شهد شاطئ غراندفيو في إنسينيتاس بولاية كاليفورنيا الأميركية حادثة استثنائية، حيث تم العثور على سمكة “المجداف” الضخمة، المعروفة باسم “سمكة يوم القيامة” أو “نذير الهلاك”، نافقة على الشاطئ.
وتُعد هذه الواقعة الثانية من نوعها في المنطقة خلال 3 أشهر فقط، مما أثار اهتمام الباحثين والجمهور على حد سواء.
هذه السمكة، التي يبلغ طولها 10 أقدام، تم العثور عليها من قِبل معهد سكريبس لعلوم المحيطات التابع لجامعة كاليفورنيا في سان دييغو. ونُقلت إلى مختبر المعهد لدراستها والحفاظ عليها.
في شهر أغسطس/آب الماضي، اكتشفت سمكة مجداف أخرى بطول 12 قدما في كهف “لا جولا” على بعد 20 ميلا جنوب شاطئ غراندفيو.
حقائق علمية عن سمكة المجداف
سمكة المجداف، وهي مخلوق بحري غامض يعيش في أعماق المحيط على عمق يصل إلى 3300 قدم (1000 متر) في منطقة الميسوبيلادجك، نادرا ما تظهر على السطح.
منذ عام 1901، تم توثيق ظهور 21 سمكة مجدافية فقط على شواطئ كاليفورنيا. يبلغ طولها في العادة حوالي 20 إلى 30 قدما، وتتميز بجسمها الطويل والشريطي الفضي، مما يجعلها مخلوقا يثير الرهبة والتساؤلات.
ارتباط ظهور السمكة بالتغيرات البيئية
وفقًا لبن فريبل، مدير مجموعة الفقاريات البحرية بمعهد سكريبس، قد تكون التغيرات في ظروف المحيط، بما في ذلك ظواهر النينيو والنينيا، وراء ازدياد ظهور هذه السمكة على الشواطئ.
ظواهر النينيو والنينيا، هما حالتان متعاكستان من دورة طبيعية تُعرف باسم التذبذب الجنوبي المرتبط بدرجات حرارة سطح المحيط (ENSO)، وتحدثان نتيجة تغيرات في درجات حرارة سطح المحيط والرياح في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادي. تؤثر هاتان الظاهرتان بشكل كبير على المناخ العالمي وظروف الطقس.
وأضاف بن فريبل أن الرياح والظواهر البيئية الأخرى، مثل المد الأحمر، وهو ظاهرة طبيعية تحدث نتيجة تكاثر مفرط وغير طبيعي لنوع معين من الطحالب البحرية المجهرية في المياه الساحلية، قد تكون عوامل إضافية تسهم في هذه الظاهرة.
وتابع “ربما يعكس هذا الظهور تغيرات أوسع نطاقًا في النظام البيئي للمحيطات. ومع ذلك، لا تزال الأسباب الدقيقة مجهولة”.
أسطورة “سمكة الهلاك” والأدلة العلمية
يربط البعض بين ظهور سمك المجداف والكوارث الطبيعية، خاصة الزلازل، مثل التالي:
زلازل وتسونامي في إندونيسيا، ارتبط ظهور السمكة المجدافية ببعض الزلازل والتسونامي التي ضربت إندونيسيا، بما في ذلك كارثة تسونامي عام 2004، التي أسفرت عن مقتل مئات الآلاف.
في فبراير/شباط 2010، قبل الزلزال الكبير الذي ضرب تشيلي بقوة 8.8 درجات، ظهرت عدة تقارير عن رؤية أسماك مجدافية نافقة على سواحل البلاد، أثار هذا الحدث حينها نقاشًا حول احتمال وجود علاقة بين ظهور السمكة والزلازل.
في عام 2011، قبل زلزال اليابان المدمر الذي بلغت قوته 9 درجات، تم رصد أكثر من 20 سمكة مجدافية على شواطئ اليابان. ومع ذلك، أظهرت دراسة يابانية في عام 2019 عدم وجود دليل علمي يدعم هذه المزاعم.
قبل زلزال كايكورا في 2016 الذي بلغت قوته 7.8 درجات، تم الإبلاغ عن ظهور سمكة مجدافية على الشواطئ النيوزيلندية.
في يوليو/تموز 2020، تم العثور على سمكة مجدافية نافقة في الفلبين، أعقبها زلزال بقوة 5.9 درجات بعد أيام قليلة.
وفي كاليفورنيا، في أغسطس/آب 2024، عُثر على سمكة مجداف نافقة على أحد شواطئ كاليفورنيا، ما أثار الحديث مجددا عن علاقتها بالكوارث، خاصة بعد وقوع زلزال بقوة 4.6 درجات في لوس أنجلوس بعد اكتشاف إحداها.
مع ذلك، تم الإبلاغ عن ظهور سمكة مجدافية نافقة في عامي 2019 و2023، لكن لم تُسجل زلازل كبيرة بعدها، مما يضعف فرضية الارتباط المباشر.
اكتشاف نادر يفتح أبواب البحث العلمي
على الرغم من الأساطير المرتبطة بهذه السمكة، يعتبر الباحثون أن ظهورها فرصة فريدة لدراسة بيئتها وسلوكها. يقول فريبل: “مشاهدات نادرة كهذه تقدم نافذة للتعرف على هذه الكائنات وسلوكياتها الغامضة”.
ومع انتقال السمكة إلى مختبر معهد سكريبس، يأمل الباحثون في الكشف عن المزيد من المعلومات حول بيولوجيتها وتاريخ حياتها، وتحديد إذا ما كان هذا الظهور النادر يشير إلى تغيرات بيئية أعمق.
ظهرت السمكة المجدافية لأول مرة في الأدبيات العلمية في القرن التاسع عشر، لكن صورتها الغامضة ألهمت العديد من الأساطير البحرية في الثقافات المختلفة.
في اليابان، تُعرف بـ”ريوجين نو تسوكاي” أو “حامل رسائل إله البحر”، ويُعتقد أنها تحمل إنذارات من الأعماق. كما نُسجت حولها قصص تربطها بالكوارث الطبيعية في الثقافات الساحلية الأخرى.