في روايته “أزواد” يقدم الروائي والشاعر الفلسطيني أحمد أبو سليم النضال الوطني الفلسطيني منذ ثورة 1936، سعيا -كما يقول- إلى “مقابلة المقولة بالمقولة والسردية بالسردية”، وتحاول الرواية الإجابة عن سؤال لماذا تزغرد النساء في جنازات الشهداء؛ إذ “يحاولن أن يهزمن الموت بالزغاريد ويفوتن على جنود المحتل لذة الانتصار”.

وبمناسبة فوزه بجائزة فلسطين للآداب 2024 في بغداد من بين 360 عملا أجرت “الجزيرة نت” هذا اللقاء مع أبو سليم، حيث جلس على كرسي الاعتراف، وذكر أن رواية “أزواد” مستوحاة من عملية البطل الفلسطيني “ثائر حمّاد”، قناص وادي الحرامية المحكوم بـ”11” مؤبدا في السجون الإسرائيلية، وأن عنوانها يشير إلى المسافر الذي يحمل “زوادة طعامه” أثناء السفر.

تعد تلك الرواية هي السادسة لأحمد أبو سليم بعد رواياته: الحاسة صفر، وذئاب منوية، وكوانتوم، وبروميثانا، ويس.

وقال: “لقد زرت المنطقة واجتمعت مع العديد من الأشخاص بهدف التعرف على البطل، وأقدم من خلال تلك الرواية نموذجا للإنسان القناص المتمرس المثقف، وأبين أن النضال الفلسطيني ليس نبتا شيطانيا، بل هو مواجهة للسردية الإسرائيلية”. وأضاف أنه يسعى من خلال أعماله الأدبية والشعرية إلى طرح الأسئلة بهدف الوصول إلى إجابات حقيقية.

ووصف ما يجري في مخيم جنين بـ”الخطيئة”، وقال: “يجب أن تُوجَّه البندقية نحو العدو المحتل الذي لا يفهم غير لغة القوة، وليس نحو صدر أي فلسطيني”، فإلى الحوار:

  • حازت روايتكم “أزواد” على جائزة فلسطين العالمية، وهي توثق لبطل فلسطيني هو “ثائر حماد”، وتستحضر النضالات الفلسطينية. هلا حدثتمونا عن أحداث الرواية وشخصياتها وأجوائها والأماكن التي تدور فيها؟

رواية “أزواد” مستوحاة من عملية ثائر حماد، قناص وادي العيون المعروف بـ”وادي عيون الحرامية”. تحتوي الرواية على كثير من العناصر المتخيلة، وتجري أحداثها في سلواد ومجموعة من القرى المحاذية أو المتاخمة لمدينة رام الله. قمت بتوثيق الأحداث بعد زيارة جميع هذه القرى، إيمانا مني بأن الإنسان ابن بيئته وجغرافيته، وأن طبيعة الشخصية تنعكس من خلال الجغرافيا المحيطة بها. وتتابع الرواية بدقة متناهية تفاصيل العملية.

التقيتُ رئيسَ بلدية سلواد ومجموعة من أهاليها للتعرف على شخصية “ثائر” عن قرب. ومع ذلك، لا أستطيع القول إنه بطل الرواية بذاته، فالشخصية الروائية متخيلة وموازية للشخصية الحقيقية. قدمت من خلال تأطير الوطن الفلسطيني نموذجا رفيعا للإنسان المناضل، القناص المتمرس، والمثقف. وأردت أن أبين أن النضال الفلسطيني، خاصة أن العملية وقعت أثناء انتفاضة الأقصى، ليس نبتا شيطانيا بل تواصل نضالي.

كما عرضت النضال الوطني الفلسطيني منذ ثورة عام 1936 من خلال شخصية “عياض” وهو الجد الذي يتبنى بطل الرواية ويعلمه كيفية الدفاع عن فلسطين، مؤكدا أنه صاحب الأرض الشرعي، ردا على ما يزعمه الاحتلال أو يصدره من سرديات كاذبة. حاولت أن أقدم السردية الفلسطينية مقابل السردية الإسرائيلية، متعمقا في فلسفة الصراع وطبيعته والنضال الفلسطيني، معتمدا على مخزون من الفلسفة والميثولوجيا والموروث الديني. سعيت إلى مقابلة المقولة بالمقولة والسردية بالسردية، منتصرا للسردية الفلسطينية العربية والإسلامية.

رواية ” أزواد” أهداها الكاتب إلى البطل ثائر حماد، وإلى كل الأَسرى الذين وهبوا حريتهم لفلسطين كي تبقى خارج الأَسوار (الجزيرة)
  • بعد إعلان فوزكم بالجائزة، ظهرت أصوات أردنية تقلل من أهميتها، وتنفي وجود أدب المقاومة كنوع أدبي مستقل، معتبرة الجوائز الأدبية سلعة. ما تعليقكم على ذلك؟

أتفق مع الرأي القائل إن “الكثير من الجوائز مؤدلجة”، فالعديد من الجوائز تُمنح بناءً على توجهات معينة. والذين يقللون من قيمة الجوائز لا يستطيعون إنكار أن الجائزة تعد وسيلة إعلامية لتسليط الضوء على عمل معين وتقديمه للقارئ.

الجائزة ليست مقياسا، فهناك العديد من الأعمال الجيدة التي لا تفوز قد تكون أحيانا أفضل من الأعمال التي تحصل على الجوائز. والحقيقة أنني لم أتقدم لنيل الجائزة، بل تم اختيار العمل وتقديمه بالمصادفة وفاز، وهذا بحد ذاته أمر جيد.

وقد يكون عدم الحصول على بعض الجوائز هو بمثابة جائزة، والجميع يعرف أنني قمت بسحب ترشيح رواية “بروميثانا” من الجائزة العالمية للرواية العربية في وقت سابق، احتجاجا لأسباب سياسية. ومع ذلك، هناك بعض الجوائز التي تصدر عن الاتحادات أو المؤسسات المدنية التي تكون أقل سوءا من الجوائز الأخرى.

أما بالنسبة للتشكيك في أدب المقاومة، فهو في النهاية أدب إنساني، ما دام هناك احتلال إسرائيلي في فلسطين وأناس يعيشون تحت الاحتلال، فإن كل ما يُكتب يندرج تحت أدب المقاومة، حتى لو كان قصة حب، فالروايات التي نكتبها ليست فقط مقاومة بل حب وحياة وصراعات داخلية تعكس الحياة تحت الاحتلال بكل جوانبها.

ومن ثم، فالحياة في حد ذاتها هي مقاومة. فقد كانت وصية الجد لبطل الرواية: يوصيه كلما خرج قائلا: “إياك أن تموت.. فحياتك هنا، في فلسطين، حيث أن مجرد حياتك فوق هذه الأَرض المقدسة، والمروية بدماء الشهداء، هو نضال لا يتوقف، وعليك أن تبقى على قيد الحياة كي تستمر المقاومة لنيل الحرية وإقامة الدولة الفلسطينية”.

أدب المقاومة، فهو في النهاية أدب إنساني، ما دام هناك احتلال إسرائيلي في فلسطين وأناس يعيشون تحت الاحتلال، فإن كل ما يُكتب يندرج تحت أدب المقاومة، حتى لو كان قصة حب، فالروايات التي نكتبها ليست فقط مقاومة بل حب وحياة وصراعات داخلية تعكس الحياة تحت الاحتلال بكل جوانبها. ومن ثم، فالحياة في حد ذاتها هي مقاومة.

  • تجمعون بين هندسة الميكانيك والأدب، كما يفعل آخرون بين الطب والأدب. ما السر وراء هذا الجمع، ولماذا توجهتم نحو الأدب والشعر؟

لا يوجد تعارض بين الهندسة والفن. فقد حاولت دراسة الصحافة، ولكن الظروف شاءت أن أدرس الهندسة، ولم أندم على ذلك. ففي منطقتنا العربية، الأدب وحده لا يوفر للإنسان ما يكفيه للعيش. لذا، رأيت كيف يمكنني من خلال الهندسة أن أعيش حياة كريمة، بينما قد تتعقد الحياة إذا اقتصرتُ على ممارسة الأدب فقط.

في منطقتنا العربية، الأدب وحده لا يوفر للإنسان ما يكفيه للعيش.

  • في روايتكم “الحاسة صفر”، وجهتم انتقادات لمسار النضال الفلسطيني في لبنان. بصفتكم مبدعا طليعيا، ما رأيكم فيما يجري حاليا في مخيم جنين؟

في رواية “الحاسة صفر”، أكدت أن الحاضر هو نتاج الماضي، ومن ثم عدت إلى الماضي لأستخلص منه الجذور، خصوصا أن هناك تجربة شخصية. حاولت أن أقدم رؤى معينة لما كان يجري حتى ندرك إلى أين نحن ذاهبون. فمجرد الدخول في طريق معين يعني أن هذا الطريق يقودنا باتجاه محدد وسنصل إلى وجهة معينة. من هذا المنطلق، قدمت رؤية وتفسيرا للواقع من خلال الماضي وتجربة الثورة الفلسطينية أو ما عايشته من التجربة.

وما يجري الآن في مخيم جنين هو صورة مصغرة لما يحدث في فلسطين بأسرها. لكن إذا نظرنا إلى الصراع بين السلطة الفلسطينية والمقاتلين، أعتقد أنه خطأ كبير. دم الفلسطيني على الفلسطيني حرام، والمعركة يجب أن تكون مع العدو الصهيوني والنضال ضده. يجب أن توجه البنادق نحو صدور العدو، ولا يمكن لأي فلسطيني شريف أن يقبل قتل أو تحييد البندقية سواء في غزة أو الضفة الغربية تحت أي ذريعة. فالعدو الصهيوني لا يفهم غير لغة القوة. أعتقد أن علينا النضال حتى آخر لحظة لأنه الطريق الوحيد لاسترجاع فلسطين.

يتناول الكاتب تجربة خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت بعد الاجتياح الإسرائيلي صيف عام1982 وما تلاها من تشتت المقاتلين الفلسطينيين في منافي الدول العربية وانهيار خيار الكفاح المسلح من أجل استرداد فلسطين.
يتناول الكاتب برواية “الحاسة صفر” تجربة خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت بعد الاجتياح الإسرائيلي (الجزيرة)
  • أنتم من الكتّاب الذين بنوا رواياتهم على تساؤلات وجودية تمس قضايا الإنسان. ماذا اكتشفتم خلال استكشافكم للواقعين العربي عامة والفلسطيني خاصة؟

بطبيعتي، أنا شخص قلق أو شبق معرفيا. أحاول التنقيب تحت الرماد أو التراب لأرى الأشياء على حقيقتها، وليس كما تبدو في الظاهر. وأسعى من خلال أعمالي الروائية إلى طرح الأسئلة في المكان الصحيح للوصول إلى إجابات حقيقية أو صحيحة.

أعتقد أن أكبر مشكلة نواجهها هي الثقة المطلقة واليقين المطلق. وأرى أن التطور يتوقف عند لحظة الإيمان المطلق واليقين الكامل بأنني أعرف كل شيء ولست بحاجة إلى التطور. لذا في جميع أعمالي، أطرح الأسئلة بهدف زعزعة اليقين على المستويين العربي والفلسطيني.

وفي رواية “الحاسة صفر”، حاولت زعزعة النظرة المقدسة للمقاتل الفلسطيني، موضحا أنه ليس “سوبرمان”، بل إنسان يخطئ ويتألم ويجوع. ومن ثم، فإن الخيط الذي يربط بين هذه الأعمال جميعها هو محاولة طرح الأسئلة أو تعميق بؤرها الوجودية لدى الإنسان العربي، ليتمكن من الخروج من هذه القوقعة التي حشر نفسه فيها، ويتطور ويفكر بطريقة مختلفة. فالجمود في التفكير مشكلة كبيرة، وهي إحدى سمات العقل العربي.

في رواية “الحاسة صفر”، حاولت زعزعة النظرة المقدسة للمقاتل الفلسطيني، موضحا أنه ليس “سوبرمان”، بل إنسان يخطئ ويتألم ويجوع. ومن ثم، فإن الخيط الذي يربط بين هذه الأعمال جميعها هو محاولة طرح الأسئلة أو تعميق بؤرها الوجودية لدى الإنسان العربي، ليتمكن من الخروج من هذه القوقعة التي حشر نفسه فيها.

  • توصف الثقافة بأنها الرافعة الحقيقية لأي مشروع نهضوي عربي. لماذا، في رأيكم، تحتل الثقافة آخر أولويات الأنظمة السياسية؟ وكيف تفسرون انصياع العديد من المثقفين لإغراءات السلطة السياسية؟

دعنا نتفق أولا أن آخر أولويات السلطة السياسية هو المثقف، لأن الثقافة الحقيقية تزعزع معظم الأنظمة في الوطن العربي التي تكون غير شرعية وغير منتخبة وغير مقبولة شعبيا، وتفرض نفسها بالقوة. ومن ثم، فإن كل ثقافة حقيقية بالضرورة ستتعارض مع هذه الأنظمة، لأنها ستقوم بالمحاسبة وطرح الأسئلة وستكشف آليات الفساد.

الثقافة هي سلوك وحزمة من الأسئلة التي لا يستطيع النظام السياسي الإجابة عنها، وإذا حاول القيام بذلك، فإنه يكشف عن عيوبه. من هذا المنطلق، يحاول النظام السياسي تحييد المثقفين ومحاربتهم، على عكس ما يجب أن يكون. فالنظام السياسي لا يمكن أن يتقدم أو يتطور إلا بالاستناد إلى الموروث الثقافي.

الثقافة هي سلوك وحزمة من الأسئلة التي لا يستطيع النظام السياسي الإجابة عليها، وإذا حاول القيام بذلك، فإنه يكشف عن عيوبه. من هذا المنطلق، يحاول النظام السياسي تحييد المثقفين ومحاربتهم، على عكس ما يجب أن يكون. فالنظام السياسي لا يمكن أن يتقدم أو يتطور إلا بالاستناد إلى الموروث الثقافي. والمثقفون هم من يرون ما هو استراتيجي لمصلحة الوطن، فهم يفكرون ويقدمون الحلول الشاملة، ويمكنهم توفير الأرضية التي يعمل عليها السياسي بثقة واطمئنان. الثقافة تعني الرؤية الشاملة، ولذلك يجب على السياسي الحقيقي الاستعانة بمستشارين يقدمون له المشورة في كل المفاصل والمنعطفات السياسية والثقافية والاجتماعية والإنسانية.

مع الأسف، يعتبر السياسي المثقف عدوا. المثقف محارب، وبذلك يكون جائعا. فكثير من المثقفين يواجهون خيار “العمل معي أو الجوع”، حيث إن الأنظمة تستفيد من واجهة ثقافية تقدم تبريرا أخلاقيا لسلوكها، مهما كان مذموما. ومن هنا، تستخدم بعض المثقفين ليدافعوا عنها ويصبحوا أبواقا لها مقابل الامتيازات والحياة المريحة. بمعنى أن المثقف يواجه مقايضة وهي أن يعمل لصالح النظام ويحصل على الامتيازات مقابل دفاعه عنهم، أو يُهمَّش إلى الأبد ولن يُسمع به أحد ولن يستطيع إطعام نفسه. وبهذا الشكل، يتنازل المثقف أمام الضغط الذي تمارسه السلطة السياسية.

  • يُنظر إلى أمتنا على أنها محكومة بأمجاد الماضي مقارنة بالحاضر، ويُعتبر المثقف لديها بمثابة المخلّص. هل تعتقدون بوجود فخ سياسي لتحميل المثقفين مسؤولية انهيار الثوابت كما نشهد في الوقت الراهن؟

لا شك أن هناك أفخاخا سياسية، لكني لا أعتقد أن المثقف هو المخلص. وحتى هذه اللحظة، لا نمتلك مشروعا ثقافيا حقيقيا في الوطن العربي، ولسنا متفقين على الأساس الثقافي الذي يمكن أن ننطلق منه، لأن الأصل لأي مشروع هو الثقافي وليس السياسي. فنحن غير متفقين على إجابة أسئلة بسيطة مثل: “هل نحن أمة واحدة؟ هل يمكن توحيد العرب أم لا؟ هل ترتيبات سايكس بيكو في تطور مستمر أم أنها تتراجع؟”.

لدينا محاولات كثيرة بدأت، لكن طوفان الموروث الاجتماعي والديني يقف أحياناً أمام المثقف ويمنعه من الأكسجين وحرية التعبير. فقد اغتيل أو هُدد بالقتل العديد من المثقفين. ولذلك، كل مشروع ثقافي بحاجة إلى أفق واسع من الحرية. فـ “بالحرية تُبنى الأوطان والإنسان” بحيث نستطيع التفكير وطرح مشاريعنا من دون خوف، حتى نصل إلى مشروع ناضج يمثل أمتنا العربية.

ما يميز الرواية هو تعدد التأويلات، لأننا عندما نطرح الأسئلة، ينشأ التأويل، فلا يوجد سؤال يمكن الإجابة عنه بإجابة قاطعة، وأي نص إبداعي يجب أن يحتوي على أفكار فلسفية.

  • من مميزات العمل الإبداعي تعدد التأويلات. كيف تتجلى هذه الميزة في عوالمكم الأدبية؟

أعتقد أن ما يميز الرواية هو تعدد التأويلات، لأننا عندما نطرح الأسئلة، ينشأ التأويل، فلا يوجد سؤال يمكن الإجابة عنه بإجابة قاطعة. النص الذي يدوم هو ذلك الذي يولد أسئلة جديدة. فإذا أردنا القول إن القرآن الكريم دام مئات السنين، فإن ذلك يعود إلى أن النص القرآني مفتوح على التأويل. وبالتالي، في كل مرة ومع تطور الواقع وما يصل إليه العقل البشري، نعيد طرح الأسئلة لنجد إجابات جديدة.

أي نص إبداعي يجب أن يحتوي على أفكار فلسفية. شخصيا، أحاول تقديم رؤية فلسفية عميقة للواقع الذي أقدمه، حتى يكون القارئ شريكا في النص، وليس مجرد متلق، ويستطيع أن يقدم إجاباته بطريقته الخاصة وفقا لوعيه وخلفيته الثقافية. “يجب أن يكون النص مفتوحا على التأويل”.

  • ما انطباعاتكم عن تجربتكم في مسابقة “شاعر المليون” في أبو ظبي، وحصولكم على لقب “شاعر القضية”؟

في الحقيقة، كانت التجربة جيدة، إذ سلط البرنامج الضوء على الشعر مجددا، والأجمل من ذلك مشاركة حوالي 200 شاعر في عام 2008. وما زلت على تواصل مع مجموعة من الشعراء الذين يرسلون لي أعمالهم وأرسل لهم أعمالي، ولكن هناك شوائب في التجربة، منها أن المقياس لم يكن فنيا بشكل مطلق. فقد كانت اللجنة المشرفة تتساءل عن أي دولة يمكن أن تفوز بالجائزة، كما أن وجود العنصر النسائي كان مطلوبا بغض النظر عن المستوى الفني.

وسائل الاتصال الحديثة أعادت خلط الأوراق على صعيد الحضور الثقافي، فأصبح لكل شخص منبر خاص يعبر من خلاله عن ذاته ويكتب ما يريد، حتى وإن لم يمتلك أدوات الكتابة الأساسية، وهذا أدى إلى فوضى في التلقي بحيث أصبح من الصعب على المتلقي التمييز بين الغث والسمين.

  • كيف تقيّمون تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الشعر؟ هل ترون دورها إيجابيا أم سلبيا؟

من وجهة نظري، فإن وسائل الاتصال الحديثة أعادت خلط الأوراق على صعيد الحضور الثقافي، فأصبح لكل شخص منبر خاص يعبر من خلاله عن ذاته ويكتب ما يريد، حتى وإن لم يمتلك أدوات الكتابة الأساسية، وهذا أدى إلى فوضى في التلقي بحيث أصبح من الصعب على المتلقي التمييز بين الغث والسمين. كما أسهمت هذه الوسائل في قتل دور الناقد المثقف الذي يمتلك خلفية عن العمل الأدبي ويستطيع تقييمه، ومعرفة ما يستحق وما لا يستحق النشر، وهذا أدى إلى تراجع دور الصحف والمجلات التي كانت تشكل الحارس على النشر، فتفرز الجيد وتبعد السيئ.

كما أن دور النشر أصبحت شركات تجارية تهدف إلى الربح، لهذا أطالب الدولة واتحاد الناشرين واتحادات الكتاب بوضع آليات رقابة على الكتب، حماية للأجيال من تزييف وعيهم، لأن هناك كتبا “قد تقود الأجيال إلى الضلال”.

  • أخيرا، بصفتك روائيا وشاعرا، هل تشعر بالرضا تجاه ما تناله من حقوق كمبدع في المشهد الوطني؟

بصراحة، لم أحصل على شيء من حقي، فلدي الكثير من الأفكار والمشاريع التي أود تقديمها. هناك “لاءات” تفرض على الكاتب وإملاءات على المبدع، فإذا جدف عكس التيار، عليه أن يدفع الثمن. ودائما ما تُسلط الأضواء على الكتّاب الذين يسيرون مع التيارات المختلفة، بينما من يحاول أن يعاند ويقدم صورة مختلفة تُغلق أمامه الأبواب.

شاركها.
Exit mobile version