برزت المملكة المتحدة كمنافس قوي لألمانيا على صدارة سوق السيارات الكهربائية في أوروبا عام 2024، مدفوعة باستثمارات كبيرة من الشركات المصنعة وأهداف حكومية طموحة. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز، خصصت شركات السيارات ما يقدر بـ4.5 مليارات يورو (4.65 مليارات دولار) كخصومات لتشجيع تبني السيارات الكهربائية، وهذا يعكس التنافس المتزايد للتحول بعيدا عن السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي.

مبيعات قياسية لكن من دون تحقيق الأهداف

وذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن السيارات الكهربائية شكلت 19.6% من إجمالي السيارات الجديدة المباعة في المملكة المتحدة عام 2024، بزيادة عن 16.5% في عام 2023، ومع ذلك، بقيت هذه النسبة أقل من الهدف الذي حددته الحكومة في إطار خطة السيارات عديمة الانبعاثات (ZEV) والبالغ 22% لهذا العام.

وتم بيع ما مجموعه 382 ألف سيارة كهربائية في المملكة المتحدة، ما يمثل زيادة بنسبة 21% مقارنة بالعام السابق، متجاوزة مبيعات ألمانيا التي بلغت 347 ألف وحدة حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

الجدير بالذكر أن مبيعات السيارات الكهربائية في ألمانيا تراجعت بنسبة 26% بعد خفض الدعم الحكومي، وهذا أبرز مكاسب المملكة المتحدة في حصة السوق.

وفي ديسمبر/كانون الأول، سجلت حصة السوق للسيارات الكهربائية في المملكة المتحدة ارتفاعا ملحوظا، حيث وصلت إلى 31%، مع تسارع الشركات المصنعة لتلبية الحصص الحكومية، مستغلة الهدوء النسبي لمبيعات السيارات التقليدية في هذا الشهر.

مبيعات السيارات الكهربائية في ألمانيا تراجعت بنسبة 26% بعد خفض الدعم الحكومي (غيتي)

متطلبات حكومية وضغوط مالية

وتتطلب خطة السيارات عديمة الانبعاثات في المملكة المتحدة، التي نفذتها الحكومة المحافظة السابقة، من الشركات المصنعة ضمان أن تكون 22% من مبيعاتها السنوية عام 2024 من السيارات عديمة الانبعاثات.

ومن المقرر أن ترتفع هذه النسبة إلى 28% عام 2025، وتصل إلى 80% بحلول عام 2030. وتواجه الشركات غرامات تصل إلى 15 ألف يورو (15.5 ألف دولار) عن كل سيارة لا تحقق الحصة المطلوبة، وفقا لصحيفة فايننشال تايمز.

ورغم الأداء القوي، يُقدّر أن الشركات المصنعة أنفقت 1.8 مليار يورو (1.9 مليار دولار) على شراء اعتمادات لتجنب العقوبات المحتملة. وأعربت وزارة النقل عن ثقتها في أن المرونة الموجودة في الخطة ستمنع فرض غرامات على الشركات المصنعة خلال عام 2024.

تحديات تبني السيارات الكهربائية

ولا تزال الطلبات على السيارات الكهربائية في قطاع التجزئة فاترة، حيث يختار 10% فقط من المستهلكين السيارات الكهربائية. وأجبرت هذه الحالة شركات السيارات على تقديم حوافز كبيرة للامتثال للحصص الحكومية.

وسلطت صحيفة فايننشال تايمز الضوء على مخاوف الصناعة من أن الدفع نحو التبني السريع قد يؤدي إلى فقدان الوظائف، وهذا دفع الوزراء في حزب العمال إلى إطلاق مشاورات لتخفيف متطلبات خطة السيارات عديمة الانبعاثات.

وتشمل المشاورات استكشاف السماح ببيع السيارات الهجينة جنبا إلى جنب مع السيارات عديمة الانبعاثات بين عامي 2030 و2035. كما تبحث في توسيع نظام تداول الاعتمادات، وهذا يتيح للمصنعين شراء الاعتمادات من المنافسين للوفاء بحصصهم.

لا تزال الطلبات على السيارات الكهربائية في قطاع التجزئة فاترة في بريطانيا (رويترز)

أهداف مستقبلية ومخاوف صناعية

وأعربت شركات تصنيع السيارات، مثل كيا، عن قلقها بشأن الزيادة الكبيرة في متطلبات خطة السيارات عديمة الانبعاثات. وصرح بول فيلبوت، رئيس كيا في المملكة المتحدة، أن القفزة من 33% عام 2026 إلى 80% عام 2030 تمثل تحديا كبيرا.

ورغم أن كيا على المسار الصحيح لتحقيق أهدافها لعامي 2024 و2025، شدد فيلبوت على الحاجة إلى حوافز إضافية لتسهيل الانتقال وتسريع الزخم.

وذكرت وزارة النقل أنها استثمرت 2.3 مليار يورو (2.37 مليار دولار) لدعم الانتقال إلى السيارات الكهربائية، ونشرت أكثر من 72 ألف محطة شحن عامة في جميع أنحاء البلاد.

ومع ذلك، ترى الجهات الفاعلة في الصناعة أن هناك حاجة إلى المزيد من الحوافز، خاصة للمستهلكين العاديين، للحفاظ على النمو والوفاء بالأهداف الطموحة في المستقبل.

تداعيات اقتصادية وسياسية

وأكدت صحيفة فايننشال تايمز على التداعيات الأوسع لفشل تحقيق الأهداف، مشيرة إلى العواقب الاقتصادية المحتملة على الشركات المصنعة وصناع السياسات على حد سواء.

ورغم أن عام 2024 كان عاما قياسيا لمبيعات السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة، فإن عدم تحقيق أهداف الحكومة يبرز التحديات التي تواجه تحقيق التوازن بين التبني السريع والسياسات الاقتصادية المستدامة.

شاركها.
Exit mobile version