسكرية -وهي وحدة استخبارات في الجيش الإسرائيلي- تدخلت في نحو 21 تقريرا إخباريا في يوم واحد بالمتوسط خلال 2024، أي أكثر من ضعف الذروة السابقة التي بلغت نحو 10 تدخلات يومية خلال عملية الجرف الصامد على قطاع غزة في عام 2014، وأكثر من 3 أضعاف المتوسط في غير أوقات الحرب البالغ 6.2 في اليوم.

هآرتس: نتنياهو يشعل الجبهات واحتياط الجيش يرفض مواصلة القتال

حرب غزة

ورجّح أن يكون السبب الرئيس وراء هذا الارتفاع غير المسبوق في الرقابة هو الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل في غزة، بالإضافة إلى صراعاتها في لبنان وسوريا واليمن وإيران.

ووفقا للمقال، فقد قدمت وسائل الإعلام الإسرائيلية العام الماضي 20 ألفا و770 مادة إخبارية إلى الرقيب العسكري لمراجعتها، أي ما يقرب من ضعف إجمالي العام السابق، و4 أضعاف العدد في عام 2022.

وتدخل الرقيب في 38% من تلك المواد بارتفاع 7% من الذروة السابقة المسجلة في عام 2023، في حين رفض بشكل كامل 20% منها، بزيادة 18% عن نفس السنة.

وقال مطر إن المفارقة تتمثل في أن اليوم العالمي لحرية الصحافة -الذي يصادف الثالث من مايو/أيار من كل عام- يأتي هذه المرة في ظل هجوم غير مسبوق على ما تنشره وسائل الإعلام وفي مرحلة قاتمة تمر بها الصحافة الإسرائيلية.

وأضاف أن إسرائيل احتلت في العام الماضي المرتبة 101 من أصل 180 في مؤشر حرية الصحافة لمنظمة مراسلون بلا حدود، وقد تراجع هذه الترتيب الآن إلى المرتبة 112.

استهداف صحفيي غزة

ويعكس هذا التقييم -من وجهة نظر مطر وهو صحفي وناشط سياسي- حالة الصحافة داخل إسرائيل، دون أن يأخذ في الاعتبار القتل الجماعي للصحفيين في قطاع غزة.

ونقل عن لجنة حماية الصحفيين في نيويورك -وهي منظمة غير حكومية تهدف إلى حماية حرية الصحافة والدفاع عن حقوق الصحفيين- أن ما لا يقل عن 168 صحفيا وإعلاميا فلسطينيا قُتلوا في غزة على يد الجيش الإسرائيلي خلال الحرب، وهو عدد يفوق أي نزاع عنيف آخر سُجِّل في العقود الأخيرة. لكن منظمات أخرى تفيد أن العدد يصل إلى 232.

ولفت كاتب المقال إلى أن إسرائيل تتعامل مع الصحفيين العاملين في وسائل الإعلام في غزة على أنهم أهداف عسكرية مشروعة، وادّعت في أكثر من مناسبة أن صحفيين آخرين قتلتهم كانوا على صلة بحركة حماس، إلا إنها كعادتها لم تقدِّم أي دليل على ذلك.

لكن الصحفيين في غزة لا يتعرضون فقط لخطر الموت من القصف الإسرائيلي، بل يعانون أيضا من الجوع والعطش والتشرد في كثير من الأحيان، كما يؤكد مطر الذي يزعم أنهم يواجهون أيضا قمعا من حركة حماس نفسها بسبب انتقادهم لها أو لتغطيتهم الاحتجاجات ضدها.

وفي الوقت نفسه، درجت إسرائيل بشكل منهجي على اعتقال وسجن الصحفيين الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية على حد سواء، وغالبا دون توجيه تهم لهم، كشكل من أشكال العقاب على التغطية الصحفية الناقدة لها.

الجزيرة أيضا

وأفاد الكاتب أن هذا القمع تسارعت وتيرته خلال الحرب الحالية، وتجلى ذلك في منع وسائل الإعلام، مثل قناتي الجزيرة والميادين، من العمل في إسرائيل.

كما لاحقت الحكومة الصحافة الحرة داخل إسرائيل، حيث اتخذت خطوات لإغلاق قناة “كان” العامة، وخنقت ماليا صحيفة هآرتس الليبرالية اليومية، وتعمدت إضعاف وسائل الإعلام العريقة، فيما تقوم بتمويل وسائل إعلام جديدة موالية لها من الخزينة العامة، مثل القناة 14. وعلاوة على ذلك، فرضت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قيودا صارمة على العمل الإعلامي.

لكن مطر يرى أن الضربة القاصمة التي تعرضت لها الصحافة الإسرائيلية لم تأت من الرقابة الحكومية، بل مما وصفها خيانة غرف الأخبار لمهمتها الأساسية، وهي إعلام الرأي العام بحقيقة ما يحدث من حوله.

واتهم الصحفيين الإسرائيليين -حتى أولئك الذين أعربوا ذات مرة عن ندمهم على عدم تغطية ما كان يحدث في غزة في الحروب السابقة- بتعمدهم التعتيم على المستشفيات التي تتعرض للقصف والأطفال الذين يتضورون جوعا والمقابر الجماعية التي يراها العالم يوميا.

وبدلا من أن يكونوا شهودا على حقيقة ما يحدث في الحرب، أو أن يوصلوا أصوات الصحفيين المقيمين في غزة -ناهيك عن إظهار تضامنهم معهم- انخرط معظم الصحفيين الإسرائيليين في جهود الدعاية الحربية إلى حد الانضمام إلى القوات المقاتلة في القطاع.

واعتبر مطر ذلك تواطؤا من الصحفيين الإسرائيليين وليس إكراها تعرضوا له من الرقابة العسكرية.

شاركها.
Exit mobile version