“قم بتسجيل حساب جديد وقم بالإيداع واحصل على مكافأة ترحيب بنسبة 200% تصل إلى 14,000 جنيه مصري”، من هنا تبدأ رحلة السقوط في شبكة عنكبوتية معقدة تسمى تطبيقات المراهنات التي اجتذبت قطاعات متزايدة من المصريين وسببت قلقًا واسعًا مع توالي حوادث الانتحار والعنف الاجتماعي وسط مطالبات بتشريع لمواجهة ما وُصف بـ”صالات القمار المتنقلة”.

وعلى مقهى إنترنت بمدينة أكتوبر جنوبي القاهرة يرد أيمن بعصبية لافتة على سؤال، للجزيرة مباشر، قائلًا إنه لن يتوقف عن الرهانات حتى يسترد أمواله، بينما يبدي زميله إيهاب ترددًا، مؤكدًا أنه حقق مكاسب لم يكن يحلم بها.

وأمام محكمة الهرم الجزئية بمحافظة الجيزة يقف محمود -معلم لغة عربية بالمعاش- بانتظار حكم تأجل كثيرًا بشأن مشاجرة بالأسلحة البيضاء على خلفية استيلاء أحد اقاربه على 5 ملايين جنيه بعد أن راهن إلكترونيًا نيابة عنهم. ولم يتردد حافظ بالاعتراف للجزيرة مباشر بأنه أخطأ بدافع الطمع.

وتبدو هذه الصورة أقل مأساوية من شاب أنهى حياته شنقًا بمركز بني مزار بمحافظة المنيا، بصعيد مصر بسبب تراكم الديون نتيجة المراهنات. كما قتل آخر جدته المسنة طعنًا بسكين بمنطقة الخليفة بالقاهرة، للاستيلاء على أموالها واستخدامها بالمراهنات.

خمسة تطبيقات شهيرة

وتختلف التفاصيل ويبقى المتهم الرئيسي هو المراهنات كما يقول  مجدي هندواي، خبير أمن معلومات بالمركز القومي للاتصالات، للجزيرة مباشر، موضحًا أنه تم رصد خمسة تطبيقات شهيرة تجتذب أعدادًا متزايدة من المصريين.

ويؤيد هنداوي ما ذهب إليه اللواء محمود الرشيدي، المساعد السابق لوزير الداخلية لأمن المعلومات بشأن الأرقام الصادمة التي تتحدث عن مشاركة 4.5 مليون مصري بالمراهنات العام الماضي، لكنه توقع أن يكون العدد قد تضاعف خلال العام الحالي. وكشف هنداوي عن صعوبة اتخاذ قرار فوري بحجب التطبيقات لعدم وجود تشريع يجرم المقامرات الإلكترونية.

ويكشف الرشيدي عن أن المصريين دفعوا مليارًا و200 مليون دولار على المراهنات عام 2023، وذلك خلال حوار له مع قناة محلية.

وشهد ملف المراهنات تفاعلًا بمحكمة القضاء الإداري، حيث تأجلت قبل أيام دعوى تطالب بحجب مواقع المراهنات لجلسة 12 يناير/كانون الثاني المقبل، لطلب إدخال اتحاد كرة القدم كخصم لامتلاء الملاعب بإعلانات التطبيقات.

استغلال أسماء الأندية

ويوضح صلاح رشاد الناقد الرياضي بصحيفة الأهرام، للجزيرة مباشر، أن مروجي التطبيقات يستغلون أسماء الأندية في غياب القانون، وقال إن  أحد أشهر مواقع الرهانات 1XBET  حصل على حق رعاية الاتحاد الإفريقي لكرة القدم وهو ما منحه انتشارًا ومهد لمزيد من الضحايا وجعل المصريين بالمرتبة الخامسة عالميًا ضمن الأكثر استخدامًا للتطبيق، على حد قوله.

وعبر فيسبوك يحذر مصطفى عادل -باحث اقتصادي- قائلًا “هنتسرق بدون وعي”.

 

 

ويتحدث سمير بركات، أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة مصر للعلوم، للجزيرة مباشر، عن “إدمان” الشباب للمراهنات بحثًا عن الربح تطبيقًا لثقافة “قيراط حظ ولا فدان شطارة”.

ويربط بركات بين التطبيقات وتزايد العنف الاجتماعي، موضحًا أن هناك سلبًا جزئيًا لعقل وإرداة الضحية التي يكون همها الأول تحقيق الأرباح دون القدرة على تحمل الخسائر.

وذكر أيضًا أن التطبيقات لا تقتصر على السباقات الرياضة ولكنها تشمل ألعابًا للأطفال والمراهقين وتشكل خطرًا على قيم المجتمع. وخلص إلى أن “مدمن التطبيقات يحتاج علاجًا نفسيًا”.

وأصدر مركزالأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية تحذيرًا باعتبار التطبيقات من أنواع “القمار” التي نهى عنها الدين.

 

 

ويقول سعيد عبد ربه، خبير قانوني بالمركز القومي للاتصالات، للجزيرة مباشر، إن العديد من المواقع يتبع شركات مسجلة بقبرص ولا يمكن وقفها إلا بقرار حاسم وطبقًا لأحكام قضائية.

كما أوضح أن الصعوبة تكمن بالتعامل الحكومي مع الشركات باعتبارها استثمارات أجنبية، مشيرًا إلى ضرورة إصدار تشريع يجرم “صالات القمار المتحركة”.

وأضاف “أصبح في جيب كل شاب صالة قمار لا يعاقب عليها القانون الذي تحدث بالمادة 352 من قانون العقوبات عن غرامة خفيفة “لمن أعد مكانًا للقمار وهيأه لدخول الناس” وهو ما لا يتحقق مع التطبيقات. ويلفت عبد ربه لانتهاك الخصوصية والابتزاز مطالبًا بتتبع المحافظ الإلكترونية المالية التي تتم عبرها التحويلات.

كما يرى عماد أبو ريه، الباحث بالاقتصاد السياسي بجامعة القاهرة، أن الازمة الاقتصادية دفعت الكثيرين للربح بأي وسيلة. وتوقع في حديثه للجزيرة مباشر، اتساع الاقتصاد الخفي مع تراجع قيم الإنتاج.

ويرى أبو ريه أن التطبيقات أمر واقع يتطلب التقنين والتنظيم “بدلًا من دفن الرؤوس في الرمال”.

شاركها.
Exit mobile version