من أحد أنفاق غزة ينقطع الاتصال بمقاوم فلسطيني وأسيرة من الاحتلال بفعل القصف الذي يتعرض له القطاع، وهو ما يقود الأحداث والحوار في فيلم “ظلال الحرية” لمخرجه الفلسطيني نورس أبو صالح لأبعاد أخرى.

سعة الفكرة وضيق النفق

يقول نورس أبو صالح للجزيرة نت “تم تصوير الفيلم من الناحية الفنية بأسلوب الموقع الواحد”، وهي فكرة تستهويه لكونه يصنع قصة من التفاصيل الموجودة في الموقع والحوار بين الأشخاص الموجودين في نطاق واحد دون الانتقال إلى موقع آخر، وهي كذلك العوامل التي تجذب المشاهد نحو سيناريو جديد كل مرة وسط قصف يتأثر به النفق باستمرار.

كانت تلك أدوات المخرج الفلسطيني لجذب المشاهد نحو 15 دقيقة مكثفة من الأفكار دون تسلل الملل.

ينقطع الاتصال بهما، ويحاول المقاوم تأمين الأسيرة وتسليمها من أجل صفقة تبادل أو هدنة إنسانية في تلك المرحلة، وبسبب حصارهما معا في ذلك النفق يقوم بينهما حوار جاد حول القضية الفلسطينية وتفاصيل من على الحق ومن على الباطل؟ ولماذا هناك مقاومة؟ ولماذا هناك احتلال؟، وكل منهما يدفع بحججه باتجاه معين، بالإضافة إلى سَوق خلفيات إنسانية.

وفيما يبذل المقاوم الفلسطيني وسعه في محاولة الحفاظ على “الوديعة” حسب الوصف الذي اختاره الفيلم للأسرى، بحثا عن تحرير أسيرات فلسطينيات وتحقيق هدنة توقف آلة القتل، يجري حديثا مع الأسيرة يقطعه حينا قصف جديد، وحينا آخر تمثُّل النزعة المتأصلة في الكل الإسرائيلي في تلك الأسيرة المجنّدة “مع وقف التنفيذ”.

يركز أبو صالح في أعماله على الجوانب الوطنية التي يواكب فيها مجريات الواقع (الجزيرة)

هشاشة عقيدة المحتل وتحيّز العالم

أما “فاطمة” شقيقة المقاوم الشهيدة، فأخذت النقاش لأوجه أكثر صراحة، إذ لم يشفع لها “جمالها الفلسطيني” بأن تلقى تعاطف الغرب كما هو الحال مع شقراوات “كييف” الأوكرانية، التي ما فتئت الأسيرة تحن لعودتها إلى هناك حيث أصولها مع أول اختبار، تاركة خلفها ما كانت تجادل بكونها “أرض الميعاد”.

كما يجري تناول قصة الأسيرة الفلسطينية المحررة إسراء الجعابيص، التي شرح المقاوم ما فعله الاحتلال بأصابعها، ووجهها الجميل للأسيرة الإسرائيلية، ثم استدرك في تصوير يحمل فكرة تكامل الصبر والقوة “لكننا كلنا أصابعها”.

الفن في الرد على زيف الرواية

وما يثير الاهتمام في الفيلم هو أنه لأول مرة يتم تناول جانب متخيّل مما يحدث في الأنفاق، ويكشف مخرج الفيلم للجزيرة نت أن من دوافعه لإنتاج هذا الفيلم فضلا عن الشعور بالمسؤولية الفنية الأخلاقية تجاه ما يحصل في غزة وفلسطين، فهو أيضا بمثابة الرد بالرواية الفلسطينية على الحجج الإعلامية التي باتت تتهاوى، بداية من الحديث عن قتل 40 طفلا وتقطيع رؤوسهم وتعليقهم في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وصولاً لمسألة التحرش الجنسي التي نفاها الأسرى ذاتهم عندما خرجوا.

ويضيف أبو صالح “مع ذلك ما زالوا يرددون هذه الأكذوبة، وتسوق أميركيا هذه الحجة التي ما زالت تتردد على ألسنة الإعلاميين، لذا كان يجب أن يتم رد المزاعم وتكذيبها، والفن إحدى وسائل إيصال هذه الرسالة خاصة أننا نتحدث عن أسيرة إسرائيلية، والمقاوم يعرف أنه سيسلمها لإنجاز صفقة”.

ويتناول الفيلم المقاوم الملثم بكونه إنسانا، له خلفية إنسانية وأحلام وعائلة ورسالة، و”أنسنة” هذا المقاوم هو دور الفن، وفقا لمخرج العمل، ويضيف أبو صالح “واجبي كشخص ينتمي إلى هذا الشعب المقاوم أن أقوم بهذا الدور”.

تم العرض الأول الخاص للفيلم قبل أيام في إسطنبول قبل عرضه للجمهور عبر الإنترنت، ونورس أبو صالح هو مخرج فلسطيني بدأ مسيرته في إخراج الأعمال الفنية الغنائية الوطنية، وشكّل إخراجه الفيلم الدرامي الطويل “معطف كبير الحجم” نقلة في سيرته الإخراجية وهو فيلم أطلق في عام 2015 في عمان، ويتناول القضية الفلسطينية بين عامي 1987 إلى عام 2006 بمشاركة مجموعة من النجوم الفلسطينيين والأردنيين.

شاركها.
Exit mobile version