في مقال سابق نُشر في الحادي والعشرين من سبتمر/أيلول المنصرم بعنوان كامالا هاريس رئيسة لأميركا أشرت إلى بعض الاستدراكات على النموذج التنبّئِي الذي ابتدعه البروفيسور آلان ليكمان ذي الثلاثة عشر مفتاحًا، وقد شملت الرؤية النقدية التي تم تقديمها وقتذاك، إغفال النموذج لتأثير الحملات الانتخابية الموجهة عبر وسائل الإعلام الجديد، كشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، ومدى قدرتها على الوصول لشريحة الناخبين المستقلين، خاصة في الولايات المتأرجحة.

رغم أنّ ليكمان حسم أمر الرئاسة لكامالا هاريس، فإنّ هذا المقال موجّه لنقاش جملة من القضايا التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار قبل الجزم النهائي بفوز طرف على آخر في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، ويمكن طرح هذه القضايا عبر الأسئلة الآتية:- ما هي المتغيرات الفعلية في الولايات المتأرجحة كإحدى أهم الأوراق الحاسمة لتحديد نتيجة السباق الرئاسي، ولمصلحة أي مرشح تسير؟

ما مدى وحجم تأثير المال السياسي الموجه عبر وسائل الإعلام غير التقليدي في تعزيز فرص المرشحين؟ ما طبيعة التأثير الذي تلعبه الحرب على غزة في الانتخابات الأميركية؟ إلى أي مدى تمكّنَ المرشحان من الوصول لشريحة أكبر من الناخبين عبر ما يسمى بالخطاب النهائي؟ ما هو شكل الأجندة الملحة والمرتقبة للرئيس القادم للولايات المتحدة، بغض النظر عمن سيفوز؟

الولايات المتأرجحة

يبلغ عدد الولايات المتأرجحة سبعًا، وهي: أريزونا، جورجيا، ميشيغان، نيفادا، كارولينا الشمالية، بنسلفانيا وولاية ويسكونسن.

ويُضاف لهذه الولايات المذكورة ولاية أخرى يعتبرها الكثير من المراقبين ذات قابلية كبيرة للتحول إلى ولاية متأرجحة في الانتخابات الحالية، وهي ولاية تكساس، وذلك بفعل التغيير الديمغرافي الذي ظلت تشهده طوال الأعوام الفائتة، وبالتالي هناك قابلية في أن تصبح ضمن المناطق القابلة للذهاب لكلا الحزبين، على خلاف العادة في كونها إحدى معاقل الجمهوريين التقليدية.

وبهذا المعنى فإنّ الولاية المتأرجحة هي الولاية التي يتمتع فيها المرشح الديمقراطي أو الجمهوري بفرصة واقعية للفوز وبشكل متساوٍ.

ما يؤكد الدور الحاسم للولايات المتأرجحة في تحديد نتيجة السباق الرئاسي المقبل، هو أنّ المرشحة الديمقراطية هاريس، والمرشح الجمهوري ترامب قد قاما بأكثر من 200 زيارة إلى هذه الولايات السبع، في الفترة الممتدة من الحادي والعشرين من يوليو/ تموز تاريخ خروج جو بايدن من السباق، وحتى مساء الحادي والثلاثين من أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وقاما بإنفاق مليار دولار في الإعلانات الموجهة للناخبين عبر وسائل الإعلام خاصة الجديدة منها.

ولعل هذا الإنفاق المالي الكبير يعكس أمرًا مقلقًا لجهة قدرة الديمقراطية الأميركية في التعبير عن الناخبين، وليس أصحاب الأموال، وأصحاب المصالح. وفي هذا الجانب فإن مالك تويتر(سابقًا) منصة (أكس) حاليًا قد دفع لحملة ترامب مبلغ 75 مليون دولار.

ويتضح تأثير الصرف المالي الذي تم في المناطق المتأرجحة من خلال التقدم الذي حققته هاريس. فوفقًا لأحدث مجموعة من استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة ماريست بين يومي 27 و30 أكتوبر/ تشرين الأول، اتضح أنّها تتقدم على ترامب في ولايات: ميشيغان، ويسكونسن وبنسلفانيا.

وسط شريحة الناخبين المستقلين، ولكي يفوز دونالد ترامب بالانتخابات، يحتاج إلى الفوز بإحدى هذه الولايات الثلاث لصالحه. وإذا نجحت المرشحة الديمقراطية في الاحتفاظ بهذه الولايات الثلاث التي فاز بها بايدن في العام 2020، بالإضافة إلى حصولها على ولاية نبراسكا التي تمثل 3 أصوات ضمن الكلية الانتخابية، فإنّها ستحصل على 270 صوتًا من المجمع الانتخابي المطلوب للفوز بالانتخابات، مقرونًا ذلك بفوزها بالولايات الزرقاء التي تُعد معقل الديمقراطيين التقليدية.

في الجانب الآخر من تأثير الصرف المالي بالولايات المتأرجحة، يظهر ترامب تقدمًا بسبعِ نقاط في ولاية جورجيا التي نجح جو بايدن في الفوز بها في العام 2020، ويعود تقدمه بسبب الدعم المتواصل الذي يحصل عليه من المصوتين البيض غير الحاصلين على تعليم جامعي، وتُعد هذه من أبرز نقاط ضعف هاريس التي تعاني من عدم قدرتها على توسيع دائرة حظوظها وسط الرجال البيض، بجانب بعض الاستطلاعات التي تظهر ميل الناخبين الرجال من السود لدعم ترامب.

في ذات المنحى فإن ترامب يحقق تقدمًا نسبيًا في ولاية أريزونا، خاصةً وسط الكتلة اللاتينية التي تمثل ثلث مجموع الناخبين؛ بسبب قضايا الهجرة والاقتصاد التي تُعد ضمن نقاط ضعف كامالا هاريس.

تتوقف حظوظ هاريس للفوز بهذه الولاية التي تُعد أقرب لترامب على ضمان نسبة تصويت عالية في منطقة بيما (Pima County) ذات الثقل الديمقراطي، والتي كانت سببًا في فوز بايدن في العام 2020، إذْ حصل على نسبة 60% من أصوات الناخبين، الأمر الذي مكنه من معالجة العجز التصويتي الذي واجهه في المناطق الأخرى.

وإجمالًا يمكن القول إنّ كامالا هاريس تتفوق على ترامب في الولايات المتأرجحة بنسب ضئيلة، ولكنها مؤثرة. ورغم هذا التقدم النسبي للمرشحة الديمقراطية، فإنّها تعاني من تداعيات الحرب على غزة وسط الناخبين العرب والمسلمين في ولاية ميشيغان، وربما استفاد ترامب من هذه النقطة، وتحويل هذه الولاية المهمة لصالحه، الأمر الذي ربما يشكل عقبة في طريق هاريس للبيت الأبيض، وذلك من واقع أنّ معظم ولايات الغرب الأوسط الأميركي لها نمط تصويتي متشابه، بمعنى أنّ خَسارة ميشيغان، ربما تعني خسارة كل هذا الحزام التصويتي.

غزة والسباق الرئاسي

من المنظور التاريخي ترتبط القضايا التي تتحكم في الانتخابات الأميركية بالشأن الداخلي أكثر من العامل الخارجي، ولكن الانتخابات الرئاسية لعام 2024 حملت متغيرًا جديدًا، تمثل في الموقف العام من سياسة إدارة بايدن الداعمة للحرب الإسرائيلية على غزة، والتي أصبحت إحدى القضايا المركزية في الحملات الانتخابية.

ووَفقًا لمؤشرات عديدة، ربما تحدد تداعيات هذه الحرب نتيجة الانتخابات الرئاسية الحالية. وبغض النظر عن أي قراءة قُدمت لتفسير الأسباب التي دفعت بايدن للانسحاب من الترشح لولاية ثانية من قبيل كبر سنه، وبالتالي عدم قدرته على إدارة الدولة لأربع سنوات قادمة، يظلّ أمر تدني شعبيته بسبب دعمه الأعمى لآلة الحرب الإسرائيلية التي حصدت أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء في غزة، أحد أهم العوامل التي وضعت نهاية دراماتيكية لمستقبله السياسي الذي لم يتخيل أكثر المتشائمين أنّه سينتهي بهذه الطريقة.

ولم يقف الأمر عند حد انسحاب بايدن، بل تعداه لأبعد من ذلك، ويظهر هذا جليًا في اختيار تيم والز كنائب للمرشحة الديمقراطية بدلًا عن جاك شابيرو حاكم ولاية بنسلفانيا، والتي تعد إحدى أهم الجوائز الانتخابية التي يشتد حولها تنافس كبير بين ترامب وهاريس.

وقد كانت حظوظ شابيرو في أن يترشح مع كامالا أكبر من أي مرشح آخر، ولكن مرة أخرى كانت غزة حاضرة، حيث تم استبعاده؛ بسبب موقفه الداعم للعدوان على غزة، بجانب وجود مقال رأي كتبه أثناء وجوده في الكلية تم الكشف عنه مؤخرًا، والذي عرَّف فيه نفسه بأنه متطوع سابق في جيش الدفاع الإسرائيلي، وذكر في ذلك المقال أنّ الفلسطينيين “ذوو عقلية قتالية” للغاية، بحيث لا يسعون إلى تحقيق السلام مع إسرائيل، وبالتالي تجب محاربتهم.

وقد لعب الجناح التقدمي داخل الحزب الديمقراطي المتعاطف مع ضحايا الانتهاكات التي تمت في غزة دورًا محوريًا في استبعاد شابيرو واختيار تيم والز كنائب لهاريس، وكانت المساومة قائمة على عدم العمل مع كامالا إذا أصرت على اختيار حاكم ولاية بنسلفانيا كنائب لها.

لا شك أن موضوع الحرب على غزة سيلقي بظلاله من جديد، وذلك بالنظر للناخبين المسلمين في أميركا، والذين يقدر عددهم بنحو 4.5 ملايين ناخب، مع الأخذ في الاعتبار أنّ شريحة مقدرة منهم تتواجد في الولايات المتأرجحة، الأمر الذي يعني قدرتهم الحاسمة على تحديد نتائج السباق الرئاسي، والمستويات الانتخابية الأخرى.

وبقراءة فاحصة لبعض نتائج الانتخابات الرئاسية في عام 2020، فإنّ حوالي 65 في المائة من الناخبين المسلمين في هذه الولايات قاموا بالتصويت لصالح بايدن، وقد شكل ذلك الدعم أحد أسباب فوزه بالرئاسة، ويتضح ذلك بالوقوف على الهامش الضئيل الذي مكنه من الفوز، ففي ولاية جورجيا فاز بفارق 12 ألف صوت فقط، وهي الولاية التي صوت فيها أكثر من 61 ألف مسلم، وفي بنسلفانيا بفارق 81 ألف صوت، حيث صوت فيها 125 ألف مسلم، وفي ولاية ميشيغان فاز بفارق 154 ألف صوت فقط، بينما فاز ترامب بذات الولاية في العام 2016 بأقل من 11,000 صوت.

ووفقًا لمصلحة الإحصاء الأميركية في العام 2020، فإنّ عدد المسلمين الذين يتواجدون في ميشيغان يبلغ عددهم 250,000 فرد، الأمر الذي يعني وجود دور حاسم لهم في هذا السباق الانتخابي مقرونًا مع توجهات بعض المسلمين الذين سموا أنفسهم غير الملتزمين للتصويت لخيار حزب الخضر برئاسة جيل إستاين، مما يضعف حظوظ المرشحة الديمقراطية هاريس، ولربما يستفيد من ذلك دونالد ترامب، ويتوقف ضمان أو خسران أصوات المسلمين وغيرهم من الناخبين الآخرين على طبيعة الخطاب النهائي الذي ألقاه كلا المرشحين في هذا اليوم الحاسم من عمر السباق نحو البيت الأبيض.

الخطاب النهائي للمرشحين ودلالاته

اختارت هاريس أمام ما يقرب من 75 ألفًا من الحضور أن تتحدث من المنطقة التي قام دونالد ترامب بتحريض أنصاره على مهاجمة مبنى الكونغرس الأميركي في 6 يناير/كانون الثاني 2021 عندما رفض الاعتراف بنتيجة الانتخابات وسعى لعرقلة اعتمادها، وبدلًا من خطاب الكراهية والعنف الذي يتبناه غريمها السياسي، عمدت إلى تقديم خطاب مختلف يركز على مخاطبة المستقبل بدون إغفال تذكير الناخبين الأميركيين بحجم التهديد الذي يشكله المرشح الجمهوري على الديمقراطية الأميركية.

ودعت للوحدة من خلال التذكير بأنّ ما يجمع الأميركيين أكثر مما يفرقهم في معركة بناء المستقبل الذي يتطلب الاستماع لكل المواطنيين بغض النظر عن انتماءاتهم الجغرافية، الدينية، السياسية وهويتهم البيولوجية، مع تعهد بدعم الطبقة الوسطى التي تعتبرها عماد الاقتصاد الأميركي.

في المقابل ومن داخل حديقة ماديسون سكوير بنيويورك والتي تبعد فقط 200 ميل عن المكان الذي قدمت منه هاريس خطابها النهائي للناخبين، اختار ترامب تقديم خطابه النهائي، والذي وصف فيه منافسته الديمقراطية بأنها “حطام لقطار قام بتدمير كل شيء لقيه في طريقه”.

وأضاف حلفاؤه على المسرح أنّ بورتوريكو “جزيرة عائمة من القمامة” مع وصف كامالا هاريس بالكثير من الألفاظ البذيئة. من جانبه تعهد ترامب بتنفيذ أكبر عملية ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة، وفرض تعريفات جمركية واسعة النطاق لرفع حجم الإيرادات وتعزيز الصناعة الأميركية.

وقد سيطر على خطاب ترامب التذكير بالتهديد الوجودي الذي يمثله المهاجرون للاقتصاد والثقافة الأميركية، بجانب العمل على إثارة الفروقات الثقافية بين مختلف المكونات.

ويتضح من حجة الطرفين في خطابهما النهائي أنّ إستراتيجية المرشحة الديمقراطية كانت قائمة على الوصول إلى شريحة ضيقة من الناخبين المترددين؛ ومن بينهم العديد من الجمهوريين المعتدلين وبعض المستقلين، بمعنى آحر توسيع قاعدة كتلتها التصويتية، بينما فريق المرشح الجمهوري ركّز بشكل أكبر على تنشيط قاعدته الحزبية، والوصول إلى بعض الناخبين الذين يشعرون بالإحباط من الاتجاه الذي تسلكه البلاد، ويبحثون عن التغيير.

والسؤال الذي لا يمكن الإجابة عنه هنا هو: هل نجح كل طرف في الوصول لمبتغاه أم لا من خلال الخطاب النهائي؟ هذا ما ستحدده نتائج الانتخابات، ولكن بغض النظر عن هوية الفائز سيواجه الرئيس القادم تحديات مصيرية يجب التعامل معها.

أجندة الرئيس القادم

في أمسية الثلاثاء 24 سبتمبر/ أيلول المنصرم، استضاف المجلس الأطلسي في منتدى المستقبل العالمي وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس – والتي تعمل حاليًا كأستاذة للعلوم السياسية بجامعة ستانفورد، وكذلك تشغل منصب مدير معهد هوفر للسياسات  العامة  للحديث عن أولويات أميركا على خلفية الانتخابات الرئاسية الحالية.

قالت رايس “من يسكن البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني 2025 يحتاج إلى إدراك أن الولايات المتحدة ليس لديها خيار الآن سوى المشاركة في العالم ومحاولة تشكيل البيئة الدولية”. في إشارة منها لتحدي وجود حقيقي يواجه الفائز، وهو هل سيترك لموسكو وبكين أمر تشكيل البيئة الدولية، أم ستقوم واشنطن بتشكيلها من خلال العمل مع حلفائها؟

ورغم أنّ النقاش مع رايس في تلك الأمسية قد غطى الكثير من الموضوعات – والتي تفاوتت بين الحرب الروسية الأوكرانية، تحركات الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مستقبل الذكاء الاصطناعي ومخاطر الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني – فإنّها اهتمت بالتأكيد على أنّ أهم أجندة الرئيس الأميركي القادم، هو أن تظل أميركا متصلة بالعالم.

ومن وجهة نظر تحليلية، فإن كونداليزا رايس تعزز وجهة نظر المدرسة الواقعية الهجومية في العلاقات الدولية، والتي ترتكز في سياق الحالة الأميركية على اعتبار أنّ الأمن الوطني لواشنطن يبدأ من أي نقطة تتواجد فيها مصالح حيوية للولايات المتحدة، بمعنى آخر عدم السماح لأي قوة بالظهور الفاعل الذي يهدد نفوذها وسيطرتها على العالم.

الخلاصة

من واقع الحال يصعب التكهن بنتائج انتخابات الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ولكن يمكن القول إن مخرجاتها ستؤثر على مجريات السياسة الخارجية والداخلية للولايات المتحدة الأميركية.

فعلى الصعيد الخارجي يبدو أنّ فوز هاريس سيفتح الباب لمزيد من تفاعل واشنطن مع العالم في إطار الطرح الذي تفضلت به كونداليزا رايس، وبالتالي ستشهد منطقة الشرق الأوسط نوعًا من الاهتمام الأميركي والتفاعل النسبي المعقول مع قضاياها، وإن كانت الأولوية الإستراتيجية لأميركا ستكون في منطقة آسيا لمحاصرة النفوذ الصيني.

وفي المقابل فإنّ فوز ترامب سيعزز من العزلة الأميركية في إطار تواصلها مع بقية العالم، مع وجود استثناء وهو التركيز على آسيا والصين تحديدًا، وهذا الانشغال الأميركي المتوقع عن الشرق الأوسط ربما قاد لإطلاق يد إسرائيل في تشكيل مستقبل الشرق الأوسط وتصفية القضية الفلسطينية برمتها.

وعلى الصعيد الداخلي المحكوم بالقلق على مستقبل الديمقراطية والخوف من مجهول الانقسام المجتمعي، فإنّ أميركا ستستمر في التشظي الثقافي القائم على انعدام الحوار المدني الذي يحترم الآخر وحقه في الوجود، وستتعزز حالة الاصطفاف السياسي القائمة على نشر خطاب الكراهية والكراهية المتبادلة، مع عدم إغفال أمر أكثر خطورة على الاستقرار السياسي والأمني، وهو استمرار التشكيك في قواعد اللعبة الديمقراطية، وعدم الاعتراف بالمؤسسات الفدرالية التي تعتبر رمزًا مهمًا للاتحاد الذي تأسس قبل قرنين، لتكون المحصلة أحد أمرين:

  • نجاح الرئيس القادم في تجاوز حالة التشظي الداخلي، ودعم الاستقرار السياسي والمجتمعي الذي سينعكس إيجابًا على حظوظ أميركا في لعب دورها الخارجي والمحافظة على وضعيتها كقوة عظمى.
  • فشل الرئيس الجديد في توحيد المجتمع وقيادته، وبالتالي استمرار الولايات المتحدة في الانحدار في هذا المستنقع الخطير، والذي سيقضي على كل ما بنته واشنطن منذ الحرب العالمية الثانية.

وتبدو حظوظ هذا السيناريو الأخير- الفشل – أكبر؛ بسبب أنّ المرشحين لا يمتلكان الكاريزما اللازمة لإعادة بناء الوحدة من جديد، فهاريس لا تستطيع أن تتواصل مع شريحة مقدرة من أنصار ترامب الذين يشكلون نصف المجتمع، وفي المقابل فإنّ ترامب غير مستعد للاعتراف بالنصف الآخر من المجتمع الذي يوجد خارج دائرته الضيقة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

شاركها.
Exit mobile version