كتب الصحفي غيوم دوفال أن الأحداث التي وقعت في أمستردام خطيرة وتظهر إلى أي مدى يمكن أن تؤدي سلبية القادة الأوروبيين في مواجهة ما يحدث في غزة، والآن في لبنان وبجميع أنحاء المنطقة، إلى عواقب كارثية لا على الفلسطينيين واللبنانيين وشعوب المنطقة -بمن فيهم الإسرائيليون- فقط، ولكن ربما على الأوروبيين كذلك.
وأوضح الكاتب -في مقال بمجلة لوبس الفرنسية- أن ما يحدث في غزة لا يؤثر على الأوروبيين فقط، لأنهم يعتمدون بشكل كبير على الغاز والنفط المنتجين في المنطقة وعلى البضائع القادمة من آسيا والتي تمر عبر قناة السويس، ولا لأن هذه الصراعات تهدد بإثارة موجات جديدة من اللاجئين القادرين على زعزعة استقرار أوروبا المشلولة، ولكن لأن هذا الصراع الذي طال أمده والمكثف لديه القدرة على إغراق العديد من بلدان أوروبا في حرب أهلية.
حان الوقت لأن تؤدي أحداث مثل تلك التي وقعت في أمستردام أخيرا إلى إخراج قادة أوروبا من غيبوبتهم العميقة قبل أن تصطدم المركبة بالحائط، لأن غيابنا من وجهة نظر قيمنا ومصالحنا جنون محض، ويمكن أن يقودنا نحو معاداة الليبرالية والحرب الأهلية.
ويرى الكاتب أن هذه الأحداث تؤدي في النهاية إلى تفاقم معاداة السامية التي تذكر بأحلك فترة في التاريخ الأوروبي، ولكنها في الوقت نفسه تؤدي إلى تفاقم العنصرية المعادية للمسلمين القوية جدا في جميع بلدان أوروبا، كما يتضح بشكل خاص من التقدم القوي لليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية الأخيرة.
ومع ذلك، لم يفعل زعماء أوروبا شيئا تقريبا منذ أكثر من عام حتى الآن لوقف القتال والمذبحة المصاحبة لسكان قطاع غزة، لكي يتم إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، ويتوقف تدمير ما تبقى من لبنان، ومن اللبنانيين الذين يغرقون في الفقر وتمكنوا من البدء في إعادة بناء دولتهم.
وذكر الكاتب أن أوروبا التي تعد الداعم الدولي الرئيسي للشعب الفلسطيني، والشريك الرئيسي لإسرائيل من خلال التجارة والاستثمار والتبادل البشري، ليست عديمة القدرة على التأثير، وإن لم تملك القدر نفسه من الثقل وخاصة العسكري، الذي تتمتع به الولايات المتحدة في المنطقة، ولكنها مع ذلك تستطيع أن تسهم بشكل كبير في إبقاء المدافع صامتة إذا أرادت حقا نهاية المذبحة.
غير أن قادتنا -كما يقول الكاتب- اختاروا عدم القيام بذلك، اختاروا السماح لحكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة بتنفيذ سياسة التطهير العرقي والضم دون عقاب، وتركوها تدوس على القانون الدولي كل يوم وتعمل على تدمير ما تبقى من مؤسسات العالم المتعددة الأطراف.
وختم الكاتب بأنه حان الوقت لأن تؤدي أحداث مثل تلك التي وقعت في أمستردام أخيرا إلى إخراج قادة أوروبا من غيبوبتهم العميقة قبل أن تصطدم المركبة بالحائط، لأن غيابنا من وجهة نظر قيمنا ومصالحنا جنون محض، ويمكن أن يقودنا نحو معاداة الليبرالية والحرب الأهلية.