في تطوّر يعكس تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حذّرت شركتا “شي إن” و”تيمو” الصينيتان عملاءهما الأميركيين من ارتفاع وشيك في الأسعار اعتبارًا من الأسبوع المقبل، وذلك بعد فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسومًا جمركية جديدة وثقيلة على الواردات القادمة من الصين.

وقالت الشركتان في بيانين شبه متطابقين إن نفقاتهما التشغيلية ارتفعت مؤخرًا نتيجة التعديلات الأخيرة في قواعد التجارة العالمية والرسوم الأميركية، وإنهما ستقومان بتعديلات على الأسعار بدءًا من 25 أبريل/نيسان، ودعت الشركتان المستخدمين إلى الشراء قبل بدء الزيادات.

التوسّع الصيني والرد الأميركي

وبرزت منصتا “شي إن” و”تيمو” في السنوات الأخيرة كأبرز لاعبين في مجال التجارة الإلكترونية الصينية منخفضة الأسعار، وقد حققتا اختراقًا سريعًا للأسواق الأميركية بفضل الأسعار التنافسية.

وقد أدّى نجاحهما إلى ضغط متزايد على شركة أمازون الأميركية العملاقة، مما دفعها إلى إطلاق منصة “هول” في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لعرض منتجات بأقل من 20 دولارا.

لكن عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025 غيّرت المشهد التجاري، إذ فرض رسومًا تصل إلى 145% على المنتجات الصينية.

وحذرت الإدارة الأميركية من أن الرسوم المضافة على الرسوم السابقة قد ترفع إجمالي التعرفة الجمركية على بعض المنتجات الصينية إلى 245%.

كما أنهت الإدارة الأميركية الإعفاء الضريبي الذي كان يُطبق على السلع المستوردة التي تقل قيمتها عن 800 دولار، وهو ما كان يسهم بشكل كبير في توسّع “شي إن” و”تيمو” داخل السوق الأميركية.

ووفقا لبيانات هيئة الجمارك الأميركية، فقد دخل الولايات المتحدة نحو 1.4 مليار طرد ضمن هذه الإعفاءات في عام 2023، مقارنة بـ140 مليون طرد فقط في عام 2013.

تطبيق “تيمو” تراجع للمركز 75 بين التطبيقات المجانية الأكثر تحميلًا بمتجر “آبل” بعد أن كان من بين الخمسة الأوائل (الفرنسية)

تداعيات فورية على السوق الرقمية

وبدأت الآثار تظهر سريعًا على أداء الشركتين، حيث تراجعت مرتبة تطبيق “تيمو” إلى المركز 75 بين التطبيقات المجانية الأكثر تحميلًا في متجر “آبل” الأميركي، بعد أن كان من بين الخمسة الأوائل على مدى العامين الماضيين. أما “شي إن” فقد تراجع إلى المرتبة 58 بعد أن كان في المرتبة 15 الشهر الماضي.

في المقابل، لا تزال تطبيقات صينية أخرى تحتفظ بترتيب متقدم في السوق الأميركية، مثل “دي إتش غيت” في المرتبة الثانية و”تاوباو” التابع لمجموعة علي بابا في المرتبة السابعة.

تراجع في الإنفاق الإعلاني

وكشفت بيانات من شركة “سينسور تاور” لتحليل السوق، أن الشركتين بدأتا تقليص حضورهما الإعلاني في الولايات المتحدة بشكل ملحوظ:

  • انخفض الإنفاق الإعلاني اليومي لـ”تيمو” على فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب بنسبة 31% خلال أسبوعين حتى 13 أبريل/نيسان مقارنة بالشهر السابق.
  • أما “شي إن”، فقد خفّضت إنفاقها الإعلاني اليومي في الفترة نفسها بنسبة 19%.
  • كما أوقفت “تيمو” جميع إعلاناتها ضمن “غوغل شوبينغ” في السوق الأميركية اعتبارًا من 9 أبريل/نيسان، بحسب ما نشره مايك رايان، مدير وحدة التجارة الإلكترونية في وكالة “سمارتر إيكوميرس”.

رسائل تطمين وتحذير

في بيانيهما، وجّهت “شي إن” و”تيمو” رسائل مباشرة إلى الزبائن الأميركيين: “نحن على استعداد لضمان وصول طلباتكم بسلاسة في هذه المرحلة. نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على الأسعار المنخفضة والتقليل من تأثير التغييرات عليكم. يعمل فريقنا بكل طاقته لتحسين تجربة التسوّق الخاصة بكم”.

Employees sort boxes and parcels at the logistic centre of a express delivery company, after the Singles Day online shopping festival, in Wuhan, Hubei province, China, November 12, 2015. On China's giant Singles Day internet shopping festival, the country's delivery firms are stretched so thin that they are looking for tie-ups, listings and new investors to husband their resources. E-commerce has been a huge boon to the logistics industry, but the ever-bigger Singles Day, run by leading online market company Alibaba Group Holding Ltd on Nov. 11 every year, exacerbates the industry's twin dilemmas of cut-throat competition and rising labor costs. With low barriers to entry, express couriers proliferated rapidly over the past decade to more than 8,000 firms, squeezing profit margins to about 5 percent, down from 30 percent 10 years ago, according to analysts. Picture taken November 12, 2015. REUTERS/Stringer CHINA OUT. NO COMMERCIAL OR EDITORIAL SALES IN CHINA
نحو 1.4 مليار طرد ضمن هذه الإعفاءات في عام 2023 دخلت إلى الولايات المتحدة ضمن إعفاءات خاصة (رويترز)

ورغم هذه التصريحات، امتنعت الشركتان عن الرد على طلبات للتعليق من هيئة الإذاعة البريطانية، وهو ما يعكس حساسية الوضع وارتباك الأسواق حيال تبعات قرارات ترامب الأخيرة.

وتؤكد المعطيات أن إلغاء الامتيازات الجمركية والزيادات الحادة في الرسوم قد تؤدي إلى تغيير جذري في قواعد التجارة الإلكترونية العالمية، مع انعكاسات مباشرة على الأسعار في السوق الأميركية، واحتمال تراجع نفوذ منصات صينية كبرى.

ووفق ما نقلته بي بي سي، فإن هذا التحول قد يكون بداية مرحلة جديدة من المواجهة التجارية، حيث يدفع المستهلك الأميركي ثمن الحرب الجمركية من جيبه مباشرة.

شاركها.
Exit mobile version