بينما يخوض الجيش السوداني حربه ضد قوات الدعم السريع، يواجه الطلاب ظروفا قاسية لمواصلة تعليمهم في ظل النزوح والدمار الكبير الذي خلفته المعارك بين الجانبين.
ففي مدرسة كساب بمدينة القضارف التي زارها برنامج “عمران” في حلقة 2025/3/20، يتلقى بعض الطلاب دروسهم على الأرض أو تحت خيام من القماش، بسبب كثرة الأعداد التي تسبب بها النزوح.
ومع ذلك، لا تزال المدرسة متمسكة بالتقاليد القديمة للتعليم، من حرص على القرآن والحديث والأناشيد الوطنية في طابور الصباح. ووفقا لإحدى المعلمات، فإن الفصل الواحد من هذه الفصول يضم 80 طالبا.
وإلى جانب ذلك، فإن العديد من الأسر النازحة تسكن في هذه المدارس، لكنهم يتركونها صباحا حتى يتمكن الطلاب من تلقي دروسهم ثم يعودون بعد نهاية اليوم الدراسي.
وتجمع المدرسة العديد من المظاهر التي أفرزتها الحرب من أطفال نازحين وأسر فرت من القتال، ولم يعد لها مأوى غير المدارس.
تقاسم المدرسة بين الطلاب والنازحين
وفي مسعى لتأمين أجواء دراسية مناسبة -قدر الإمكان- تم إخلاء بعض الفصول بشكل كامل للنازحين حتى يضعوا بها أغراضهم ويعدون طعامهم ويقضون متطلباتهم اليومية، ويضم الفصل الواحد 4 أسر.
وبعد انتهاء اليوم الدراسي، تخرج هذه الأسر فرشها وأسرتها إلى ساحة المدرسة من أجل النوم، لكنهم يستيقظون مبكرا لإخلاء المكان قبل وصول الطلاب. أما الرجال فيذهبون إلى المساجد ولا يعودون إلا لتناول الطعام.
ورغم قسوة هذه الظروف، تقول هذه العائلات إنها تجد الأمن في هذه المدارس وهو أمر لم يكن متوفرا في بيوتهم بسبب الحرب.
واستقبلت مدرسة كساب أكثر من 200 طالبة بسبب الحرب، رغم أنها لم تكن قادرة على تلبية حاجات طلابها الأساسيين قبل هذه الأزمة، كما قالت إحدى المعلمات بالمدرسة.
ويعاني هؤلاء الطلاب عجزا في الكتب والأدوات والحقائب والمقاعد، لكنهم يتقاسمون ما يصل إليهم حتى يتمكنوا من مواصلة تعليمهم.
رسل التعليم
ويتقاضى المعلمون رواتب زهيدة لا تتجاوز 60 دولارا في الشهر، لكنهم يعتبرون أنفسهم رسل تعليم، ويحاولون مواصلة المسيرة مع الطلاب حتى لو تتوقف مسيرتهم.
ويأمل العاملون في مدرسة كساب أن يعاد بناء هذه المدرسة على نحو يتماشى مع أهمية التعليم ويساعد الطلاب على الدراسة في ظروف صحية تتماشى مع ما وصل إليه العالم من تطور.
تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 19 مليون طالب فقدوا مقاعدهم التعليمية في السودان بسبب الحرب الأخيرة، وهو عدد يفوق من فقدوا تعليمهم في الوطن العربي كله خلال السنوات الأخيرة والذين يقدرون بـ15 مليونا، حسب البرنامج.
وتم إغلاق أكثر من 10 آلاف مدرسة من أصل 22 ألفا في السودان بسبب الحرب، وتم تحويل 2600 مدرسة إلى مراكز إيواء للنازحين.