تكشف دراسة بحثية رائدة نُشرت في مجلة “ناتشر كيمستري” الدورية، منظورا مختلفا لانتشار جزيئات الماء على سطح المياه المالحة متحدية بذلك النماذج التقليدية. ويكشف البحث الذي أجراه فريق من جامعة كامبردج ومعهد ماكس بلانك عن تنظيم مختلف للأيونات وجزيئات الماء على سطح محاليل المياه المالحة، والمعروفة باسم محاليل الإلكتروليت، ليخالف بذلك المفاهيم العلمية المعتادة.

فالتفاعلات الأساسية المتعلقة بالظروف المناخية والتغيرات البيئية تحدث عند أسطح المياه، حيث تتفاعل جزيئات الماء مع الهواء، فمثلا يُعد تبخر مياه المحيط عنصرا حاسما في كيمياء الغلاف الجوي، ودراسة هذه التفاعلات من شأنه تعزيز قدرة العلماء على فهم مدى تأثير البشر على كوكب الأرض، وكيفية معالجة التأثيرات السلبية إن أمكن.

ويعد الفهم الدقيق للتفاعلات المجهرية في السطح الفاصل بين الماء والهواء محلّ نقاشات حادة وطويلة، ففي الطريقة التقليدية تُستخدم تقنية “توليد مجموع الترددات الاهتزازية” (VSFG) بالاستعانة بإشعاع الليزر. وتتيح هذه التقنية قياس قوّة الإشارة للاهتزازات الجزيئية الموجودة على السطح، لكنها تخفق في قياس نوع الإشارة وما إذا كانت موجبة أو سالبة، وهو ما يجعل من الصعب الوصول إلى نتائج كاملة ومرضية.

وإضافة إلى ذلك، فإن استخدام البيانات التجريبية وحدها يمكن أيضا أن يمنح نتائج غامضة، في حين تعالج التقنية الجديدة المستخدمة مسألة نوع الإشارة من خلال تطوير التقنية السابقة وإضافة نماذج حاسوبية متقدمة لمحاكاة التفاعلات الكيميائية في سيناريوهات مختلفة.

وأظهرت النتائج أن كلا من الأيونات الموجبة (الكاتيونات) والأيونات السالبة (الأنيونات) مستنفدة من السطح الذي يفصل بين الماء والهواء. وهذا ما يخالف مناهج الكتب الدراسية، بل إنّ الأيونات الإلكتروليتات تعمل على توجيه جزيئات الماء في الاتجاهين العلوي والسفلي.

ويقترح الباحثون أنه في أعلى السطح توجد طبقات قليلة من الماء النقي، تليها طبقة غنية بالأيونات، وأخيرا المحلول الملحي.

وتكمن أهمية هذه الدراسة في الوصول إلى استنتاجات حقيقية عن علاقة العوامل الخارجية بالماء، وفهم التغيرات الطارئة على أيّ مسطح مائي مثل البحار والمحيطات بفعل الغلاف الجوّي، لأنّ المياه هنا هي مستودع من المعلومات والحقائق عن تاريخ الكوكب لملايين السنوات.

شاركها.
Exit mobile version