دخلت الأندية الأربعة المرشحة للمجد الأوروبي هذا العام إياب الدور نصف النهائي دون أن يحسم أيّ منهم الأمور ولو جزئيا في الذهاب، وفي نسخة كسرت كل التوقعات الممكنة بالفعل، كان من الصعب توقع طرفي النهائي بشكل حاسم.

في النهاية، كان لدورتموند الكلمة الأخيرة في حديقة الأمراء بعد رأسية ماتس هوملز، بينما حسم الريال الأمور في الدقيقتين 88 و91 بهدفي خوسيلو بعد 105 دقائق حبست الأنفاس.

دفاع مستميت

دخل سان جيرمان لقاء العودة في ملعب حديقة الأمراء وهو متأخر في النتيجة، فكان المسعى واضحا منذ اللحظة الأولى، وهو تسجيل التعادل في أسرع وقت ممكن، لكنه تفاجأ بفريق يدافع باستماته عن تقدّمه، ولا يلعب مباراة مفتوحة كالذهاب.

سيطر باريس على الشوط الأول بأكمله (63% استحواذ مقابل 37% فقط لدورتموند)، على الرغم من ذلك فشل رفقاء مبابي في اختراق دفاع دورتموند الرصين.

وضع مدرب دورتموند إيدين تيرزيتش أكثر عدد من لاعبيه في عمق الملعب، مع تقارب خطوط الفريق بخطة 4-5-1، محاولا توجيه إنريكي ورجاله نحو الأطراف، وهو ما نجح فيه بالفعل، ففي شوط اللقاء الأول 17% فقط من لمسات الفريق الباريسي كانت في الوسط “عمق الملعب”.

لم تكن المهمة سهلة حتى على أطراف الملعب، بأدوار دفاعية واضحة لسانشو وكريم أديمي، ودعم ممتاز من كلاهما لأظهرة دورتموند، الأمر الذي تؤكده الأرقام بالفعل.

ففي الشوط الأول خرج سانشو بـ6 استخلاصات ناجحة، وهو ضعف ما حققه أي لاعب آخر من دورتموند.

لا تلومنّ إلّا نفسك

بعد دقيقتين فقط من انطلاقة الشوط الثاني، هدد باريس مرمى دورتموند تهديدا حقيقيا هو الأول في اللقاء، بعرضية مبابي، التي وصلت لزائير إيمري لكن تسديدة الأخير ارتطمت بالقائم.

بعد 3 دقائق فقط على تلك الفرصة قفز هوملز فوق الجميع ليسجل هدف فريقه الأول، ليتقدم دورتموند بفارق هدفين.

الفريق الألماني استغل إحدى أبرز نقاط قوته وهي الضربات الثابتة، فهو الفريق الأكثر تهديدا لمرمى الخصوم في البوندسليغا من هذه المواقف، بـ17 هدفا متوقعا، نتج عنهم 14 هدفا بالفعل.

بعد هدف هوملز كانت المباراة سِجال، لكن بحلول الدقيقة 70 وحتى نهاية اللقاء سيطر باريس تماما على المباراة بنسبة استحواذ وصلت إلى 83%، ممطرا مرمى دورتموند بوابل من الفرص، لكن بسالة لاعبي دورتموند مع مساعدة كبيرة من القائمين والعارضة، أبوا دون عودة الفريق الباريسي.

ماتس هوملز

في الوقت الذي كان فيه باريس قريبا جدا من التسجيل، خرج هوملز من تحت الأرض بتدخل استثنائي على مبابي في الدقيقة الـ35، ليمنعه من تسديد الكرة من مسافة قريبة جدا، هذه الكرة ارتدت بعد ذلك بهجمة كانت الأخطر لدورتموند في الشوط الأول.

ولم يكتفِ هوملز بذلك، بل سجل هدف فريقه الوحيد، ليصبح أكبر لاعب ألماني يسجل هدفا في تاريخ إقصائيات دوري الأبطال.

ماتس خرج من سهرة الثلاثاء وهو اللاعب الأكثر فوزا بالصراعات الثنائية من الفريقين (7)، والأكثر تشتيتا للكرات (10)، والأكثر فوزا بالتدخلات (4)، والأكثر اعتراضا للكرات أيضا (3)، ليفوز بجائزة رجل المباراة مرة أخرى بعد أن فاز بها أيضا في الذهاب.

 

توني كروس

دخل الريال لقاء العودة محاولا خلق الخطورة على مرمى الفريق البافاري من الثواني الأولى، أما بايرن فدخل اللقاء بخطة 4-4-2 وبلعب دفاعي متوسط إلى منخفض، الهدف الأساسي منه هو توجيه الريال نحو أطراف الملعب ووضعه في مصيدة الضغط هناك.

نجح بايرن بذلك في الدقائق الأولى، لكن سرعان ما وجد ريال مدريد الحل في أقدام توني كروس.

فعندما انعدمت حلول الاختراق على الجهة اليسرى، كان توني يحوّل اللعب بتمريرة واحدة للجهة اليمنى من الملعب بأسرع وأدق ما يمكن، ليخلق بذلك أفضلية لفريقه على الجهة المعاكسة، وهو ما نتج عنه عدة فرص للملكي (18 تمريرة طولية ناجحة في الشوط الأول).

فينيسيوس يعيث فسادا

في الشوط الثاني ضاعف ريال مدريد سيطرته وأزعج بايرن بوضوح، خصوصا من الجهة اليسرى.

صرح كيميتش قبل اللقاء أن مهمة إيقاف فينيسيوس جونيور هي مهمة تقع على عاتق العمل الجماعي للفريق بأكمله وليس على لاعب واحد فقط، وهو ما حدث بالضبط، حيث بُنِي هيكل الفريق البافاري دفاعيا في الجهة اليسرى على هذا الأساس.

ولم يقع فينيسيوس في موقف واحد ضد واحد بشكل صريح إلا نادرا، حيث كانت غالبية المواقف ضد لاعبين أو أكثرـ لكن بشكل ما، نجح فيني في خلق الخطورة من هذه المواقف دون أي عناء.

ربما عاش كيميتش كابوسه الأكبر في ليلة الأربعاء، فحتى مع مساعدة لايمر ودي ليخت لم يقو على إيقاف فينيسيوس، حيث قام اللاعب بأكثر عدد من المراوغات خلال اللقاء (7)، وكان قريبا من التسجيل أكثر من مرة.

ريال مدريد الحاسم

في الدقيقة الـ68، وبعد تمريرة ساحرة من هاري كين، سجل ديفيز هدفا رائعا بقدمه الضعيفة في لحظة معاكسة تماما لمجريات اللقاء.

بعد 5 دقائق فقط، ظنّ البعض أن ريال مدريد لن يكون موفّقا هذه الليلة في بطولته المفضّلة، بعد أن أُلغي هدف تعادل الفريق بعد العودة إلى الفار.

لكن الرهان على ريال مدريد في دوري الأبطال بالتحديد هو الرهان الأكثر أمانا في هذه اللعبة، فتلك لم تكن سوى البروفة التحضيرية لسيناريو أكثر إبهارا.

نوير الذي كان رجل المباراة لمدة 87 دقيقة، أخطأ فجأة في الإمساك بالكرة التي وُضعت في الشباك بواسطة البديل خوسيلو.

ولتكتمل اللوحة، يسجل خوسيلو من جديد في الدقيقة الـ91، مؤكّدا على أسطورية ريال مدريد التي لا تنتهي في بطولته المفضّلة، مؤكدا كلام مدربه كارلو أنشيلوتي أن النادي الملكي دائما ما يجد طريقة للنجاة.

شاركها.
Exit mobile version