ذكرت دراسة جديدة أن انقراض أكبر الرئيسيات المعروفة، وهو قرد عملاق من الصين، نتج بسبب كفاحه من أجل التكيف مع التغيرات البيئية. وتسد هذه النتائج فجوة رئيسية في فهمنا لسبب فشل هذا النوع في البقاء على قيد الحياة رغم استمرار الرئيسيات الأخرى المماثلة.

ووفقا للدراسة التي نُشرت في مجلة  نيتشر، فإن الكائن المسمى الجيجانتو هو نوع من القردة العليا عثر عليه في الصين منذ ما بين مليونين و330 ألف سنة، وبعد ذلك انقرضت هذه الأنواع، كما يذكر البيان الخاص بالدراسة.

ويصل ارتفاع هذه القردة إلى 3 أمتار وتزن ما بين 200 و300 كلغ، ويُعتقد أن هذا الكائن هو أكبر الرئيسيات الموجودة على الأرض على الإطلاق.

تفسير سبب انقراض هذا القرد المسمى الجيجانتو يعد إنجازا نادرا في علم الحفريات (شترستوك)

المنقرض الوحيد

ويعتقد العلماء أن القرد العملاق الجيجانتو هو القرد الضخم الوحيد الذي انقرض في أحدث فترة مرت على الأرض في العصر البليستوسيني، فجميع المجموعات الأخرى من القردة العليا، بما في ذلك الغوريلا والشمبانزي وإنسان الغاب وأسلاف الإنسان؛ لا تزال موجودة حتى اليوم.

وبعد أكثر من 85 عاما من البحث، لم يعثر علماء الآثار إلا على أسنان وأربعة عظام فك تعود لهذا النوع المنقرض. وفي الدراسة الجديدة، جمع الباحثون ثروة من الأدلة بما في ذلك الحفريات وصخور الكوارتز والرواسب وحبوب اللقاح من 22 موقعا وكهفا عبر مقاطعة قوانغشي في جنوب الصين، وقاموا بتأريخها باستخدام 6 تقنيات مختلفة.

تقول المؤلفة المشاركة في الدراسة “كيرا ويستواي” لـ”الجزيرة نت” عبر البريد الإلكتروني، وهي أستاذة التاريخ الطبيعي المشاركة في جامعة ماكواري الأسترالية: إن إعادة بناء حدث انقراض مثل هذا يعد إنجازا نادرا في علم الحفريات ويتطلب تأريخا دقيقا، ففي حالة الانقراض يتعلق الأمر كله بالتوقيت، وإذا لم يكن لديك توقيت مناسب فأنت تبحث فقط عن أدلة في الأماكن الخاطئة أو أنك تنظر فقط إلى فترات زمنية طويلة جدا”.

ولتحديد تاريخ كل موقع استخدم الباحثون تقنيات التأريخ، مثل قياس كمية اليورانيوم التي امتصتها الحفريات مع مرور الزمن، أو تحليل الإشارة الضوئية التي أطلقها الكوارتز في التربة عندما تم تفجيرها بالليزر. ووفرت هذه النتائج للعلماء تواريخ وقعت في النافذة الضيقة بين 295 ألفا و215 ألف سنة.

وتضيف ويستواي: “أردنا أن نكون دقيقين جدا حتى نتمكن من النظر إلى ما كان عليه حال البيئة في ذلك الوقت. ولسوء الحظ لم تكن السجلات البيئية المتوفرة بالفعل مفصلة للغاية، لذلك أعدنا أيضا بناء البيئة التي عاشت فيها القرود العملاقة باستخدام حبوب اللقاح، وتحليل الرواسب التفصيلية للغاية، وتحليلات النظائر الموجودة في أسنان القرد العملاق”.

تحذر الباحثة من بوادر انقراض سادس يهدد بيئات القردة الحالية نتيجة لتسارع معدلات إزالة الغابات، والتأثيرات المتفاقمة لتغير المناخ.
الباحثة كيرا ويستواي تحذر من بوادر انقراض سادس يهدد القردة الحالية بسبب تسارع معدلات إزالة الغابات وتغير المناخ (شترستوك)

غابة نابضة بالحياة

أسفر البناء الافتراضي للظروف البيئية القديمة عن تصور يعود إلى ما يقرب من 2.3 مليون سنة يصف موطن القرد العملاق بأنه غابة نابضة بالحياة مع فسيفساء من الأشجار والأعشاب، حيث يعيش “إنسان الغاب” و”الجيجانتو” ويزدهران معا في هذه البيئة الحرجية.

لكن المشهد تغير بشكل جذري قبل انقراض القرود العملاقة منذ ما بين 600 ألف و300 ألف سنة. فما كان ذات يوم غطاء كثيفا من الغابات، أصبح سهولا مفتوحة تنتشر فيها السرخس والأعشاب. وما كان ذات يوم مناخا مريحا مع توفر الغذاء والماء المفضل لديها على مدار العام، أصبح الآن غير مستقر حيث تقتصر المياه على موسم الأمطار فقط.

وأوضحت الباحثة المشاركة في الدراسة أن هذه البيئة غير المستقرة وضعت “الجيجانتو” تحت ضغط هائل نظرا لضخامة حجمه وصعوبة تنقله لمسافات بعيدة، بينما نجح أسلاف البشر في الانتقال إلى مواقع أخرى بحثا عن الغذاء.

وتحذر الباحثة من بوادر انقراض سادس يهدد بيئات القردة الحالية نتيجة لتسارع معدلات إزالة الغابات، والتأثيرات المتفاقمة لتغير المناخ.

شاركها.
Exit mobile version