قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن المبادرة، التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام نظيره الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا، أثارت قلق القادة في جميع أنحاء أوروبا.
وأشارت إلى أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قاد هو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الأسابيع القليلة الماضية محادثات مع الزعماء الأوروبيين بشأن إحلال السلام في أوكرانيا، وتوسط الأول بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقد أجرى مراسل الصحيفة مارك لاندلر مقابلة مع ستارمر خلال تفقد رئيس الوزراء البريطاني الغواصة النووية (فانغارد) الاثنين الماضي أثناء إجرائها مناورة تدريبية قبالة الساحل الغربي لأسكتلندا.
علاقات خاصة
وخرجت الصحيفة من تلك المقابلة بـ4 استنتاجات، موضحة أن ستارمر شدد على ضرورة أن تساعد أوروبا في تأمين أي تسوية سلمية بين أوكرانيا وروسيا، إذ بدون ترتيبات أمنية قوية فإن أي اتفاق سلام سيجعل أوكرانيا عرضة لغزوات أخرى في المستقبل.
ومع أن بريطانيا وفرنسا كلتيهما التزمتا بإرسال قوات إلى أوكرانيا، فإن ستارمر قال إن الوقت لا يزال مبكرا، نظرا للغموض الذي يكتنف مباحثات السلام، كما أن المهمة العسكرية التي ستُناط بقوة الردع غير واضحة المعالم.
وأكد ستارمر على ضرورة الحفاظ على “العلاقة الخاصة” بين بلاده والولايات المتحدة، معتبرا ذلك أمرا بالغ الأهمية.
وأقر أيضا بأهمية الدور الذي تضطلع به العائلة المالكة البريطانية على الصعيد الدبلوماسي، لافتا إلى أن الملك تشارلز الثالث قدم دعوة لترامب لزيارة بلاده.
آن أوان العمل
كذلك، تحدث ستارمر عن حاجة بريطانيا إلى تعزيز قدراتها الدفاعية والأمنية، معترفا بأنه لم يدر بخلده يوما ما أنه سيرى روسيا تحتل دولا مرة أخرى. وبرر تراجع أولوية الإنفاق على الدفاع إلى ثمار السلام التي ظلت تجنيها أوروبا ردحا من الزمن، لكنه قال إنه “يشعر بأن وقت الكلام قد انتهى وحان الآن وقت العمل”.
ولفت مراسل الصحيفة إلى أن الغواصة (فانغارد) -التي كانت تبحر بهدوء في أعماق المحيط الأطلسي عندما كان يتجاذب أطراف الحديث مع رئيس الوزراء البريطاني- مصممة لتكون سلاح ردع في أي صراع نووي مع روسيا، وهي واحدة على الأقل من 4 غواصات من الطراز نفسه تقوم بدوريات بشكل دائم.
ووصف ستارمر هذه الغواصات بأنها رمز يدل على قوة التزام بريطانيا تجاه حلف شمال الأطلسي (ناتو)، في وقت تتعرض فيه قدرة أوروبا على الدفاع عن نفسها للانتقادات، ليس أقلها من الرئيس ترامب.
لا ثقة في بوتين
ووفقا لنيويورك تايمز، فقد كانت الأسابيع القليلة الماضية حاسمة، ولحظة استفاقة، حيث يجد ستارمر نفسه يبذل جهودا مضنية من أجل انفراط عقد التحالف بين أوروبا والولايات المتحدة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وعن ضعف أوروبا المتزايد والتوترات في حلف الناتو، نقلت الصحيفة عنه القول: “لقد أدركنا في قرارة أنفسنا، أن هذه اللحظة قادمة عندما بدأت الدبابات الروسية في عبور الحدود مع أوكرانيا قبل 3 سنوات بقليل”.
وأفادت الصحيفة بأن ستارمر يحاول تجميع قوة عسكرية متعددة الجنسيات يسميها تحالف الراغبين، والهدف منها هو الحفاظ على سماء أوكرانيا وموانئها وحدودها آمنة بعد أي تسوية سلمية، لأنه لا يثق -كما يقول- في بوتين، الذي سيصر على تجريد أوكرانيا من قدراتها الدفاعية بعد التوصل إلى اتفاق “لأن ذلك يعطيه ما يريده، وهو غزوها مرة أخرى”.