تمثل مدينة دمشق نموذجا فريدا للتكامل بين الروحاني والدنيوي، حيث تتعانق المآذن مع أسواقها العتيقة في نسيج حضاري متماسك، تروي حكاية تاريخ يمتد لألف عام من العلاقة المتناغمة بين المسجد والسوق والخان.

واستعرضت حلقة 2025/3/20 من برنامج “في رحاب الشام”، التاريخ العريق لمدينة دمشق التاريخية، وسلطت الضوء على العلاقة الفريدة بين المساجد والأسواق والخانات التجارية في المدينة العريقة.

وبدأت الحلقة بوصف دمشق بأنها “مدينة الألف مئذنة والألف مسجد والألف محراب”، حيث تمتزج الروحانية بالحياة اليومية في نسيج المدينة.

وبينت الحلقة أن انتشار المساجد في دمشق بدأ منذ اللحظة الأولى لدخول الإسلام إليها، لتصبح المساجد حاضرة في كل حي وحارة وسوق، وأبرزت الارتباط القوي بين الأسواق والمساجد في دمشق.

وتطرقت بالتفصيل إلى خان الحرير، أحد أقدم الخانات التاريخية في دمشق، والذي بناه درويش باشا قبل حوالي 500 عام كوقف للإنفاق على جامع الدرويشية.

وكان الخان بمثابة فندق للتجار، إذ كان الطابق الأرضي مخصصا للإسطبلات والطابق العلوي للغرف.

وتطرقت الحلقة أيضا إلى طريق الحرير التاريخي الذي كان يمر بدمشق، وكيف تحول استخدام الخان عبر العصور ليصبح مركزا تجاريا يضم محلات لبيع مستلزمات الخياطة بالجملة.

التكامل بين التجارة والعبادة

وشملت الجولة جامع الدرويشية الذي بناه درويش باشا، والذي لم يكن مجرد مسجد بل مجمعا علميا ودينيا يضم مكتبة وسبيل ماء ومدرسة لطلاب العلم، إضافة إلى جامع عبد الله باشا العظم المعروف بزخارفه البديعة والمقرنصات والحجر الأبلق.

وسلطت الحلقة الضوء على التكية السليمانية، التي شيدها السلطان سليمان القانوني على ضفة بردى لتكون دارا للعلم والعبادة والضيافة وملاذا للمحتاجين، إذ تتميز بمآذنها النحيلة التي تشبه أقلام الرصاص.

وخُتمت الحلقة بزيارة خان أسعد باشا العظم، الذي وُصف بأنه “أجمل خانات الشام” وأحد أفخم “الفنادق” في عصره.

وكان هذا الخان يجمع بين الوظيفة التجارية والسكنية، ويعد بمثابة “بورصة” تجارية تشبه بورصة نيويورك في عصرنا الحالي.

وأكدت الحلقة في ختامها على أن دمشق تمثل نموذجا فريدا للتكامل المعماري والاجتماعي، حيث “المسجد ليس مجرد مكان للصلاة، والسوق ليس مجرد دكاكين بيع وشراء”، بل هي منظومة مترابطة تعكس البنية الاجتماعية المتماسكة التي ميزت الحياة الدمشقية عبر القرون.

شاركها.
Exit mobile version