روى عدد من الصحفيين الأجانب المقيمين بالولايات المتحدة الأميركية جوانب من مخاوف مواصلة عملهم، واضطرارهم إلى اتخاذ إجراءات رقابية احتياطية، خشية الملاحقة والاعتقال أو الترحيل، في ظل تشديد الرئيس دونالد ترامب وإدارته على قضايا الهجرة وحرية التعبير.

وأفاد بعض الصحفيين الأجانب أنهم قاموا بمسح حساباتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وعمدوا إلى حذف أسمائهم عن تقارير صحفية سابقة عالجت مواضيع مرتبطة بـ”الهجرة” أو “فلسطين”، وتجنبوا الإدلاء بتصريحات يمكن تفسيرها كانتقاد لإدارة ترامب، كما أجّل أو ألغى بعضهم خطط سفرهم، خشية ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية المعادية للصحافة.

ووفقا لتقرير في معهد بوينتر للإعلام اعتقلت الشرطة المحلية، الشهر الماضي، الصحفي السلفادوري ماريو جيفارا، أثناء تغطيته للاحتجاجات المناهضة لترامب في مدينة أتلانتا، قبل أن تسلمه إلى سلطات الهجرة والجمارك التي احتجزته.

ولم يشفع لجيفارا إقامته لـ21 عاما بشكل قانوني في الولايات المتحدة، وفق كاثرين جاكوبسن، منسقة برنامج لجنة حماية الصحفيين في الولايات المتحدة.

واعتبرت جاكوبسن اعتقال جيفارا مثالاً على تكتيكات إدارة ترامب، في نشر الخوف لدى قطاع الصحفيين، عبر القيام باعتقال البعض لخلق شعور غير ملموس بالخوف والقلق لدى سائر الصحفيين.

فيما نفت المتحدثة باسم البيت الأبيض أبيجيل جاكسون أن يكون سبب اعتقال جيفارا لكونه صحفيا، وقالت إنه يقيم في البلاد بشكل غير قانوني و”أعاق عمل سلطات إنفاذ القانون”، وأضافت: “الادعاءات بأن إدارة ترامب لا تدعم حرية التعبير لا أساس لها من الصحة على الإطلاق”.

وبحسب بوينتر، تجد الصحفية الفنزويلية لوز ميلي رييس نفسها مضطرة إلى الصمت، رغم أنها انتقلت إلى الولايات المتحدة عام 2021، هربا من محاولات إسكاتها في بلادها التي يتعرض فيها الصحفيون إلى التهديد والاعتقال والضرب.

وتقول رييس التي تحمل بطاقة إقامة دائمة في الولايات المتحدة الأميركية “في بلدي (فنزويلا)، لم أمارس الرقابة الذاتية أبدا، هنا عليّ تجنب بعض الموضوعات لأنني أشعر أنها تشكل خطرا على وضعي”.

وأوضحت رييس، وهي مديرة ومؤسسة مشاركة في “يفيكتو كوكويو” (وسيلة إعلامية مستقلة في فنزويلا)، أنها حذفت الرسائل من هاتفها وتجنبت مشاركة تعليقات حول السياسة الأميركية على صفحاتها بوسائل التواصل الاجتماعي.

واستعدادا للسفر، تحدثت رييس إلى محام وراجعت الخطوات التي يجب اتخاذها إذا لم يتلق محاميها أي أخبار منها بعد عبورها الحدود، وتعلق رييس: “هذا نوع من الاحتياطات التي كنا نتخذها في فنزويلا”.

يحذفون أسماءهم من تقاريرهم عن فلسطين

وقالت صحفية مستقلة من أوروبا الغربية، طلبت عدم الكشف عن هويتها، إنها تلقت أول علامة تحذيرية، في مارس/آذار الماضي، حين اعتقل عناصر من وزارة الأمن الداخلي يرتدون ملابس مدنية، طالبة الدكتوراه رومييسا أوزتورك، بسبب مقال رأي حول الحرب الإسرائيلية على غزة كتبته لصحيفة طلابية في جامعة تافتس.

 

وفور ذلك، عمد أحد الصحفيين المستقلين إلى حذف اسمه من عدة مقالات سابقة تطرقت إلى مواضيع حساسة بالنسبة للسلطات الأميركية، مثل الهجرة وفلسطين.

ففي إحدى المقالات، جرى استبدال اسم “فريق العمل” باسمه، وفي 3 مقالات أخرى، تم استبدال اسم مستعار باسمه.

وتقول الصحفية المستقلة، التي تنتظر الحصول على بطاقة الإقامة الدائمة، إنها ستواصل الكتابة باسمها في المقالات “الخفيفة” وغيرها من المقالات التي لا تتعلق بإدارة ترامب، غير أن أي شيء يتعلق بموضوع “حساس” مثل الهجرة سيُنشر باسم مستعار، على الرغم من أن ذلك سيضر بمسيرتها المهنية وقدرتها على بناء سمعتها كصحفية.

احتياطات على مواقع التواصل

واضطر صحفي مستقل إلى مغادرة بعض مجموعات فيسبوك، وألغى إعجابه ببعض الصفحات، كما حذف حسابه على منصة إكس، وبعد رحلة خارجية مؤخرا، حذف تطبيقات التواصل مثل واتساب وسيغنال من هاتفه، قبل عبور الحدود إلى الولايات المتحدة، خوفا من أن تتم مصادرة هاتفه، وتفتيشه من قِبل الجمارك وحماية الحدود.

وقالت الصحفية المكسيكية ستيفاني أوتشوا أوروزكو، التي تعمل مراسلة لـ(Entravision) من البيت الأبيض، إنها ألغت رحلة كانت مقررة إلى بورتوريكو، وعلى الرغم من أنها تحمل بطاقة إقامة دائمة وأن بورتوريكو جزء من الولايات المتحدة، فقد سمعت “قصصا مرعبة” وفق وصفها، عن وجود ضباط في نقاط الهجرة بالمطارات.

واضطر صحفي مستقل إلى مغادرة بعض مجموعات فيسبوك، وألغى إعجابه ببعض الصفحات، كما حذف حسابه على منصة إكس، وبعد رحلة خارجية مؤخراً، حذف تطبيقات التواصل مثل واتس اب وسيغنال من هاتفه، قبل عبور الحدود إلى الولايات المتحدة، خوفاً من أن يتم مصادرة هاتفه، وتفتيشه من قبل الجمارك وحماية الحدود.

بواسطة معهد بوينتر

وحاولت أوتشوا أيضا تجنب أي موقف قد ينطوي على مواجهة مع الشرطة، أثناء تغطيتها للاحتجاجات في واشنطن ضد العرض العسكري لترامب الشهر الماضي، كما حاولت الابتعاد عن الضباط في الشارع.

وتؤكد أوتشوا أنها حريصة جدا على ما تنشره على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ لاحظت قبل حصولها على البطاقة الخضراء، أن حساب مكتب وزارة الأمن الداخلي في واشنطن على منصة إنستغرام كان قد شاهد إحدى “قصصها” على المنصة، وعلقت: “لقد فزعت حقا”.

وبصفتها صحفية، لطالما تجنبت أوتشوا مشاركة آرائها السياسية، لكنها تدرك الآن أن حتى أكثر الملاحظات حيادية يمكن أن يُساء فهمها.

فعلى سبيل المثال، يتضمن جزء من عمل الصحفية المكسيكية شرح قانون الهجرة والحقوق التي يتمتع بها المهاجرون، غير أن إدارة ترامب قد ترى بشكل خاطئ أن هذه القصص هي محاولات لمساعدة المهاجرين على تجنب استجواب الشرطة.

تقول أوتشوا: “أحاول أن أكون محايدة قدر الإمكان في تقاريري لتقديم ما يحتاجه مجتمعي، لأنني بحاجة إلى إخبارهم بحقوقهم، ولكن في الوقت نفسه، أحمي نفسي”.

وتضيف أخيرا “يجب أن أحافظ على أوراق اعتمادي، إذا لم أتمكن من الدخول إلى البيت الأبيض أو الكونغرس، فسأضطر إلى التوقف عن العمل كصحفية هنا”.

دورات وتعليمات للصحفيين

في الماضي، وقبل إرسال المراسلين إلى الميدان، كانت شركة (Conecta Arizona) الإخبارية المختصة في تغطية الحدود، تقدم نصائح أساسية مثل “ضعوا واقيا من الشمس” و”خذوا استراحات”.

والآن، باتت تشمل هذه النصائح وفق مؤسِّسة الشركة، ماريتزا فيليكس، تعليمات أخرى مثل “احملوا وثائق الهجرة الخاصة بكم” و”اكتبوا رقم محاميكم بقلم حبر على ذراعكم”.

وتقول فيليكس، وهي صحفية إسبانية، إن غرفة الأخبار التي تعمل بها خضعت لعدة دورات تدريبية للتحضير للوضع السياسي الحالي.

وعلى الرغم من أن أيا من صحفييها لم يبلغ عن تعرضه لمضايقات من المسؤولين، فقد أبلغوا عن زيادة عمليات التفتيش الثانوية في المطار وتأخير في معالجة أوراق الهجرة.

وتضيف فيليكس أنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه الأحداث مصادفة، أم نتيجة لتشديد الرقابة على المهاجرين والصحفيين.

شاركها.
Exit mobile version